Take a fresh look at your lifestyle.

ما الذي اضطر أمريكا للتدخل العسكري؟

 

 ما الذي اضطر أمريكا للتدخل العسكري؟

 

 

الخبر:

 

أعلن الرئيس الأمريكي أوباما يوم 2016/4/25 قرارا يتعلق بزيادة عدد القوات الأمريكية في سوريا 250 جنديا ليصبح عددهم 300، أي ضاعفت قوتها ستة أضعاف، حيث أقامت قاعدة في المنطقة التي يسيطر عليها عملاؤها هناك. فما الذي دعا أمريكا لاتخاذ هذا القرار علما أن أوباما عندما انتخب رئيسا لها في نهاية عام 2008 تعهد بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط وسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان؟ هل طرأ خطر على الوجود الأمريكي حتى اضطرها إلى اتخاذ مثل هذا القرار بحيث لا تستطيع أن تنسحب عسكريا وتركن إلى العملاء ليحفظوا لها نفوذها ويحققوا لها ما تبغي؟

 

التعليق:

 

من حال أمريكا ومن هذا القرار الذي يدل على حالها المتهاوية نستنتج الأمور التالية:

 

1-  إنه يلاحظ أن العملاء غير قادرين على حماية أنفسهم ناهيك أن يكونوا قادرين على حماية نفوذ أسيادهم من الأمريكان وغيرهم، حيث ثارت الأمة في وجههم، ولذلك أعلن عملاء أمريكا في كل من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي، وقوات سوريا الديمقراطية تأييدهم للقرار وطلبوا المزيد من القوات الأمريكية والمزيد من الأسلحة، حيث تدعمهم روسيا خادمة أمريكا في سوريا وكذلك عملاؤها في النظام السوري وإيران وحزبها في لبنان، وأعلن عميلها سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات تأييده للقرار. وكان النظام في العراق قد طلب تدخل أمريكا المتعهدة بحمايته فعززت قوتها هناك، وكذلك النظام الأفغاني حيث يطلب المزيد من الدعم العسكري الأمريكي. ولذلك لا يستطيع العملاء أن يحافظوا على أنفسهم وعلى نفوذ سيدتهم أمريكا دون تدخلها العسكري المباشر في مواجهة الأمة وثوراتها وانتفاضاتها.

 

2-  إن ثورات الأمة التي تفجرت عام 2011 قد غيرت الأوضاع وقلبت الموازين، فأصبح الصراع وجها لوجه بين الأمة والدول الاستعمارية رغم ما حصل في هذه الثورات من دخن سيزول بإذن الله ومن ثم تصفو وترسو على خير، فأعلن الرئيس الأمريكي عام 2013 أن هذه الثورات وخاصة الثورة السورية تتحدى المجتمع الدولي، يعني أنها تتحدى أمريكا التي تدير هذا المجتمع المزعوم. فأطلقت يد عميلها بشار ليبطش في أهل سوريا وأدخلت الدول التي تدور في فلكها كإيران، وكذلك حزبها في لبنان وعصاباتها من كل مكان وعندما عجزوا عن إخماد الثورة جاءت بروسيا، وأدخلت عملاءها في تركيا والسعودية ليشتروا العملاء ويحرفوا التنظيمات المقاتلة عن أهداف الثورة، وقد تدخلت هي باسم التحالف الدولي وبدأت تعزز تدخلها، فاضطرت مؤخرا إلى أن ترسل قوات برية لتدير المعركة، فتدفع عملاءها للقتال ضد الحركات الإسلامية التي تعارض أمريكا ومشاريعها وحلها السياسي والعلمانية أو المدنية التي تدعو لها كهوية كفر وضلال للنظام في سوريا.

