صدق بلير وإن كان من الكاذبين
الخبر:
نشرت صحيفة الصنداي تايمز يوم الأحد 27 آذار/مارس 2016 مقالا لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير يقول فيه: “شهدت الخمسون عاما الأخيرة تطورات داخل العالم الإسلامي أحدثت بدورها تغييرا في النظرة لدور الدين وعلاقته بالسياسة وموقفه من الأديان الأخرى وهي التطورات التي لا تتفق ومبادئ العالم الحديث”.
التعليق:
صدقت يا بلير، وإن كان الصدق منك براء؛
صدقت في الأولى، عندما قلت أن النظرة إلى الدين وعلاقته بالسياسة قد تغيرت في العالم الإسلامي، فها هي الأمة قد استيقظت من غفلتها، وبدأ الوعي والفهم الصحيح للإسلام يتبلور في الأذهان، وقد فهم المسلمون أن لا ملجأ ولا مخرج من ضنك الدنيا إلا بتبني الإسلام منهاج حياة.
أردتم أن يكون الدين مقصورا على علاقة الإنسان بخالقه، وأنه التزام روحي فردي فقط لا غير، فصورتم الإسلام بأنه دين كهنوتي كما هو حال الأديان السابقة، مع أن الإسلام من ذلك براء حيث الناظر في أحكامه ومعالجاته يجدها تعالج مشاكل الحياة جميعا، وإذا كان الحكم هو رأس السياسة، فماذا نقول في قوله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، ﴿هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، ﴿هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ﴾، ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾… هذه هي المكانة الحقيقية للدين، أن يحكم الحياة بجميع مجالاتها وأن ينضبط سلوك الأفراد وفق أفكار ومفاهيم الإسلام.
وصدقت في الثانية عندما قلت “أن هذه التطورات لا تتفق ومبادئ العالم الحديث”.
فإذا كنت تعني بمبادئ العالم الحديث الديمقراطية والعلمانية والرأسمالية وما انبنى عليها من مفاهيم كالحريات العامة فنحن حقا لها بالضِّد والصَّد، ونعتبرها مبادئ لحياة الجاهلية الحديثة، كيف لا وهي من جعلت الهوى سيدا ومشرعا لها، كيف لا وهي من سببت الحروب والدمار، كيف لا وهي من جعلت من خُمس سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر المدقع، كيف لا وهي من خصّت واحداً بالمائة من سكان العالم، عام 2015، بثروات تزيد على ثروات 99% من سكان الكرة الأرضية…!!
في الختام نقول، ها قد بان جليا للعيان أن ما يؤرق الغرب وأذنابه، وما يفزع منظريه ووكلاءه، ليست أسلحة هي الدمار الشامل من نووي وكيميائي، وليس الإرهاب وتمدد تنظيم الدولة، إنما يخافون من أن يؤخذ الإسلام كاملا بعقيدته وأنظمته دون تقزيم ولا تدرج، ويكون ذلك من خلال دولة تطبق النظام المنبثق عن هذه العقيدة وتحمله رحمة للعالمين.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: «الإِسْلامُ وَالسُّلْطَانُ أَخَوَانِ تَوْأَمٌ، لا يَصْلُحُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلا بِصَاحِبِهِ، فَالإِسْلامُ أُسُّ وَالسُّلْطَانِ حَارِسٌ، وَمَا لا أُسَّ لَهُ مُنْهَدِمٌ، وَمَا لا حَارِسَ لَهُ ضَائِعٌ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس