أمريكا منزعجة من تغييرات هادي وتصفها بالمعقِّدة لجهود السلام
صرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من البحرين قائلاً: “إن الولايات المتحدة وأنا شخصيًا، أجرينا عدة مشاورات أسبوعية، بالإضافة إلى اتصالات ولقاءات خلال الأسابيع القليلة الماضية، تصب الجهود في مساعي تأمين وقف شامل لإطلاق النار في اليمن. سوف أواصل هذه المشاورات الليلة. نحن نعمل بلا كلل لتحريك الأمر. وهنا لا أستطيع تجنب القول إنني أرى أن الرئيس هادي قد عقَّد بعض تلك الجهود في الساعات القليلة الماضية. نأمل أن تتخذ قرارات بُغية تسهيل جهودنا في المضي إلى الأمام صوب المفاوضات ونعمل جميعًا من أجل الوصول إلى ١٨ أبريل. بغض النظر عن نوع السلاح المستخدم، نحن نفضل إيقاف إطلاق النار، والوصول إلى وقف نهائي لإطلاق النار، بالإضافة إلى التوصل إلى تفاهمات حول هيكل وشكل الحكومة القادمة. لقد كنت أعتقد أننا حققنا تقدماً ملموساً حتى سلسلة القرارات الأخيرة. نأمل أن توضح لقاءات الليلة كيفية اتخاذ الخطوات التالية بُغية العودة إلى المسار الصحيح. ما نزال نؤمن بضرورة عقد المفاوضات. يجب علينا العمل على الأمور السياسية ذات الصِّلة.” بحسب يمن فويس والعديد من المواقع.
إن هذه التصريحات الأمريكية تؤكد أن أمريكا تسير في العمل لحل سياسي يلبي مصالحها وينهي الحرب التي أصبحت ورطة لعملائها سواء لآل سعود أو الحوثيين، والتي كانت رداً على التغييرات في حكومة هادي – الموالي للإنجليز – والتي أطاحت برئيس الحكومة خالد بحاح الذي جعلته شهوة الحكم وأماني الحوثيين له بالسلطة ليناً جداً مع أمريكا – لتأتي هذه التغييرات بأشخاص يمثلون العمالة المخضرمة للإنجليز والمتمثلة باللواء علي محسن الأحمر الذي عين نائباً لهادي، أو ابن دغر الذي عين رئيساً للحكومة، والملاحظ أن الحوثيين كانوا يعولون على التصدعات في طرف هادي وحكومته التي منيت بالفشل في إدارتها للمناطق الخاضعة لسيطرتها وتأمينها في ظل وجود خالد بحاح المُقال الذي اتهمته المقاومة الموالية لهادي بعرقلة ذلك وخاصة المقاومة المحسوبة على حزب الإصلاح.
إن الصراع الدولي الإنجلو أمريكي في اليمن قائم ومدرك لكل لبيب، كيف لا والأعمال السياسية والتصريحات من قبل هاتين الدولتين صارخة وفي العلن، بل ولا يخلو كل أسبوع أو أسبوعين من أن يجلس السفير البريطاني مع هادي وحكومته للتخطيط لكيفية الخروج من الأزمة؛ إما بالحسم العسكري الذي ترفضه أمريكا أو عن طريق المفاوضات، يعقبها جلوس السفير الأمريكي ليحاول الضغط أكثر ما يمكن لحصول المفاوضات وإشراك الحوثيين في مستقبل اليمن بنصيب أكبر، إن أمريكا تسعى لتلزيم ملف اليمن للسعودية الموالية لها وإشراك الحوثيين في السلطة، وها هي المفاوضات السعودية الحوثية في الرياض تسير بهدوء وبعيداً عن هادي وحكومته مما يعني أن هناك طبخة أمريكية يراد لها أن تنجح، لقد حاول صالح الموالي لبريطانيا أن يثبت لها أنه رجل لا يمكن الاستغناء عنه وعمل لإخراج الحشود في ميدان السبعين منفردا لإيصال تلك الرسالة لجميع الأطراف، وهو يعمل لعرقلة المفاوضات بحجة أنه يريد حوارا مباشرا مع السعودية التي تتفاوض مع الحوثيين دونه رافضة الحوار معه، وها هو علي صالح يستخدم ورقة القاعدة وتنظيم الدولة لعمل الاغتيالات والتفجيرات باسمهما ليجعل أهل الحراك الجنوبي يتراجعون في مطالب الانفصال خوفا من تمدد ما يسمونه بالإرهاب؛ حيث إن أمريكا ترعى الحراك الجنوبي وتوحي إليه بالضغط في اتجاه الانفصال للضغط على الإنجليز ولو أنها لا تريد الانفصال في الوقت الحالي، وقد خرجت مظاهرات في الجنوب للحراك الجنوبي تندد بالإرهاب وتطالب بحل قضية الجنوب، كما لا يخفى أن دولة الإمارات قد هددت الحراك الجنوبي الأمريكي إن لم يرجع ما تم الاستحواذ عليه من أسلحة ومدرعات.
