الدولة التي لا تُدار بالأيديولوجيا.. تُدار من السفارات!!
الخبر:
… شدد الغنوشي أمام أنصاره على أن الدولة العصرية لا تدار بالأيديولوجيا، بل من خلال البرامج والحلول الاقتصادية ومعالجة قضايا التنمية والتشغيل لضمان العيش الكريم للمواطنين.
كان ذلك في فعاليات مؤتمر حزب النهضة العاشر في تونس. الجزيرة نت.
التعليق:
يكاد المرء يقضي عجبًا من مثل هذه التصريحات، وإن قلت لمن يقرأ إن هذه التصريحات صدرت من مسلم فسيزداد عجبه واستغرابه، هل حقاً الغنوشي يعني قوله هذا؟ أم أنه قد كُتِبَ له وقرأه دون أن يتأمل مضمون ما قال؟ إن كان يستخف بعقول من يتبعونه فهل يظن أنه يستخف بعقول باقي الناس؟ والأهم من كل تلك التساؤلات: كيف سيلقى هذا الرجل ربه ويقف بين يديه ليس بينه وبينه ترجمان، ويسأله عن هذا القول الذي قال، وغيره من الأقوال الأخرى التي قالها في هذه الاحتفالات، يفصل فيها الإسلام عن الحياة، ويجعل الإسلام ديمقراطياً، وغير ذلك من الدعاوى الباطلة؟
أما قوله المنقول أعلاه، “الدولة العصرية لا تدار بالأيديولوجيا..” فعن أية دولة يتحدث؟ فإن كان يتحدث عن دول أسياده فهي تدار بالأيديولوجيا الرأسمالية، بالمبدأ الرأسمالي، وإن كان يتحدث بضيق الأفق عن القطر الذي يعيش فيه فهو يعلم أنه يدار من السفارات الغربية، شأنه في ذلك شأن باقي الدول التابعة.
وأما زعمه أن الدولة العصرية تدار “من خلال البرامج والحلول الاقتصادية ومعالجة قضايا التنمية والتشغيل لضمان العيش الكريم للمواطنين” فهذا الزعم مخالف للواقع، ومخالف لأبسط قواعد التفكير، ومخالف لأهم أسس الإسلام. أما مخالفته للواقع فإن تلك البرامج المزعومة والتي لم تستند إلى عقيدة الأمة؛ لم تجرّ إلا الويلات على شعوب الدول التي غرر بها وعملت بها، وما هذه الدعاوى إلا من كيد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اللذين ما دخلا بلداً إلا تركاه يباباً. وأما مخالفته لأبسط قواعد التفكير، فإن أي عمل لا بد أن يسبقه فكر، وهذه البرامج والحلول الاقتصادية ومعالجة قضايا التنمية والتشغيل لا بد أن يسبقها فكر، ولا بد أن تستند إلى فكر، والفكر الذي نعنيه هنا هو الفكر الأساسي، أو الفكر الكلي، أي الأيديولوجيا، وليعلم الغنوشي أن تلك البرامج التي يدعيها إنما تأتيه من أصحاب أيديولوجيا، يستندون فيها إلى أيديولوجيتهم التي تناقض الإسلام جملة وتفصيلاً. وأما مخالفته لأهم أسس الإسلام، فليقرأ سورة الكافرون التي يحفظها كل مسلم، بل كل طفل: ﴿قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون﴾، ولعله يعلم أن من اتبع شخصاً يحل حراماً ويحرم حلالاً فقد عبده، وليقرأ قول الله تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ﴾، لما أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال، وهذه البرامج والحلول التي يزعمها إن أخذها من غير الله تعالى فقد عبد غير الله تعالى، والإسلام بريء منه ومما يدعيه.
فليثب الشيخ إلى رشده، وليعد إلى صوابه، وليتق الله ربه، وليخش يوماً يُرجَعُ فيه إلى الله، ثم توفّى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خليفة محمد – الأردن