Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة السادسة والثلاثون

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”


الحلقة السادسة والثلاثون

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

أيها المسلمون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: في هذه الحلقة نواصل حديثنا عن الأساليب التي استعملها كفار مكة لمقاومة الدعوة: كنا قد تحدثنا عن أربعة منها ونواصل فنقول:

خامسا: التعتيم الإعلامي والمنع من مخاطبة الجماهير: أخرج البخاري من حديث طويل لعائشة رضي الله عنها قالت: “لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة، وهو سيد القارة – فقال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة إن مثلك لا يخرج، ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم إن أبا بكر لا يخرج مثله، ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بالصلاة، ولا القراءة في غير داره ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان”.

سادسا: الرمي بالحجارة: ومن الأساليب التي استعملها كفار مكة لمقاومة الدعوة الرمي بالحجارة: أخرج ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما عن طارق بن عبد الله المحاربي، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق ذي المجاز وعليه حلة حمراء، وهو يقول: “يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا”. ورجل يتبعه يرميه بالحجارة، وقد أدمى عرقوبيه وكعبيه، وهو يقول: يا أيها الناس، لا تطيعوه، فإنه كذاب، فقلت: من هذا؟ قيل: هذا غلام بني عبد المطلب. قلت: فمن هذا الذي يتبعه يرميه بالحجارة؟ قالوا: هذا عبد العزى أبو لهب.

كذلك لما مات أبو طالب اشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمد لثقيف رجاء أن يؤووه فوجد ثلاثة نفر هم سادة ثقيف، وهم إخوة: عبد ياليل بن عمرو، وحبيب بن عمرو، ومسعود بن عمرو، فعرض عليهم نفسه وأعلمهم بما لقي من قومه فقال أحدهم: أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان الله بعثك بشيء قط، وقال الآخر: أعجز الله أن يرسل غيرك؟ وقال الثالث: لا أكلمك بعد مجلسك هذا، لئن كنت رسول الله لأنت أعظم حقا من أن أكلمك، ولئن كنت تكذب على الله لأنت شر من أن أكلمك! وهزئوا به وأفشوا في قومهم ما راجعوه به، وأقعدوا له صفين فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما جعلوا لا يرفع رجلا ولا يضع رجلا إلا رضخوها بحجارة كانوا قد أعدوها حتى أدموا رجليه صلى الله عليه وسلم فخلص منهم وعمد إلى حائط من حوائطهم فاستظل في ظل نخلة منه وهو مكروب تسيل قدماه بالدماء، وإذا في الحائط عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله ولرسوله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد أحمد النادي