 

3-  إن هذه المستجدات في المنطقة وخاصة في سوريا هي التي دفعت أمريكا إلى أن تبقى عسكريا في المنطقة بعدما رسمت خطة الانسحاب عسكريا من العراق وأفغانستان عندما تبين فشلها وأنها تكلفها كثيرا ولا تأتي لها بالكثير، وأن تعمل بواسطة العملاء كما كانت تفعل من قبل بالإضافة إلى الشركات والقروض والضغوط السياسية والقرارات الدولية في مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي والحصار والمقاطعة وتأليب الرأي العام ضد المناوئين لها وغير ذلك من الوسائل والأساليب، ولكن عملاءها في المنطقة من بشار أسد إلى المالكي ومن بعده العبادي، وكرزاي ومن بعده أشرف غاني لم يقدروا على الحفاظ على نفوذ أمريكا وقاتلوا في سبيلها ابتغاء مرضاتها من أجل أن تبقيهم في الحكم، ونرى ذلك في ليبيا فقد عجز عميلها حفتر عن أن يصل إلى الحكم رغم دعم أمريكا وعميلها السيسي في مصر له فاضطرت إلى التدخل المباشر.

 

4-  فأمريكا لا تلجأ إلى التدخل العسكري إلا إذا عجزت عن تحقيق أهدافها بالعملاء وبالأساليب والوسائل الأخرى. لأن التدخل العسكري المباشر يعني تعرض أبنائها للقتل والعاهات المستديمة نتيجة الإصابات أو بتر الأعضاء، والأمراض النفسية، فلا تريد ذلك حتى لا تتعرض لسخط شعبها كما حصل، ومن ثم يطالبها بالانسحاب، ولأنها لا تريد أن تظهر كدولة احتلال واستعمار. وهي تدّعي أنها تريد تحرير الشعوب وتحمل لهم مشعل الحرية لتحرقهم به لا لتنقذهم، والديمقراطية لتجعلهم تحت طاغوتها، والتحرر والانحلال الخلقي باسم القيم الأمريكية الرفيعة! فعندما عجز عملاؤها وحلفاؤها وخدامها أو شركاؤها في إخماد الثورة وقد استخدمت كافة الأساليب والوسائل لخنق الثورة والتضييق عليها وعلى أهل سوريا فاضطرّت إلى التدخل، وهذه الحال تكررت في كل بلد، فعندما سُحل جنودها في الشوارع بعدما اضطرت إلى التدخل في الصومال عندما سقط عميلها سياد بري الذي أعطى الامتيازات للشركات الأمريكية مثل كونوكو وأموكو وشيفرون وفيليبس للتنقيب عن النفط، وقد استصدرت قرارا في مجلس الأمن يوم 1992/12/3 تحت رقم 794 فشكلت قوة تدخل عسكري من قواتها ومن قوات أذنابها العملاء في مصر وتركيا وباكستان، فعندما سُحل جنودها في الشوارع أفزع شعبها المنظر فخاب أملها في عملية الأمل التي أطلقتها على تدخلها العدواني فخرجت هي ومن معها تجر ذيول الخزي، ولكنها لم تترك البلد فعادت تعمل بواسطة عملاء آخرين من دون التدخل المباشر، فعندما خاب فألها أوعزت إلى عملائها في إثيوبيا وأوغندا للحرب بالوكالة عنها وما زالوا هناك.

 

5-  ومن هنا نستنتج أن أمريكا أظهرت عجزها أمام ثورة الأمة في الشام، والأمة تحاربها في كل مكان وعلى كافة المستويات، اضطرها ذلك إلى التدخل العسكري المباشر، ولتعزز قوتها، لأن عملاءها وخدمها وشركاءها وحلفاءها لم يحققوا لها ما تبغي من البغي والطغيان والعدوان على أهل سوريا لإخماد هذه الثورة المباركة. وإن هذه الثورة لقادرة بإذن الله على قهر أمريكا وإخراجها من المنطقة كلها مدحورة مذمومة، وما على أهل الشام صفوة بلاد الله وخير أجناد الأمة إلا أن يرفضوا المفاوضات والهدن ووقف إطلاق النار ويسقطوا العملاء والمتخاذلين ويواصلوا عملهم حتى يسقط النظام العلماني ويقوم مكانه حكم الله متجسدا في الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وأن يتوكلوا على الله حق التوكل فهو حسبهم، ولا يستعينوا إلا به فهو خير معين، فلا ينقضوا عهد الله وهم يتلون في صلواتهم صباح مساء ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾، وكلما جمع لهم الناس واشتدت عليهم الخطوب ولم يبق لهم غير الله فليعلموا أن ثورتهم صحيحة وأن الله معهم ولن يترهم أعمالهم بل هو مولاهم وناصرهم وهو خير الناصرين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

 

 

2016_04_28_TLK_4_OK.pdf