Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة الأربعون

 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”

 

الحلقة الأربعون

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المسلمون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: “الثبات على الحق أثناء حمل الدعوة”. وحديثنا عن الأساليب التي استعملها كفار مكة لمقاومة الدعوة، كنا قد تحدثنا عن سبعة عشر منها:

 

ثامن عشر: ومن الأساليب التي استعملها كفار مكة لمقاومة الدعوة المنع من الهجرة: روى الحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرة، فإما أن تكون هجرا أو تكون يثرب”. قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وخرج معه أبو بكر رضي الله عنه، وكنت قد هممت بالخروج معه فصدني فتيان من قريش، فجعلت ليلتي تلك أقوم ولا أقعد، فقالوا: قد شغله الله عنكم ببطنه ولم أكن شاكيا، فقاموا فلحقني منهم ناس بعدما سرت بريدا ليردوني، فقلت لهم: هل لكم أن أعطيكم أواقي من ذهب وتخلون سبيلي، وتفون لي فتبعتهم إلى مكة؟ فقلت لهم: احفروا تحت أسكفة الباب فإن تحتها الأواقي، واذهبوا إلى فلانة فخذوا الحليتين، وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتحول منها – يعني قباء – فلما رآني قال: “يا أبا يحيى، ربح البيع” ثلاثا، فقلت: يا رسول الله، ما سبقني إليك أحد، وما أخبرك إلا جبريل عليه السلام.

 

وقد بلغ بهم الحرص على منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهجرة مبلغا جعلهم يعلنون عن جائزة لمن يقتله هو وصاحبه أو يأسرهما، أخرج البخاري عن البراء عن أبي بكر قال: “… فارتحلنا والقوم يطلبوننا …” أخرج البخاري من حديث سراقة بن مالك بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما من قتله، أو أسره … فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية … وعن أنس بن مالكرضي الله عنه قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وهو مردف أبا بكر، فالتفت أبو بكر، فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا، فالتفت نبي الله: فقال: اللهم اصرعه، فصرعه الفرس، ثم قامت تحمحم، فقال: يا نبي الله، مرني بما شئت، قال: فقف مكانك، لا تتركن أحدا يلحق بنا. قال: فكان أول النهار جاهدا على نبي الله: وكان آخر النهار مسلحة له.

 

تاسع عشر: محاولة القتل أو التهديد به: أخرج البخاري عن عروة بن الزبير، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}.

 

وأخرج البخاري أيضا في باب إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال بينما هو في الدار خائفا إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير وهو من بني سهم وهم حلفاؤنا في الجاهلية فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت قال: لا سبيل إليك! بعد أن قالها أمنت…”.

 

ولم يكف المشركون عن التآمر على قتله صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر ابن حجر في فتح الباري قال: “قال ابن اسحق وموسى بن عقبة وغيرهما من أصحاب المغازي: لما رأت قريش أن الصحابة قد نزلوا أرضا أصابوا بها أمانا، وأن عمر أسلم، وأن الإسلام فشا في القبائل، أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم وبني المطلب، فأدخلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبهم ومنعوه ممن أراد قتله …).

 

وأخرج أحمد بإسناد رجاله ثقات غير عثمان الجزري وثقه ابن حبان وضعفه غيره عن ابن عباس في قوله تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.(الأنفال30) قال: “تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه …” الحديث.

 

وأخرج ابن هشام في سيرته: قال ابن إسحق: “فحذرت قريش خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بالمدينة… فاجتمع الملأ من قريش في دار الندوة يتشاورون فيما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم… ثم قال قائل منهم: “احبسوه في الحديد”… ثم قال قائل منهم: “نخرجه من بين أظهرنا”… قال فقال أبو جهل: “والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد”! قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا فينا ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه).

 

ومن الصحابة من صبر على القتل كسمية أم عمار رضي الله عنهما، وكانت أول شهيدة في الإسلام.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

محمد احمد النادي