إحراج الولايات المتحدة
(مترجم)
الخبر:
قال وزير الخارجية الأمريكية جون كيري إن خطاب هذا الموسم الانتخابي ضد المسلمين يمثل “إحراجًا” للولايات المتحدة.
وفي مقابلة لمحطة CBS مع برنامج “وجه الأمة” قال كيري إن هذه العبارات والتصريحات قد أربكت كل قائد خارج البلاد كان قد قابله هذا الموسم. “كل مكان أذهب إليه، كل القادة الذين ألتقي بهم، يسألون ما الذي يحصل في أمريكا، إنهم لا يصدقون ذلك، أعتقد أنه من العدل القول إنهم مصدومون، إنهم لا يعلمون إلى أين سيأخذ هذا الولايات المتحدة” بحسب أقوال كيري.
بعد الهجوم الإرهابي في بروكسيل الأسبوع الماضي، كرر بعض السياسيين الجمهوريين من مطالبهم لمنع هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة. بينما طالب آخرون بالمراقبة المستمرة للمسلمين في بيوتهم وأماكن عبادتهم في أمريكا. كما ودعا البعض إلى تعذيب المسلمين الإرهابيين المتهمين لاستخراج المعلومات منهم. وقال كيري مجيبًا على السؤال فيما إذا رأى قادة العالم، أن هذه الخطابات هي جزء من سيرك الانتخابات أم أنهم آخذوه على محمل الجد “إنها تزعج حس الناس بالتوازن حول استقرارنا وموثوقيتنا”. (المصدر: الفجر 2016/03/29م).
التعليق:
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية نصبت الولايات المتحدة نفسها شرطيًا على العالم. وقد استخدمت المؤسسات الأساسية في العالم مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي لتحقيق أهدافها، وها هي اليوم ترأس كل الأحلاف والمنتديات الاقتصادية في العالم. إن نظرة الولايات المتحدة إلى العالم تعتمد على احتلال المركز الأساسي وكونها الدولة العظمى الأولى. ونرى بكل وضوح كيف أن مخالبها قد امتدت إلى كل مكان. وجزء من هذا الدور هو أن ينظر إليها نظرة مميزة من الآخرين ولكن صورة أمريكا آخذة بالتدهور وخصوصًا بعد 9/11 نتيجة لجرائمها المختلفة في العالم والتي ارتكبتها تحت مسمى محاربة الإرهاب. حتى في أمريكا نفسها يتساءل الناس حول جميع أنواع التطفل في المجال الخاص والمراقبة المفرطة والأفعال التي تعارض الدستور الأمريكي بذريعة “الأمن”.
مع أنه يبدو محرجًا سماع ما يقال ويذاع في الحملات الانتخابية الأمريكية، فهل تنظر الجماهير المسلمة في الخارج إلى أمريكا نظرة إيجابية؟ وهل سيكونون مصدومين من اكتشافهم لكل هذه الكراهية الموجهة للمسلمين في داخل أمريكا؟.
مع أن كيري يرسم صورة بين الثبات والاستقرار والمصداقية عن الولايات المتحدة على المسرح الدولي، إلا أن هذه ليست الحقيقة لدى غالبية الناس الذين عانوا من الوطأة السلبية للسياسة الخارجية الأمريكية. لقد رأى المسلمون في كافة أنحاء العالم الدور الأمريكي في أفغانستان، والعراق وباكستان وسوريا وفلسطين، على سبيل المثال وليس الحصر. إن المعايير المزدوجة والبحث عن مصالحها الخاصة واضحةٌ أمام الجميع. ومن هجمات الطائرات بدون طيار ضد الأبرياء، إلى التعذيب والتسليم وإلى التغاضي عن جرائم عملائها الذين يبطشون بشعوبهم وعدم التدخل إلا عندما يحين وقت استبدال الحاكم مع انتهاء مدة صلاحيته وفقط من أجل وضع عميل آخر مناسب، نعي جميعًا الجرائم الأمريكية في الوقت الذي تدعي فيه أنها مخلصة العالم. لقد أوردت مؤسسة Pew للأبحاث في دراسة لها عام 2014 أن 80% من أهل فلسطين يصفون أمريكا “بالعدو”، وأن 85% من أهل مصر والأردن و73% من أهل تركيا، وجميعهم حلفاء أساسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يحملون وجهة النظر نفسها. ويظهر الاستطلاع أن 7 من 10 دول تنظر إلى الولايات المتحدة نظرة غير محببة، هي بلدان إسلامية.
يبدو أن صراحة بعض المرشحين الحاليين للانتخابات الأمريكية “أكثر مما ينبغي”، ولكن حقيقة أن ما تقوم به أمريكا في العالم يظهر أن المشاعر نفسها هي السائدة.
إن ” الإحراج” هو كيفية عمل الرأسمالية، وهي نظام يسمح للإنسان بظلم الإنسان واضطهاده واستغلال المكاتب السياسية لابتزاز الجماهير سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية.
يمكن للولايات المتحدة أن تستمر بالتظاهر بإنقاذ العالم من الآخرين ولكن العالم أجمع اليوم هو ضحية لسياستها وأفكارها وهو، أي العالم، بحاجة ماسة إلى بديل حقيقي. إن النظام الوحيد الذي يمكن أن يكون بديلاً هو نظام الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة.
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نادية رحمان