Take a fresh look at your lifestyle.

قمة اسطنبول وتحقيق إستراتيجية القيادة من الخلف

 

 

قمة اسطنبول وتحقيق إستراتيجية القيادة من الخلف

 

 

 

الخبر:

 

اختتمت القمة الإسلامية الـ13، أعمالها الجمعة، بإقرارها “إعلان اسطنبول”، وذلك بعد يومين من جلسات عمل شارك فيها ممثلون عن أكثر من 50 بلداً إسلامياً، بينهم أكثر من 20 زعيماً.

 

التعليق:

 

أولاً: لقد اعتمدت الولايات المتحدة استراتيجية القيادة من موقع القوة (القيادة من الخلف)؛ فلا مشكلة إذا كانت القيادة من الأمام أم من الخلف ما دمت أنت القائد، وهذه الاستراتيجية الجديدة ظهرت بعدما تبين للولايات المتحدة مساوئ وأخطار وآثار القيادة من الأمام خاصة في زمن بوش الابن في حربي العراق وأفغانستان، حيث وصل العجز والدين الأمريكي إلى أرقام فلكية، وأدى إلى استنزاف موارد الولايات المتحدة، وهو ما عبر عنه أوباما بقوله (إن الولايات المتحدة تقود من موقع القوة ولكن هذا لا يعني أنه يمكننا أو ينبغي علينا محاولة إملاء مسار كل الأحداث التي تتكشف في جميع أنحاء العالم)، وقد سبق له أن بيّن ووضح أن موارد الولايات المتحدة لها حدود ولا يمكن استنزافها أو الاعتماد عليها في حل جميع القضايا، لذا كان لا بد من إقامة تحالفات وتوزيع المهام وتوزيع الأدوار لكل أدوات الولايات المتحدة في العالم بالعمل المباشر من خلالهم وقيادتهم من موقع القوة، فلا تستنزف موارد الكيان الأمريكي ولا تراق دماء جيشه ولا ينفق من خزائنه وإنما من خلال دماء الأمة الإسلامية وخزائنها ومقدراتها، بل وتقطف هي الثمرة بعد أنهار من الدماء وإنفاق أموال هذه الأمة وثرواتها في سبيل خدمة الولايات المتحدة.

 

ثانيا: في بداية الربيع العربي أعطت الولايات المتحدة إيران دوراً محورياً بعد أن أثبتت قدرتها في حماية وتأمين مصالح الولايات المتحدة ومساعدتها في حربي العراق وأفغانستان، ولم يكن للولايات المتحدة آنذاك الكثير من الأدوات في المنطقة أو بعض أدواتها كان ضعيفاً؛ فمثلاً كانت مصر ضعيفة ومشلولة ومشغولة بأوضاعها الداخلية، وكانت أقدام أردوغان على رمال متحركة في بداية تسلمه الحكم، وكانت الحجاز بيد الإنجليز، ولكن بعد تثبيت أقدام أردوغان في الحكم وسيطرته على الرئاسة والحكومة والنواب وإضعاف الخصم في الجيش والقضاء والتعليم ومجيء سلمان ونايف ومحمد إلى حكم الحجاز، ومحاولة انتشال مصر من أزماتها تغيرت خارطة القوى الإقليمية على أرض الواقع، فأصبحت أربع قوى بدلاً من واحدة، وكل منها لا بد له من دور وملفات وذلك من خلال تخفيف وتحجيم الدور الإيراني بمناطق وملفات محددة، وإعطاء دور لكل من مصر وتركيا والسعودية، ومن هنا نفهم حقيقة الصراع بين هذه الدول من أجل رسم خارطة جديدة وبيان الأدوار كما تريد الولايات المتحدة، والكل يتسابق في خدمتها وليس صراعاً حقيقياً بينهم وليس صراعاً مع المركز (الولايات المتحدة)، وإنما تضليل الأمة بمحاولة إيجاد شعبية لهذه الأنظمة المرتبطة بالغرب الكافر من أجل أن تقوم بالصراع الحقيقي مع الأمة بذبحها على عتبات البيت الأبيض قرباناً للسيد الأمريكي.

 

إن الأمة الاسلامية برغم ما فيها من آلام وإذلال وقهر وسفك للدماء وقتل وتشريد وسجن واغتصاب، وبرغم كل الجراح والنكبات والمؤامرات، إلا أنها بدأت تدرك حجم المؤامرة والخيانة من قبل الأنظمة في سبيل خدمة الغرب الكافر، وبدأت تدرك أنها المستهدفة عقائديا وحضاريا وتشريعيا، وأن مقدراتها وثرواتها وإمكانياتها مستهدفة أيضا، وبدأت تدرك كذلك أدوات الحرب عليها، وهم من بني جلدتها، وممن يتكلمون بألسنتها، بل وبعض مشايخها ممن يسمّون زورا وبهتانا بالعلماء، وما هم بعلماء وإنما عملاء خانوا الله ورسوله والمؤمنين.

 

وختاماً أقول:

 

إن حجم المؤامرة على الأمة كبير وخطير وصدق الله العظيم: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرهمْ وَعِنْد اللَّه مَكْرهمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال﴾، وما كان هذا المكر وشدته إلا لإدراك الغرب الكافر تلّمس الأمة لطريق نهضتها، وسبيل عزتها، وبداية عهد جديد تعود فيه الأمة إلى ما كانت عليه من رفعة وعزة ونصر، وإن غدا لناظره قريب ولكنكم تستعجلون…

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير

 

حسن حمدان – أبو البراء

2016_04_17_TLK_2_OK.pdf