مع الحديث الشريف
بَاب مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ: “مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”
الشرح
قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ قَصْدَ الْغَنِيمَةِ لَا يَكُونُ مُنَافِيًا لِلْأَجْرِ وَلَا مُنْقِصًا إِذَا قَصَدَ مَعَهُ إِعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ، لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْحَصْرَ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ الْوَاحِدُ بِأَسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ
وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ – يَعْنِي خَاصَّةً – فَلَيْسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهَذَا لَا أَجْرَ لَهُ الْبَتَّةَ.
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فالأصل في المسلم إن قصد الجهاد أن يستحضر النية والقصد من وراء العمل، فالمسلم يذهب للجهاد قاصدا إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، فإن انتصر وَغَنِم له ما غنم هو ومَن معه، توزع حسب رأي الإمام، فيكون المجاهدون بذلك قد نالوا النصر وربحوا الغنائم دون أن تكن الغاية الغنائم وزهرة الدنيا، وهذا لا ينقص من الأجر شيئا، لكن إن خرج المجاهد قاصدا الغنائم أو الشهرة والسمعة – هي غايته وهدفه – فهو لما قصد وذهب من أجله.
مستمعينا الكرام إن الأمر أعظم من غنائم وأموال يصيبها أحدنا، فهو نشر لدين الله ونصر لدعوته، وهو إحقاق لغاية وُجدنا مِن أجلها (طاعة الله) فلا تجعلوا للدنيا سلطان عليكم واجعلوا عملكم خالصا لله ..
اللهم إنا نسألك الإخلاص في العمل كله .. اللهم آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.