بينما يقوم الطرف الآخر للإنجليز المتمثل بهادي بتغييرات في الحكومة تقطع الطريق أمام اللين الذي كان يتمناه الحوثيون من طرف الحكومة في عهد بحاح ليصبح الحوثيون بين فكي كماشة إنجليزية، فإما أن يخضعوا للمفاوضات ويستسلموا للقرار الأممي أو أن يخضعوا لمطالب صالح الذي يطيل من أمد الحرب لإغراقهم في مستنقع عميق من الصعب الخروج منه بسهولة ودون تكاليف باهظة، لقد بدأ إعلام صالح يسخر من الهدنة السعودية الحوثية معتبرا إياها تفرداً وخيانة.
إن السعودية قد أثقلتها الحرب التي لم تكن تتوقع أن تطول، هذه الحرب التي أوعزت لها أمريكا بشنها لإنقاذ الحوثيين وتصويرهم أمام العالم بصورة المظلومين بعد فشلهم سياسياً وتمددهم الذي يتناسب عكسياً مع حجمهم والذي كان عاقبته أن يعود علي صالح وجناحه للتمهيد لعودة نجله وعندها تتوحد الأطراف الإنجليزية للاستفراد بالحكم خاصة بعد فرار هادي إلى عدن فكان أن قامت أمريكا بالحرب عن طريق السعودية ليس خدمة لهادي بقدر ما هي إنقاذ للحوثيين ومنع علي صالح أو نجله من الوصول للحكم مجدداً، غير أن الإنجليز استغلوا الحرب لصالحهم لتصبح أمريكا وعملاؤها في ورطة وإحراج حال عدم استطاعتهم إيقاف الحرب وتحقيق مساعيهم، خاصة أن السعودية في عهد سلمان أعلنت الحرب أمام الرأي العام بمبرر إعادة الشرعية لهادي وتقليم أظافر إيران وإضعاف الحوثيين متلبسة بثوب الطائفية مدعية نصرة السنة!!، وها هي تتفاوض معهم في الرياض وتتفق على تهدئة حدودية لإيقاف الحرب مع الحوثيين الذين أتت – مضللة للمسلمين – زاعمة أنها تريد التخلص منهم، في الوقت الذي غدت فيه رأس حربة أمريكا في مكافحة الإسلام، فهلا عرف المسلمون ما هو الإرهاب الذي تريد أمريكا محاربته؟!!!
إن السعودية لا يهمها الإسلام ومذاهبه، بل إن حكامها لا يهمهم سوى كرسيهم المعوجة قوائمه، وهي إنما تقوم بحروب الوكالة خدمة لأمريكا ومصالحها الاستعمارية، وإن من يعول على هذه الأنظمة العميلة البوليسية وبالأخص الإيرانية أو السعودية فهو واهم جاهل أو عميل للمال السياسي ومن خلفه، وليعلم أهل اليمن بعد أن تبين لهم حقيقة الصراع الدولي عليهم وعلى بلادهم أنه لن ينجيهم من هذه المكائد والمؤامرات والمحن والحروب المهلكات إلا الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي الجامعة لشتاتهم، المانعة عنهم يد الاستعمار أو السقوط في شراكه وما يحوكه من المخططات.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
2016_04_12_Art_Hadi_government_amendments_in_Yemen_AR_OK.pdf