لم يتبق لأهل السودان إلا السقوط صرعى الجوع والمرض!!
الخبر:
قرر اجتماع عُقد بالقصر الجمهوري لوزراء القطاع الاقتصادي مع النائب الأول للرئيس الفريق أول بكري حسن صالح، قرر إنشاء لجنة عليا لمتابعة إنفاذ البرنامج الخماسي، وبحث خطة لرفع المعاناة عن الناس، وقال وزير المالية بدر الدين محمود، إن الاجتماع تناول خطة لرفع المعاناة عن أهل السودان خلال الفترة القادمة؛ من خلال تقديم حزمة من الدعم الإنساني متمثلة في زيادة قوت العاملين وتقوية حزم الدعم الإنساني. (صحيفة آخر لحظة 17 أيار/ مايو 2016م عدد 3449) بتصرف بسيط
التعليق:
لا يكاد يخلو مجلس في السودان، من الحديث عن المعاناة المعيشية، والأزمات الاقتصادية التي كادت أن تقضي على الأخضر واليابس في البلاد، فالجوع كائن حي يمشي بين الناس في الطرقات، والفقر أصبح له سلطان يتربع به على صدور الخلق، والظلم هو سيد الموقف بلا منازع، وقد صرح من قبل وزير الصحة بحر أبو قردة بقوله: (هناك 13 مليون نسمة من أهل السودان يعانون من سوء التغذية) وهي العبارة الأقل حدة من عبارة الجوع. وقد صدق الرجل وهو المنتمي لحكومة لا حظ لها من الصدق. وكان الأمين العام لديوان الزكاة؛ محمد عبد الرازق مختار قد قال: (إن نسبة الفقر في السودان قد وصلت إلى 46%) (صحيفة التيار 10 شباط/ فبراير 2015م عدد 1241).
وها هو تقرير صادر عن دائرة الأمن الاقتصادي يشير إلى جملة من المهددات التي تجابه الأمن الاقتصادي، أهم أسبابها المعاملات الربوية، فقد أقر مدير إدارة أمن الإيرادات بالأمن الاقتصادي آدم أحمد مراد، بأن أثر الأزمة المالية الاقتصادية العالمية، وفوائد الديون الخارجية التي بلغت (48) ملياراً من أصل (16) ملياراً كان لها الأثر الكبير في إضعاف الاقتصاد. (صحيفة آخر لحظة 17 أيار/ مايو 2016م عدد 3449)، الجدير بالذكر أن ما يعبر عنه الرجل بــ (فوائد الديون) هي الصفة الرأسمالية لما يعرف عندنا – نحن معشر المسلمين – في الفقه الإسلامي بالربا، وهو إعلان حرب على الله عز وجل، بنص القرآن الكريم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾، فماذا ينتظر أهل السودان من حكومة تعلن الحرب على الله ورسوله، من خلال المعاملات الربوية، غير الدمار الاقتصادي ومزيد من المعيشة الضنكا!! وليس هذا وحده هو سبب غلاء الأسعار، والمعاناة الاقتصادية، وإنما أيضاً حزمة الضرائب والجبايات، التي تفرضها الدولة على السلع والتي بلغت قرابة (17) نوعاً، يدفعها الشخص من قوت يومه، إضافة لانصياع الحكومة لسياسات صناديق المال الربوية الدولية، هذا بالإضافة إلى الاحتكار الذي يباشره بعض الانتهازيين والطفيليين، بمساندة، ودعم، من الدولة بل إن وزير التجارة السابق، عثمان عمر الشريف، كان قد صرح في لقاء مع قناة الشروق بتاريخ الاثنين 21 أيار/ مايو 2015م قائلاً إن الاحتكار هو السبب في غلاء الأسعار بالبلاد.
هذه هي الأسباب الحقيقية لغلاء الأسعار ومعاناة الناس، وهي تنحصر في الضرائب والجبايات، التي تفرضها الدولة على السلع والخدمات، وسياسات صندوق النقد الدولي الكسيحة، التي تجفف الاقتصاد من أي نشاط اقتصادي تنموي، والقروض الربوية التي تجعل البلاد رهينة في أيدي الأعداء، بالإضافة إلى تعطيل المشاريع الزراعية والصناعية كأثر طبيعي لتلك السياسات الرعناء.
لذلك كله فإننا نقول لهؤلاء المتسكعين في القصر الجمهوري، وهم يحسبون أنهم يقدمون معالجات للقضاء على الفقر والمعاناة والغلاء، نقول لهم إن المشكلة تكمن في تطبيق النظام الرأسمالي نفسه. ولا يمكن أن تعالج تلك المشكلة بما يسمى بالدعم الإنساني أو البرنامج الخماسي، وما شاكل ذلك، فكله وهمٌ وخرافة، إنما العلاج الجذري لهذه الإشكاليات هو استرداد أموال الأمة المنهوبة أولاً، فهناك (1360) دستورياً وتشريعياً بالولايات بتكلفة (20) مليون في الشهر تخصم من قوت الفقراء والمساكين، فهذه الجيوش من المستوزرين، هي التي تنهب أموال الأمة بمهن لا طائل ولا نفع منها سوى تثبيت أركان النظام الرأسمالي. وبالمقابل هناك 34 طناً من الذهب يتم استخراجها سنوياً من السودان على سبيل المثال! فأين تذهب هذه الأطنان، وغيرها الكثير!!؟
نحن أمة غنية بثرواتها ومواردها، فلا يمكن أن تجوع هكذا! لكنها الأنظمة الرأسمالية الجائرة؛ هي التي تجعل من المعاناة سيد الموقف، ولهذا فإننا نقول، إن المعالجات الصحيحة لهذة الأزمات المتلاحقة، تكون بتنظيم صفوف الأمة على أساس أحكام الإسلام التي تحرم الربا والضرائب والجبايات، وتتهيأ لتقوم بدورها في توزيع الأموال على الناس بشكل عادل ودقيق، في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام أتيم
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان