الانتحار آفة غريبة هل ستنتشر في مجتمعاتنا
الخبر:
ذكرت الجزيرة نت في موقعها الإلكتروني الجمعة 22 نيسان/إبريل، أنه تم تسجيل 22 محاولة انتحار بين العمال في الأردن العام الماضي، وانتهت بموت أربعة عمال. كما أشار تقرير لمركز “فينيق” إلى تزايد حالات التهديد بالانتحار في أوساط العمال أو من لا يجدون عملاً. وجاء تزايد محاولات الانتحار على وقع تراجع ملحوظ للاحتجاجات العمالية عما كان عليه الأمر في أعوام الربيع العربي، في ظل تنامي القبضة الأمنية.
التعليق:
احتجاجاً على ظروف العمل العصيبة التي يواجهها شباب المسلمين، في الأردن وغيرها يُقبل بعض الشباب المسلم على الانتحار بإحراق أنفسهم – وهي الظاهرة المنتشرة حديثاً خاصة في البلاد العربية – أو غيرها من طرق الانتحار، نتيجة الضغط الذي يعانونه في ظروف معيشية تنتشر فيها البطالة في أوساط الشباب خاصة خريجي الجامعات، والفقر وارتفاع مستوى الغلاء. يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء الدكتور حسين الخزاعي: “الأمر أصبح مقلقا، تخطى سقف حالات الانتحار المائة حالة خلال عام، عشرون بالمائة منها من العاطلين عن العمل”، كما أضاف: “الانتحار يعني رفض الشخص للمجتمع، يعني عدم قدرة المجتمع على حل مشاكل المنتحر في الغالب، وهذا من اختصاص جل المؤسسات الحكومية والخاصة، والإعلام وغيره”.
إن الانتحار ظاهرة غريبة عن الأمة وثقافتها وفكرها، فالله سبحانه جعل حفظ النفس من الأهداف العليا السبعة لصيانة المجتمع، كما جاءت الكثير من الآيات والأحاديث تحرم قتل النفس، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًۢا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعًۭا﴾ [المائدة: 32] ويقول سبحانه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا۟ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ﴾ [الإسراء: 33].
لكنَّ الواقع الذي يعيشه شباب المسلمين اليوم، بعيدٌ عن شريعة الله سبحانه التي بتطبيقها في دولة الخلافة، تُحفظ أرواح المسلمين ونفوسهم، وتوفر لهم حياةٌ كريمة لا تعوزهم للتفكير في قتل أنفسهم احتجاجاً على البطالة أو ظروف عملٍ قاهرة. فدولة الإسلام دولة رعاية وخليفة المسلمين يعرف أنه مسؤول أمام الله عن كل نفس من رعيته، بل حتى عن دوابها لمَ لمْ يسوِّ لها الطرق، كما جاء في الأثر عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. شباب المسلمين في دولة الخلافة مكرمون، وفرص العمل متوفرة للجميع، بل إن الدولة تعمل على ربط نظام التعليم بسوق العمل، وهي ترعى الشباب منذ الصغر فتنظر لكلٍ منهم وتضعه في المجال الذي يبدع فيه، حتى إذا نما وشبَّ عوده وجد العمل الذي يبدع فيه ويخدم فيه دولته وأمته. والولاة والعمال في دولة الخلافة لا يقفلون أبوابهم في وجه الشباب بل يفتحون لهم المجالس ويستفيدون من خبراتهم وعلمهم، فهذا رسول الله e يؤمّر أسامة بن زيد على جيش فيه كبار الصحابة، وجعل بيت الأرقم بن أبي الأرقم وهو ابن اثنتي عشرة سنة مركزاً للدعوة طوال الفترة المكية.
بل إن دولة الخلافة توفر عملاً لمن لا عمل له، ومن يتهرب من العمل ليأخذ الراتب وهو جالس في بيته تعاقبه الدولة، لأن المسألة هي استثمار طاقات شباب الأمة وتوظيفها في خدمة الأمة وإعلاء رايتها أمام العالم كله، فهي تحتاج للصناع والزراع والأطباء والمهندسين كما تحتاج إلى عمال البناء والسباكة والنظافة. أما من لا يستطيع العمل لعجز فيه، فإن الدولة تفرض راتباً له يكفيه سؤال الناس. وفي ظل نظام كهذا، كيف سيفكر الشباب المسلم بالانتحار؟؟
إن الأنظمة في بلاد المسلمين هي أنظمة جور وظلم، تطبق الأنظمة العلمانية على المسلمين، ولا همَّ لها إلا جباية الأموال منهم لصالح الطغمة الحاكمة. فيزدادَ الفقراء فقراً وتمتلئ جيوب الأغنياء بالأموال.
وهي تفتح البلاد للشركات الغربية تستثمر في ثرواتنا وتنهب أموالنا وتوظف الأجانب، أما أبناؤنا فمحرومون من ثروات بلادهم، ومحرومون من العمل في أراضيهم حتى صار معظمهم يفكر في الهجرة للغرب، أو يهدد بالانتحار وقتل نفسه. فتخسره بذلك أمته وأهله، بعد أن يكون قد خسر نفسه.
والأنظمة لا تكترث ولا تعير هؤلاء الشباب أي انتباه، بل تستمر بمحاصرتهم وتضييق الخناق عليهم في معيشتهم وإذا ثاروا في وجهها نفست الخناق عنهم قليلاً ليهدأوا ثم تعاود الكرّة كلعبة القط والفأر! وإذا قامت في البلاد ثورة تنادي بإسقاط النظام، سارع النظام لإسقاط الشهداء وإسكات الأصوات الحانقة على الظلم والاستعباد.
فهل يعي شباب المسلمين في الأردن وغيرها، المؤامرة عليهم؟ فيعبدوا الله حق العبادة، فيوظفوا كل طاقاتهم في العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تكرمهم وترعاهم وتعيد لهم مكانتهم كعماد نهضة الأمة وقوتها؟ ويزيلوا هذه الأنظمة التي تقتلهم يومياً بعشرات الأساليب؟
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بيان جمال