نماذج من تحايل الرأسماليين الجشعين من أجل الربح:
الماركة “حلال”، جيلاتين الخنزير… وغيرها
الرأسمالية عقيدة قائمة على النفعية، والمصلحية، تبرر الوسائل لمعتنقيها للوصول للربح بأي ثمن؛ وقد تمكنت تلك العقيدة البائسة للأسف من إيجاد حفنة من البشر لا همّ لهم في هذه الحياة الدنيا سوى الربح المادي؛ ولأنه غاية الغايات عندهم فقد باتوا لا يقيمون وزنا لغيره ولو كان الأمر فيه هلاك البشرية جمعاء.
إنّ النتائج التي ترتبت على تلك الفلسفة هي نتائج كارثية؛ فقد تسببت في إلحاق الضرر بحياة الناس جميعا نتيجة إنتاج مواد تضرّ بصحة الإنسان تارة واحتكار أخرى أساسية ومنعها عن فئات كثيرة وتركهم يعانون طورا؛ وصولا إلى اعتماد المكر والخداع لتسويق بضائع معينة في حالات أخرى. كلها أمور يقترفها الرأسماليون الجشعون مرارا وتكرارا ضاربين عرض الحائط بكل قيمة روحية أو إنسانية أو أخلاقية ودون أي اعتبار لعواقب مطامعهم.
سأسلط الضوء في هذه المقالة بإذن الله تعالى على بعض النماذج من خُدعِهم التي يعتمدونها بغية تسويق بضاعتهم لأكبر عدد ممكن من المستهلكين؛ وسأخص بالذكر هنا تلك التي يعتمدونها لتسويق سلعهم للمسلمين؛ نماذج أسوقها عن قصد لتجعلنا ندرك مدى الحاجة الملحة لدولة الخلافة لتضع حدا لما يحدث بتواطؤ بل بتقاعس من أنظمة الضرار.
كثير هو الكلام المثار حول الماركة “حلال” ومدى مصداقيتها؛ تلك الماركة التي ينجذب لها المسلمون رغبة في الالتزام بأحكام دينهم وظنا منهم أنها الملاذ الآمن لاجتناب الوقوع فيما حرم الله. فبالرجوع إلى كثير من التقارير الاستقصائية التي أعدت في الموضوع كحلقة 16 شباط/فبراير 2012 من برنامج “مبعوث خاص envoyé spéciale” والتقرير الخاص الذي بث على القناة TNT D8 بتاريخ 15 أيار/مايو 2013 بعنوان “le scandale du faux halal” وغيرها تتزعزع الثقة بتلك الماركة ويدرج الموضوع في خانة الشبهات.
لقد سلطت التقارير الضوء على تحاليل فحصت عينات من البضائع المسوقة باعتبارها حلالا وكشفت النقاب عن مغالطات كبيرة في ذلك: مثل تسويق لحوم باعتبارها مذبوحة وفق أحكام الإسلام وهي في الواقع تعود لحيوانات مقتولة بالضرب أو الصعق؛ أو تسويق لحوم باعتبارها لحوم بقر أو غنم وهي في حقيقتها لحوم خنازير الخ!!
وتكشف تلك التقارير أن الماركة “حلال” هي ماركة تجارية وحسب؛ لا تعدو سوى كونها سياسة تسويقية معتمدة من قبل شركات معينة لزيادة عدد الزبائن وضمان الإقبال عليها من شريحة كبيرة لتدر عليها مليارات الدولارات.
