على الثورة السورية أن تتبرأ من حل المفاوضات الخياني
وتعود كما انطلقت “لله”
الخبر:
نقلت جريدة الحياة (2016/4/9) مضامين مسودة الوثيقة التي أعدتها “الهيئة التفاوضية العليا” المعارضة للإجابة عن الأسئلة الـ 29 التي وجهها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في ختام جولة المفاوضات في جنيف في 2016/3/24.
ونقل موقع كلنا شركاء عن مصدر مطلع أن وفد لجنة مؤتمر (القاهرة) سوف يصل إلى مدينة جنيف السويسرية مطلع الأسبوع المقبل للانْضِمام إلى مفاوضات جنيف3 في جولتها الثانية (2016/4/9).
التعليق:
كان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قد صرح بعد محادثات في الكرملين في 24 آذار/مارس بأن واشنطن وافقت على اقتراح روسي لتحديد شهر آب/أغسطس موعداً لتشكيل إطار لانتقال سياسي وصياغة دستور جديد. وفيما ينتقل المبعوث الأممي دي ميستورا من موسكو إلى الرياض وطهران للترويج للحل الأمريكي، تستمر الآلة الحربية لسفاح دمشق، عميل أمريكا التي أمدته بالحلفاء وسخرت له الإمكانيات العسكرية لسحق الثورة، في سياسة الأرض المحروقة، في محاولة يائسة لفرض واقع ميداني جديد يسهل على أمريكا تمرير حلها “السياسي” في سوريا لمرحلة ما بعد الأسد.
ولكن لوحظ مؤخرا اشتداد وتيرة المعارك في منطقة حلب، حيث تتنافس قوات الجيش “الحر” مع قوات سوريا الديمقراطية “الكردية” للحصول على أكبر حصة من المواقع التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي والشرقي، مع إذعان تركيا للإملاءات الأمريكية بعدم مجابهة الكانتون الكردي الذي يتشكل في شمال سوريا، رغم ما يشكله من تهديد للأمن القومي التركي.
إذن تستمر المساعي الأمريكية لوضع النقاط الأخيرة للمرحلة الانتقالية التي تريد أمريكا السير فيها، بعد أن تتمكن من تذليل العقبات في طريقها ولو بعد حين، وبغض النظر عن ضرب موعد آب تاريخا للدستور القادم، فهذا التاريخ ليس الأول ولا الأخير وإنما يقرب أوباما من موعد رحيله عن البيت الأبيض دون خجل ولا حياء، فبوسعه دوما القول إن إدارته بذلت جهودا مضنية لحل الأزمة في سوريا، ولكن غياب الشريك الفاعل لم يمكنها من نشر السلام والديمقراطية والحرية المزعومة.
ما يعنينا هنا ليس ما تمكره أمريكا وأدواتها، وإنما إصرار قادة الفصائل، وأولهم جيش الإسلام وحركة أحرار الشام، على إضفاء الشرعية على جريمة المفاوضات الخيانية في جنيف، بينما حمام الدماء لم يتوقف في مدن وشوارع وساحات القرى في سوريا، بل ولم يتم إطلاق سراح عشرات الآلاف من المعتقلين، وحتى المساعدات الإغاثية الموعودة فقد تبخرت ولم يتم إيصالها إلى المحاصرين الذين ما زالوا يواجهون خطر الموت نتيجة الجوع والمرض.
فإذا ما أضفنا إلى هذا المشهد ضراوة القتال واستعارِهِ بين فصائل الثوار وتنظيم الدولة من جانب وتخوف الكثيرين من انفجار الصراع بين جبهة النصرة وحركة أحرار الشام، فضلا عن الشقاقات والخلافات الداخلية التي تعصف بحركة أحرار الشام ما بين مؤيد للحل الأمريكي في جنيف ومعارض له، والخلافات التي تدور في صفوف النصرة، فهذا كله ينبئ بأن بوصلة الثورة قد انحرفت بعيدا عن المسار الأساس لها: فهي انطلقت تحت شعار هي لله هي لله، وقائدنا إلى الأبد سيدنا محمد، ولكن ضيق الأفق نتيجة غياب الرؤية السياسية المنبثقة عن العقيدة الإسلامية التي تجمع شمل الثوار في سبيل هدم أصنام النظام الكافر ومتفرعاته، وفي سبيل إعلاء كلمة الله بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، مما جعل هذا الفصيل وذاك يبرر الارتماء في أحضان العملاء في الرياض وتركيا والدوحة والارتباط بأجهزة المخابرات تحت زعم “تقاطع المصالح”، فهذا كله معناه الحتمي أنّ النصر الرباني لن يتنزل على قوم يولون وجوههم قِبَلَ عواصم الحكام الخونة، ويطلبون ود أجهزة المخابرات العميلة.
فيجب على المخلصين الصادقين، في سوريا الشام، الأخذ على أيدي هؤلاء الخونة، كما يجب على المسلمين جميعا، خارج الشام، مناصرة إخوانهم وعدم خذلانهم بتسليمهم للحكام الخونة بل الأخذ على أيديهم وردعهم عن خيانتهم لله ولرسوله وللمؤمنين.
والحق سبحانه يقول في كتابه الكريم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ ويقول تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾… فمن ابتغى العزة عند أعداء الله فلن يبوء إلا بالخزي والعار ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير