الاجتماع الثّامن لدول الجوار الليبي في تونس بقيادة الاتّحاد الأوروبي ليس من أجل مصلحة ليبيا أو شمال إفريقيا
بيان صحفي
الاجتماع الثّامن لدول الجوار الليبي في تونس بقيادة الاتّحاد الأوروبي
ليس من أجل مصلحة ليبيا أو شمال إفريقيا، إنّما هو من أجل الدّفاع عن نفوذ أوروبا في المنطقة
دُعي إلى تونس يومي 21 و22 آذار/مارس 2016 وزراء خارجيّة الدول المحيطة بليبيا (تونس والجزائر وتشاد والنيجر ومصر والسودان) بحضور ممثّل الأمم المتّحدة مارتن كوبلر وممثّل عن الاتّحاد الأوروبي وممثّل عن الجامعة العربيّة وممثّل عن الاتّحاد الإفريقي. وهو اجتماعهم الثامن ناقشوا فيه تطورات الأوضاع فى ليبيا: الوضع السياسي وترتيبات تنفيذ الاتفاق السياسي وتشكيل الحكومة والوضع الأمني.
إنّ النّاظر في حال ليبيا لا يرى غير الاحتراب والتّنازع، بسبب الصراع الدّائر عليها بين أمريكا وبين أوروبا بزعامة بريطانيا (وفرنسا إلى حدٍ ما، ثم شيء من إيطاليا) وهو صراع دولي بتسخير أدوات محليّة وإقليمية (دول الجوار الليبي). وممّا يدلّ على ذلك:
1- أن أمريكا تتظاهر بقبولها للاتفاق السياسي في الصخيرات في الوقت الذي تعمل على تأخير تنفيذه، ففي تصريح لوزير خارجيتها جون كيري قال: (عملنا بجد شديد في الأشهر الماضية على وجه الخصوص من أجل تشكيل حكومة في طرابلس. وإذا لم يتمكنوا من الاتفاق ستصبح ليبيا دولة فاشلة)، فيدّعي أنه عمل بجد على تشكيل الحكومة! أي بمقاييس أمريكا وإلا أفشلتها، ولأن حكومة الصخيرات لم تكن كذلك عملت على عرقلة تشكيلها بذريعة واهية عن طريق عملائها في برلمان طبرق عندما رفضوا تشكيلها من 32 وزيراً، فحاول السراج مراضاة عملاء أمريكا وقام باختصار عدد أعضاء الحكومة فشكلها من 18 وزيراً ومن ثم عرضها على برلمان طبرق يوم 2016/2/23 فرفضها البرلمان. وهذا يعني أنّ أمريكا غير راضية عن تشكيل الحكومة، لأن تشكيلها لم يأت حسب ما تريد فسعت في إفشالها.
2- أمّا أوروبا بزعامة بريطانيا (صاحبة النّفوذ في شمال إفريقيا) فهي تعمل على إنجاح اتفاق الصخيرات وتشكيل حكومة السرّاج وإقرارها لأنها ما زالت تسيطر على الوسط السياسي المستمرّ منذ حكم القذّافي. فقد صرّح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند حين زيارة الجزائر يوم 2016/2/19 أن (“التدخل العسكري في ليبيا لا يمثل الحل الأنسب لتسوية الأزمة التي تشهدها البلاد ودعا إلى حل سياسي”، وبمثل ذلك جاءت المواقف الفرنسيّة والإيطاليّة.
وفي هذا الإطار جاء اجتماع تونس يومي 21 و22 آذار/مارس 2016 الذي تقف وراءه بريطانيا بسند من فرنسا لتستعمل قواها الإقليمية في إنجاح العملية السياسية في ليبيا وعرقلة التدخل العسكري الذي تروج له أمريكا المصرّة على أن يكون لها نصيب من ليبيا…
هذا الصّراع الدّولي الاستعماري المستعر في ليبيا يجعلنا نقول إنّه من غير المتوقع أن تنشأ حكومة ذات شأن في ليبيا تستطيع أن تحفظ أمناً أو توجد استقرارا، رغم الاجتماعات الثمانية لدول جوار ليبيا ورغم الاتّفاقات المعقودة، ورغم الدّعم المعلن من الجميع لحكومة السّرّاج. وأكثر ما نتوقّعه هو حكومة ثالثة لا حول لها ولا قوة، وبخاصة أن أمريكا كانت تهوِّن من شأن أي حكومة جديدة تنشأ، فقد أوردت صحيفة “جارديان” البريطانية يوم 2016/03/18 أنّ تقريرا لمجموعة “صوفان”، وهي مركز أبحاث أمريكي مقره نيويورك، أفاد بأنه “إذا تم تشكيل حكومة وحدة وطنية، فمن المحتمل أن تواجه برفض من الفصائل التابعة للحكومتين المتصارعتين لقبول شرعيّتها“، وحذر التقرير من أنّ “الحكومة الوليدة ستخوض على الأرجح معركة قبل أن يجف حبر توقيع اتفاق تشكيلها”).
هكذا تعبث الدّول الاستعماريّة بالمنطقة وهكذا تمهّد تونس والجزائر لبريطانيا وأوروبا من أجل إخضاع ليبيا وأهلها، بمؤتمرات مشبوهة لا تخدم إلا مصالح الأعداء المستعمرين.
أيّها المسلمون:
إنّ تونس والجزائر وليبيا وكلّ بلاد المسلمين لن تستقرّ حتى تُقطع أيدي هذه الدول الاستعمارية عن التدخل، وحتّى تُزال أدواتهم المحلية الرخيصة، التي باعت نفسها لبريطانيا أو أمريكا، تهيئ لهم التدخل، وتخدمهم فيه وتقاتل عنهم بالوكالة في حرب مزعومة على “الإرهاب” المصنوع أمريكيّا!
أيّها المسلمون، أيّها الضبّاط والجنود:
أنتم أحفاد عقبة بن نافع وطارق بن زياد اللذين قادا جيوش المسلمين فصار شمال إفريقيا بلدا واحدا جزءاً من دولة الخلافة وصار شمال إفريقيا قوّة إقليميّة وثغرا من ثغور الخلافة أرهب الأوروبيين الصّليبيين لقرون طويلة، وما كان لأمريكا أن تمرّ سفنها من المتوسّط إلا بإذن من ولاة الخلافة في الجزائر وتونس وليبيا.
الأصل أن تجتمع قيادات جيوشكم من المغرب إلى مصر فتتوحّد تحت قيادة واحدة مخلصة لدينها وبلدها وأمّتها من أجل تخليص ليبيا من التّدخّلات الاستعماريّة فترفضوا كل أنواع التدخل الأجنبي وتطردوا المستعمرين من البلاد، أوروبيين كانوا أو أمريكان، ونبذ كلّ حلولهم ومشاريعهم، وتطهير بلاد المسلمين من جحافل الاستخبارات الأوروبيّة والأمريكيّة، الأصل أن تصرف الجهود في ذلك وهو حلّ ميسور لو صحّت العزائم وتوكّلتم على ربّكم.
فالواجب أن تستلموا زمام الأمور لتعيدوا للمسلمين سلطانهم المغتصب ليبايعوا خليفة لرسول الله e يُقيم حكم الله في أرضه…
والله القوي العزيز ناصر من ينصره، فـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية تونس