ورقة التصويت أغلى من الإنسانية عند الديمقراطيين
الخبر:
علقت مجلة “شبيغل” على موقعها الإلكتروني على النتائج القوية التي أحرزها حزب “البديل من أجل ألمانيا” في الانتخابات الأخيرة في ثلاث ولايات في ألمانيا، بقولها:
“ليس من الضروري أن نعجب بحزب “البديل من أجل ألمانيا”، لكن يمكن رفض مواقفه ومحاربتها… غير أن الأحد الماضي الذي شهد الانتخابات كشف عن شيء وهو أنه بالنسبة للكثير من الناخبين كان هذا الحزب فعلا البديل الوحيد الذي يمكن انتخابه مقارنة مع العروض المتبقية على ورقة التصويت. ونظرا للتحالف الكبير الذي التف حول سياسة اللجوء الليبرالية للمستشارة، كان هذا الحزب هو السبيل الوحيد للتعبير عن امتعاضهم من تلك السياسة”. [المصدر: DW]
التعليق:
بهذه النتيجة المدوية للانتخابات في ثلاث ولايات ألمانية يعلن الألمان رفضهم سياسة استقبال اللاجئين ومساعدتهم التي انتهجتها السيدة ميركل من الحزب المسيحي الديمقراطي وشريكه في الحكم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث حقق الحزب اليميني جديدُ العهدِ في الساحةِ الديمقراطية الألمانية نتائجَ مبهرة وصلت به بقفزة من العدم إلى ثاني حزب شعبية في مقاطعة سكسونيا السفلى بنسبة 29% مقابل 33% للحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم، وفي المقاطعتين الأخريين حقق فوزا على الأحزاب الشعبية العريقة حتى أصبح منافسا حقيقيا ومتقدما على الشركاء في الحكم.
وقد قال رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري هورست زيهوفر، وهو شريك التحالف المسيحي الحاكم في برلين، إن سبب هزيمة حزب ميركل في الانتخابات المحلية في ثلاث ولايات يوم الأحد هو سياستها بشأن اللجوء.
هذه هي الانتخابات الثانية التي تجري في ألمانيا منذ إعلان سياسة فتح الحدود لاستقبال اللاجئين المشردين في جنوب وجنوب شرق أوروبا، الهاربين من ويلات الحرب في سوريا على وجه التحديد والعراق ثانية وأفغانستان. وهي بمثابة فاتورة استحقاق تكشف عن حقيقة النازية المتأصلة في نفوس الأوروبيين بشكل عام، حيث نشهد مثيلا لذلك في فرنسا التي حقق حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف فيها الفوز في نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية، وحصل على نحو 30 في المائة من الأصوات.
التوجه اليميني في أوروبا يكشف في الدرجة الأولى عن فشل المبدأ الرأسمالي في جمع الشعوب الأوروبية نفسها أو ربطها، ناهيك عن مساعدتهم للغريب المستضعف الذي لم يقبلوا استقباله إلا لمصالح داخلية من مثل استعادة نشاط المجتمع ديمغرافيا بزيادة نسبة الشباب في المجتمع الأوروبي العجوز، وتأمين مرتبات التقاعد للسنوات المقبلة بعد أن أدت قلة الإنجاب إلى التهديد بالانقراض على المدى القريب وتنقيص عدد العاملين مما يهدد صندوق التقاعد والتزاماته للعجزة في مستقبل قريب جدا. أو لمصالح خارجية تكمن في تفريغ البلاد من السكان لتأمين مصالحها من خلال الطبقة الحاكمة التي تتولى شؤون البلاد رغما عن أنف السكان، وهي بذلك تصرح “من لا يعجبه هذا الحال فليرحل”.
إلا أن الشعوب التي مورس عليها المبدأ الرأسمالي لسنوات طويلة، والتي لا تعرف إلا مصالحها، قد عاقبت الأحزاب التي انتهجت هذا النهج لما فيه من خطر على القوميات – حسب زعمهم – وهي الرابطة الهابطة التي يتمسك بها الإنسان عند الوقوع في الخطر.
لم يكن غير هذا متوقعا في أوروبا، وهو ليس مستهجنا، ولكن المستغرب أن تكون هذه النظرة الضيقة هي السائدة في بعض البلاد الإسلامية وخاصة تلك المتاخمة لسوريا والتي يعتبر حكامها أن تقديم المساعدة هو فضل ومنة، ويريدون تحقيق أرباح من خلال قبولهم باللاجئين في بلادهم، أو من خلال منع تدفقهم على أوروبا كما فعلت تركيا في طلبها من الاتحاد الأوروبي منحها ستة مليارات يورو وتأشيرات دخول مجانية لأهل تركيا لأوروبا، والتعهد بإعادة البحث في طلب الانضمام للاتحاد الأوروبي.
هكذا أصبحت دماء المسلمين وأرواحهم وضعفهم وسيلة لهذا وذاك لتحقيق مصالح أنانية وتجارة بالمستضعفين سياسيا وفعليا.
لا خلاص لنا ولهم إلا بواحدة؛ خلافةٍ راشدةٍ على منهاج النبوة، نعيد بها عزنا ومجدنا.
﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَىْ أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة – ألمانيا