ما يجب أن يتوقف هو تمردكم على شرع الله وانبطاحكم لأمريكا!
الخبر:
نشرت جريدة الانتباهة السودانية خبراً بعنوان: “قرار بمعاملة الجنوبيين كأجانب وتهديد بإغلاق الحدود” يوم الجمعة 2016/3/18 جاء فيه:
“قرر مجلس الوزراء، معاملة رعايا دولة الجنوب المقيمين بالسودان بوصفهم أجانب لدى تلقيهم لخدمات الصحة والتعليم.
كما قرر المجلس في جلسته برئاسة الرئيس البشير أمس، التحقق من هوية أهل الجنوب المقيمين بالبلاد، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال كل من لا يحمل جواز سفر وتأشيرة دخول رسمية خلال أسبوع. بالمقابل، هددت الرئاسة باتخاذ إجراءات لحماية البلاد حتى لو أدى ذلك لإغلاق الحدود مرة أخرى مع دولة الجنوب، حال لم تتوقف جوبا عن دعم التمرد في المنطقتين ودارفور. ونقل الرئيس البشير لرئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي، بأن السودان لا يستطيع أن يستمر بهذه الحالة إذا لم تتوقف دولة الجنوب عن دعم التمرد. وقال مساعد الرئيس إبراهيم محمود حامد، إن جوبا مستمرة في دعم المعارضة من المنطقتين والمعارضة من دارفور… إلى آخره.”
التعليق:
تمر السودان بأسوأ الأوقات من كل النواحي؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تستمر الحكومة في لعب دورٍ أساسيٍ في تنفيذ المخطط الأمريكي فيما يُعرف بمخرجات الحوار الوطني العلماني لتقسيم السودان على أساس عرقي كما حدث مع انفصال الجنوب، وما هذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء إلا تكريس لهذه المؤامرة التي أرهقت أهل السودان وحرمتهم الأمن والأمان وعملت على نشر الكراهية والحقد بين أطياف الشعب في شمال وجنوب البلاد وغربه وشرقه. فقد أخذت السلطات أملاك أهل الجنوب ورحلتهم قسراً من شمال البلاد، وتركتهم لمصير مجهول بين أيدي عصابات التمرد المجرمة التي أصبحت بالانفصال ذات سلطة وعلاقات خارجية معترفاً بها ولديها أجهزة ودولة، وخرج عليها متمردون من قبائل جنوبية أخرى لتتفاقم المشكلة، وليعلن الشعب في الجنوب أنه يريد إلغاء هذا الانقسام الذي ضيعهم ونغص عليهم عيشهم في الجنوب وفي الشمال.
والأسوأ من هذا وذاك؛ الفئة المنسية من المسلمين في الجنوب “النصراني”، لقد أصبحوا ممنوعين رسمياً من الإقامة في الشمال العربي “المسلم”، إلا باستخراج هذه الأوراق التي يصُعب عليهم توثيقها وإثبات هوياتهم، فالأغلبية غير متعلمة وتعيش حياة بسيطة جداً وتعمل بالزراعة والرعي، فضاعت حقوق المسلمين “الأفارقة” في الجنوب، واعتُبروا رعايا تابعين للحكومة الجنوبية الحاقدة على الإسلام، حكومة هدمت مساجدهم وأحرقت أراضيهم واغتصبت نساءهم وحرمت أولادهم من التعليم والعمل، وهذا طبيعي عندما تُجعل الرابطة الوطنية والقومية والقبلية هي أساس العلاقات بين الناس بدلاً من توفير ما يحتاجه الإنسان ليعيش بكرامته، وتجد القوانين تستند إلى المصالح المادية والمنفعة لمن بيده السلطة والسلاح ولا تجد لرعاية الشؤون وحل المشاكل قيمة، وتجد الجميع ينحاز لقبيلته وجنسه ولا يكون للدين أو حياة الإنسان أي أهمية، وقد نجح الغرب حين فرقنا وفرض سيادته علينا!
إن قرارات حكومة البشير هي قرارات ظالمة مجحفة لأنها قرارات تستند إلى خارطة الطريق الأمريكية التي أعدتها وأعلنتها بكل صراحة، وما الحوار الوطني الذي يتحكم به أمبيكي، كاره الإسلام، والذي سعى جاهداً لانفصال الجنوب ليتحرر “النصارى من قبضة العرب”، إلا دليل على فشل حكومة الإنقاذ، فلا يجرؤ الرئيس على أكثر من أن يلجأ إليه أمبيكي وأن يشتكي له، فأي انبطاح هذا وأي ضياع للأمانة وأي خذلان للمسلمين ولغير المسلمين في السودان؟! والأسوأ قادم فهذا الحوار الوطني السطحي والذي يدعو لهوية سودانية ليقصي بها الهوية الإسلامية ويطمسها لا يناقش القضايا المهمة لرعاية شؤون الشعب من مأكل وملبس وسكن وعمل وتعليم وتطبيب بل هدفه ترسيخ الحريات الغربية من خلال الدستور العلماني التوافقي ليصبح أهم أدوات السياسة الأمريكية لتمزيق ما تبقى من السودان بتقسيم السلطة بين الحركات المسلحة المنخرطة في “الحوار” بحجة تقرير المصير على الأساس القبلي مرة أخرى، وتريد الحكومة الآن تكرار عملية الانفصال في دارفور وفي “المنطقتين”؛ ذلك المصطلح المبهم الذي يروج له إعلام النظام تمهيداً لتمزيق آخر، فلم يعد لرابطة العقيدة الإسلامية ولا لتطبيق الأحكام الشرعية في نظام حكم عادل يساوي بين جميع الناس بغض النظر عن عقائدهم وأجناسهم، لم يعد لنظام الإسلام مكان، ذلك النظام الذي يشهد له التاريخ بأنه النظام الوحيد القادر على توفير الرعاية للبشرية، فلم يجعل بينهم حدوداً ولا سدوداً، ولم تكن السلطة بيد السفهاء، بل بيد الحاكم الراشد الذي يطبق أحكام الإسلام كاملة في دستور مصدره القرآن والسنة وكان له الأثر العظيم في الارتقاء بالبشرية من مستنقع القتل والفساد والإفساد والكفر والبعد عن الله والمصالح المادية إلى نهضة فكرية حقيقية بالإيمان الذي ألّف بين قلوب البشر ووحّدهم في دولة واحدة يحكمها حاكم واحد حماهم من مطامع الكافر المستعمر وجعل الحوار دائماً على أساس الإسلام فعاش الناس بسلام.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة محمد حمدي – ولاية السودان