تحديد النسل ما بين شباب المجتمعات وشيخوختها
الخبر:
رويترز- الاثنين 2016/03/28.. “قررت السلطات في العاصمة الصينية بكين تمديد الإجازة التي يحصل عليها الآباء والأمهات عند استقبال مولود جديد في أحدث مسعى على ما يبدو لتشجيع الأسر على الإنجاب.
وقالت وكالة تشاينا نيوز الحكومية للأنباء إن الآباء في بكين سيحصلون على إجازة أبوة مدتها 15 يوما بموجب القاعدة الجديدة. ويحصل الآباء الجدد في الصين حاليا على ما يتراوح بين ثلاثة وعشرة أيام إجازة وفقا لمكان إقامتهم. ويمكن للأمهات في بكين تمديد إجازتهن إلى سبعة أشهر كحد أقصى إذا وافق أرباب العمل. ويعني ذلك تمديد الإجازة بواقع 30 يوما عما هي عليه الآن.”
التعليق:
إن الصين بلد واسع مترامي الأطراف يعيش فيه خُمس سكان العالم، ويضم 56 قومية، وقد بدأت الصين تطبيق سياسة الطفل الواحد في أواخر سبعينات القرن الماضي لوقف النمو السكاني الهائل. لكن هذه السياسة تعتبر الآن مسئولة عن انكماش القوى العاملة وكبر سن السكان في ظل تضاؤل عدد الشبان المنتجين، الأمر الذي يمثل ظاهرة في الدول الصناعية.
فقد وصلت معدلات كبار السن والشيخوخة لنسب عالية جدا من مجمل عدد السكان كنتيجة لتطبيق هذه السياسة، وهو ما انعكس بالسلب على عدد أبناء الصين القادرين على العمل، وإلى تقليص عدد السكان في النطاق العمري الأصغر نسبيا. وتبلغ نسبة السكان الذين تبدأ أعمارهم من 60 فأكثر إلى أكثر من 13% من مجمل عدد السكان، وتشير تقديرات الأمم المتحدة أن الصين بحلول عام 2050 سيصل عدد السكان الأكبر سنا من 60 سنة إلى 440 مليون نسمة.
وتبلغ نسبة السكان الذين تتعدى أعمارهم سن الـ50 إلى 30% من مجمل عدد السكان، ذلك في الوقت الذي تنخفض فيه نسبة السكان الأطفال والشباب، وبذلك تزداد معدلات السكان الخارجين من “القوى العاملة” وتتقلص أعداد السكان المُقبلين على سن العمل، وهو ما يحول دون الحفاظ على النمو الاقتصادي. وقد وصل عدد السكان في سن العمل (16-59) إلى 3.71 مليون، وهو رقم صغير بالنسبة لمن هم فوق سن الـ60. مما اضطر الحزب الشيوعي الصيني الحاكم أن يعلن أنه سيخفف من قيود تنظيم الأسرة، ليسمح لكل زوج وزوجة بإنجاب طفلين. وتأتي هذه الخطوة استمرارا للتعديلات التي تبنتها السلطات الصينية على سياسة الطفل الواحد المعتمدة في البلاد منذ عام 1978، عندما سمحت في أواخر عام 2013 لملايين الأزواج بإنجاب طفلين إذا كان أحد الوالدين ابنا وحيدا.. إن هذا التلاعب الديموغرافي مخيف. فهو يعني أنّ كلّ شيء مباح في النظام الرأسمالي النفعي على مذبح النمو الاقتصادي، بغض النظر عن المشاعر الإنسانية والغرائز.. فحسب المنفعة يقررون عدد المواليد ونوع العلاقات وكأنهم آلات وليسوا كائنات بشرية.. وبعد أن تابعت تنفيذ قانون الحد من النسل ها هي الآن تشجع إنجاب طفل آخر وتخشى ألا يمارس الكثيرون هذا الحق بسبب ارتفاع تكلفة تربية طفلين في البلد الذي تزيد فيه الأسعار. فتقوم بإعطاء إجازة للأمهات والآباء عند الولادة كترغيب آخر لهم بالإنجاب!! وهذا هو النظام الرأسمالي والقوانين الوضعية التي تتغير وتتبدل حسب المنفعة والمصلحة فقط.
ولو عدنا للإسلام لرأينا أن الشريعة الإسلامية ترغّب في انتشار النسل وتكثيره، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنَّة عظيمة منَّ الله بها على عباده، ومعروف أن البلاد الإسلامية هي مجتمعات شابة حيث يشكل الشباب فيها نسبة كبيرة من عدد السكان.. وهذا ما لا تريده دول الغرب وأعداء الإسلام.. فعملت الأنظمة والجمعيات الغربية العاملة في العالم الإسلامي والعربي على سياسة تنظيم وتحديد النسل بمشاريع كثيرة ظاهرها الخير وباطنها غيره حيث يروجون لذلك لأسباب اقتصادية خوفا من قلة الرزق أو اتباعا لبعض التقاليد البعيدة كل البعد عن الدين.. ولو كان هناك رعاية حقيقية للأمة وتوزيع للثروات بشكل صحيح مع تأمين الحاجات الأساسية لما كان هذا الخوف وهذه الرغبة في تقليل عدد الأولاد في كل أسرة، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسلمة الشامي