لنفترض جدلا أنّ تلك التقارير مشكوك في أمرها، فمن ذا الذي سيجلّي الحقائق بخصوص تلك المنتوجات للمسلمين ويخرجهم من دائرة الشك والخوف والشبهات؟؟ من ذا الذي يرعى شؤونهم ويجنبهم الوقوع في حبائل المخادعين؟؟
أما في صورة صدقها وصدق نتائج التحاليل، فمن يقدر على وضع حد للمحتالين الجشعين ويحفظ بيضة المسلمين ويردّ عنهم كيد الكائدين؟؟
إنه لا بدّ من إرادة سياسية تأذن بفتح مختبرات تفحص كل الواردات على بلاد الإسلام: إرادة سياسية مفقودة بدون شك لدى الرويبضات المتحكمين في رقاب المسلمين، الخاضعين هم أنفسهم لأسيادهم الرأسماليين المتنفذين.
أيضا من المواضيع العالقة التي تنتظر من يوقف الغش فيها ويحفظ أمة الإسلام ويجنبها الوقوع في مكائد الرأسماليين موضوع جيلاتين الخنزير. فباعتراف من المدير التسويقي لإحدى أكبر شركات صنع جيلاتين الخنزير في أوروبا يتم عمدا ترك ذكر E441 على المنتوجات ووضع جيلاتين فقط في خانة المكونات للتلبيس على المسلمين ليذهب ظنهم أنه جيلاتين نباتي أو بقري. مع العلم أنه قد بات مستعملا في عدد كبير جدا من المواد الغذائية التي قد لا يخطر على البال أنها تحتوي على الجيلاتين مثل أنواع معينة من الألبان والزبدة والكريمات والجبنة؛ وأيضا الحلوى الهلامية والكثير من المنتوجات الأخرى خصوصا تلك التي يسمونها منتجات الدايت. أسلوب خبيث معتمد وللأسف ينجحون من خلاله في استبلاه شريحة كبيرة من الناس، بل ومن المسلمين من تجدهم يدافعون عن تلك المنتوجات وأنّ الجيلاتين الموجود فيها حلال – ويمكن للتوسع في الموضوع مراجعة حلقة “الملفات الثقيلة لجيلاتين الخنزير” من برنامج المبعوث الخاص الموجودة على اليوتيوب بتاريخ 2011/07/28.
منتوجات كثيرة أخرى ما زال الغموض يكتنفها ولا بدّ من السعي للوقوف على حقيقتها ليكون العالم على بينة من أمرها؛ مثل تركيبة بعض المشروبات الغازية التي تتردد الأقوال أنها تحتوي على نسب من الكحول؛ خصوصا منها تلك التي اكتسحت بلاد المسلمين مثل كوكا كولا وغيرها. أيضا الأسبرتام “المُحلّي الصناعي” الذي يسوق باعتباره أحد بدائل السكر للساعين لتخفيف الوزن والذي تتعارض الأطروحات بخصوصه بين مؤيد وبين محارب له يزعم أنه مضرّ للصحة بل وأنه مسبب للسمنة.
أيضا دجاج كنتاكي هل هو مذبوح أم لا وغير ذلك الكثير…
في الختام أقول: إنها دوسيات كثيرة وعديدة يقف الواحد منا أمامها حيران، بل يلمس كل منا من خلالها مدى احتياجنا لنظام يكون همّه أن نعيش بالإسلام وفق أحكام الله وحده؛ نأكل ما أحلّ الله ونلبس ما يرضي الله، بل ونُخضع كل تفصيل من تفاصيل حياتنا للأحكام الشرعية.
في الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله حتما ستسهر الدولة على قطع حبائل الرأسماليين الجشعين وستقيم المخابر اللازمة للتأكد من المواد المستوردة – هذا في حالة احتجنا للتوريد أصلا – وأيضا ستراقب السلع الموجودة في الأسواق ولن تسمح بتسويق تلك التي لم يجزم أهل الاختصاص بخصوص ضررها. نسأل الله العليّ القدير أن يكون ذلك قريبا كما نسأله تعالى أن يثبتنا ويعيننا على تجنب الشبهات.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هاجر اليعقوبي
2016_04_14_Art_Models_of_trickery_of_the_greedy_capitalists_for_profit_AR_OK.pdf