أوّل بشائر تنصيب الديمقراطية
مسلمو ميانمار من أنتم!!
الخبر:
قال وزير الشؤون الدينية في ميانمار “أونغ كو”، إن من يحمل التابعية الكاملة في البلد هم البوذيون فقط، فيما اعتبر المسلمين نصف رعايا، “وفي أحسن الأحوال رعايا ضيوف على البلد”. وأضاف الوزير حسبما أوردت صحيفة The Nation التايلاندية الاثنين 4 نيسان/أبريل، أنه يمكن اعتبار المسلمين أجانب ما داموا ليسوا رعايا كاملين، معللاً ذلك بانتمائهم إلى أقلية دينية لا تمثل سوى 4% من سكان البلاد.
وأثارت هذه التصريحات موجةً من الانتقادات ضد الوزير، حيث عبرت منظمات إسلامية عن غضبها، واصفةً أونغ كو بـ “غير المبالي” و”المؤذي”. (هافينغتون بوست 2016/04/05) بتصرف.
التعليق:
فاز “هتين كياو” المساعد المقرّب لزعيمة المعارضة “أون سان سو تشي” في شهر آذار/مارس 2016 بالانتخابات البرلمانية في ميانمار ليكون بذلك أول رئيس مدني للبلاد منذ أكثر من 50 عاما، أي منذ تولّي الجيش مقاليد السلطة في ستينات القرن الماضي. هذا فيما رفع رئيس ميانمار السابق “ثين سين”، قبل يومين من انتهاء ولايته، حالة الطوارئ المفروضة عقب المجازر التي ارتكبت بحق المسلمين سنة 2012 على أساس أن التوترات بين البوذيين والمسلمين لم تعد تمثل تهديدا بالنسبة للمجتمع المحلي وفقًا لما ذكرته صحيفة «ذا نيو لايت أوف ميانمار». وكأنّ هذه الانتخابات “الديمقراطية” التي أتت برئيس بالوكالة لحساب “سو تشي” هي التي ستخمد هذه التوتّرات وتطفئ حقد البوذيين وتحفظ أمن المسلمين!
إنّه لولا المادّة الدّستورية التي حالت دون ترشّح “سو تشي” للانتخابات في ميانمار كون أولادها يحملون جنسية أجنبية (بريطانية) لكانت هي من المؤكّد من ستتولّى رئاسة البلاد. ولكن هذا لم يمنعها وحزبها بعد تشخيصٍ وتمحيصٍ من ترشيح بيدق في رتبة رئيس لينفّذ ما يُملى عليه. وهذا ما يؤكّده تصريح أحد نواب الحزب لوكالة “فرانس برس” قُبيل الانتخابات “قررنا التصويت لهتين كياو، وتدربنا على ذلك كي لا نرتكب أي خطأ.” ولم يمنعها هذا أيضا من الضغط على مجلس الشيوخ لاستحداث منصب “مستشار الدولة” تحصل به على صلاحيات مماثلة لتلك التي يتمتع بها رئيس الوزراء وذلك للحفاظ دائما على الغطاء “الديمقراطي” للأفعال وإضفاء طابع رسمي لمشاركتها في إدارة البلاد. “سو تشي” الحاصلة على جائزة نوبل للسلام هي نفسها التي قالت إثر لقاء حواري أجرته مع ميشال حسين مذيعة تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية “لم يخبرني أحد أني سأجري حوارا مع مسلمة”.
هذه ردّة فعل على مسلمة عابرة سبيل لا تسكن ميانمار، فما بالك بالمسلمين هناك، أي حقد تضمر لهم؟ كيف يُستغرب أن يدلي وزير الشؤون الدينية – هذا – بهذا التصريح المشين وهو ينتمي لنفس العين البغيضة المقيتة؟ كيف للمنظمات الدولية كـ “هيومان رايتس ووتش” على لسان نائبها في قطاع آسيا “فيل روبرتسون” أن تأمل خيرا في هذه الحكومة الجديدة وتعتبر قرار رفع حالة الطوارئ خطوة حاسمة لضمان الحريات الأساسية لأقلية الروهينجا الملاحقة؟ لمَ وُضعت المبادئ التوجيهية المعتمدة من قبل لجنة حقوق الإنسان إن لم تُطبّق؟ وإن طُبّقت لمَ تكون حكرا على أشخاص دون سواهم؟ لمَ تكون القوانين الدّولية نافذة حينا ومعطّلة معظم الأحيان خاصّة إذا تعلّق الأمر بالمسلمين؟ كلّ هذا لأن كلّ هذه التشريعات والقوانين والأنظمة الحاكمة هي من صنع البشر، أرأيت من اتّخذ إلهه هواه، هل يُخالف هواه حتى لو فيه هلاك جميع البشر؟ كلاّ والله.
إن زيغ الديمقراطية فاق الخيال، في طرف تجعل الناس سواسية وفي طرف آخر تصنّفهم أنصافا ومعدومي الجنسية، وإنّه لعجاب أمر المتمسّكين في ذيلها، اكتووا بنارها وما زالوا ينتظرون منها بردا وسلاما!! فاعلموا ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. درة البكوش