Take a fresh look at your lifestyle.

ملفات بنما: نظام الضرائب يصب في مصلحة الأثرياء (مترجم)

 

 

ملفات بنما: نظام الضرائب يصب في مصلحة الأثرياء

 

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

يوم الثلاثاء الخامس من نيسان/أبريل 2016، كُشف النقاب عن ثروة بعض الشخصيات الهامة، والقادة والزعماء السياسيين البارزين في العالم من خلال تسريب ملايين الوثائق التي توضح الطرق المختلفة التي يستخدمها الأثرياء في استغلال شركات خاصة لإخفاء ثرواتهم.

 

وقالت التقارير التي نشرت يوم الأحد من قبل وكالات إعلام عالمية إن المعلومات المسربة اعتمدت على ملايين الوثائق بما فيها رسائل بريد إلكتروني وأوراق مالية وسجلات شركات من مؤسسة موساك فونسيكا التي مقرها في بنما.

 

التعليق:

 

تردد صدى أوراق بنما حول العالم، وقد فرضت السلطات الصينية حظرًا على الإنترنت لمنع الصينيين من معرفة فساد قادتهم، وأجبر رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف على الظهور على التلفزيون الوطني للدفاع عن التهم بالفساد التي طالت عائلته. واستقال رئيس وزراء أيرلندا بسبب تهرب زوجته من دفع الضرائب. ويواجه ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا وضعًا صعبًا للإجابة عن محاولات والده إخفاء ثروته عن مصلحة الضرائب البريطانية. أما الكرملين، فقد خرج للدفاع عن بوتين وادعى أن ملفات بنما هي مؤامرة خبيثة حاكتها الولايات المتحدة وجورج سوروس للتشهير ببوتين.

 

وستكشف الأيام  القادمة عن تورط المزيد من الأغنياء والشخصيات البارزة والمؤثرة في خدع التهرب من دفع الضرائب والتي قدمتها شركة موساك فونسيكا. إن القضية الحقيقية هنا ليست هي اسم مَنْ قد ورد وتم فضحه، بل لماذا توجد مثل هذه المخططات للتهرب من الضرائب والملاذات الآمنة لهذه الأموال أصلاً؟؟.

 

إن النظام الاقتصادي الرأسمالي هو المسيطر على العالم اليوم والذي يملك وجهة نظر خاصة حول الضرائب. في ظل هذا النظام تقع الضرائب تحت فئتين: مباشرة وغير مباشرة. أما الضريبة المباشرة فتكون من خلال فرض ضريبة على دخل الأفراد وثروتهم، ويفترض أن تُحدد بحسب قدرة الأفراد على الدفع.

 

وأما الضريبة غير المباشرة فهي ضريبة غير تمييزية تُفرض على الجميع بغض النظر عن قدرتهم على دفعها أم لا، مثل الضريبة المضافة والرسوم والتراخيص ورسوم المساكن… وغيرها

 

إن فاحشي الثراء والشركات يستطيعون الاستفادة من حلول التهرب من الضرائب العالية لإخفاء ثرواتهم عن عيون الدولة، وبذلك يصبحون مُعفَوْن من دفع الضرائب. وهذا يعني أن عبء الضرائب سيقع على كاهل باقي أفراد المجتمع لمواجهة نفقات الدولة. وخلال الأوقات الاقتصادية الصعبة تضطر الحكومات – المحرومة من ضرائب الأغنياء المشروعة – إلى زيادة الضرائب (المباشرة وغير المباشرة) على الفقراء من أجل تغطية نفقات الدولة، كما تقوم بخفض ميزانيات التعليم والصحة والخدمات الأساسية الأخرى. وقد أقر الرئيس الأمريكي أوباما بعدم عدالة نظام الضرائب قائلاً “هذا يعني أننا لا نستثمر كفاية في المدارس، ولا في جعل الجامعات معتدلة التكاليف، ولا في إعادة توظيف الناس من أجل إصلاح الطرق والجسور والبنية التحتية وإيجاد المزيد من الفرص لأطفالنا”. وبالتالي يموت الفقير جوعًا ويزداد الثري ثراءً ويتمتع بملذات الحياة أكثر وأكثر. وليس غريبًا على هذا النظام الرأسمالي أن يكون من ثماره أن يمتلك 67 شخصًا من أغنياء العالم مثل ثروة 3.2 مليار إنسان.

 

إن الضرائب في الإسلام تفرض على المال وليس على الدخل. ولا تقوم الدولة بفرضها إلا إذا لم تستطع تغطية نفقاتها على أمر واجب فتقوم بفرض ضريبة طوارئ على الأغنياء لجمع الأموال بقدر الحاجة. وعلاوة على ذلك فإن الضرائب غير المباشرة مثل الرسوم والتراخيص وضريبة المبيعات وغيرها محرمة شرعا. فليس على الفقير أن يدفع ضرائب تثقل كاهله ولا الغني يخشى غصب أمواله. إن تركيز الإسلام هو على منع احتكار الأغنياء وضمان تداول الثروة في المجتمع وعدم خروجها منه. وهكذا ينظر للضرائب في هذا السياق. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7]

 

بهذه النظرة للضرائب استطاعت دولة الخلافة الإسلامية ليس فقط القيام بتوفير جميع حاجات رعاياها، بل كانت قادرة أيضاً على الازدهار حتى أصبحت الدولة الأكثر تقدمًا وحضارةً في العالم لقرون عديدة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

عبد المجيد بهاتي

2016_04_12_TLK_3_OK.pdf