بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”
الحلقة السبعونِ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: “أحاسنكم أخلاقا” وقد سبق الحديث عن ستة من الأخلاق الحسنة:
سابعا: الصمت إلا عن خير: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” متفق عليه. وروى أبو داود في سننه عن البراء بن عازب قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, أخبرني بعمل يدخلني الجنة. قال: “لئن قصرت في الخطبة لقد عرضت المسألة, أعتق النسمة وفك الرقبة”. قال: يا رسول الله أهما سواء؟ قال: “لا, عتق النسمة أن تنفرد بها, وفك الرقبة أن تعين في ثمنها, والمنحة الوكوف “أي غزيرة اللبن”, والفيء على ذي الرحم الظالم”. قال: فمن يطيق ذلك؟ قال: “فأطعم الجائع واسق الظمآن”. قال: فإن لم أستطع. قال: “مر بالمعروف وانه عن المنكر”. قال: فمن لم يطق ذلك؟ قال: “فكف لسانك إلا من خير”. رواه أحمد وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في الشعب.
وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته”. رواه الطبراني وحسن إسناده. وعن بلال بن الحارث المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله, ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت, يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله, ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه”. رواه مالك والترمذي، وقال: حسن صحيح، والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه, والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وروى مالك في الموطأ عن أبي هريرة قال: “إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها في الجنة”. وعن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. قال: “لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت”. ثم قال: “ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل”. قال: ثم تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}حتى بلغ {يعملون} ثم قال: “ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه “. قلت بلى يا رسول الله. قال: “رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد “. ثم قال “ألا أخبرك بملاك ذلك كله”. قلت: بلى يا نبي الله قال فأخذ بلسانه قال: “كف عليك هذا”. فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال: “ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم”. رواه أحمد والترمذي, وقال حسن صحيح, والنسائي وابن ماجة.
ثامنا: الوفاء بالعهد: من صفات المؤمن أنه يفي بالعهد, ويصدق في الوعد, ويلتزم بالعقد إذا أبرمه, قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}. (المائدة1) وقال: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا}. (الإسراء34) وقال: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ? إن الله يعلم ما تفعلون}. (النحل91) وقال: {وبعهد الله أوفوا ? ذ?لكم وصاكم به لعلكم تذكرون}. (الأنعام 152) هذا وإن عدم الوفاء بالعهد, وعدم الصدق في الوعد, وعدم الالتزام بالعقد من صفات المنافقين.
روى البخاري عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”. وفي لفظ لمسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أربع من كن فيه كان منافقا خالصا, ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب, وإذا عاهد غدر, وإذا وعد أخلف, وإذا خاصم فجر”.
ونحن في حزب التحرير ابتداء من ذروة رأس الهرم إلى أسفل القاعدة, أي ابتداء من أمير الحزب إلى آخر دارس فيه, نحرص كل الحرص على الدقة في المواعيد, والوفاء بالعهود, والالتزام بالعقود, يظهر ذلك من خلال التزام كل عضو من أعضائه, بالعهد الذي أخذه على نفسه, والقسم الذي أقسمه على أن يظل طيلة حياته حارسا أمينا للإسلام, ويبقى حاملا للدعوة مع الحزب, مطيعا أميره, ومتبنيا أفكاره, ومنفذا تعليماته وإن خالفت آراءه وأهواءه.
ويظهر أيضا من خلال انضباط الشباب في مواعيد الحلقات, وقد مر معنا كيف كان حرص أميرنا الحالي أبي ياسين حفظه الله على أن يذهب أحد المسئولين للإشراف على إحدى الحلقات التي كانت قد تشكلت حديثا, على الرغم من أنه كان بأمس الحاجة إليه في عمل آخر كان قد كلفه به, ولما سئل عن سبب التغيير المفاجئ قال: لكي يتعلم الشباب الجدد, ويعتادوا على الدقة في المواعيد! كما مر معنا أيضا كيف كان الحرص على الصدق بالوعد, والوفاء بالعهد لدى أخي وصديقي ورفيق دربي في الدعوة أبي بسام, ولا أرى بأسا في التذكير بموقفين من مواقفه الكثيرة: الموقف الأول يظهر مدى حرصه على الالتزام بالمواعيد, يوم أن ذهب إلى الحلقة قاطعا مسافة طويلة ماشيا على قدميه في جو قارس البرودة تتساقط فيه الثلوج! والموقف الثاني يظهر مدى حرصه على الوفاء بالعهد, وهو قوله للمحقق أثناء التحقيق: “لو تكرمت علي بإعطائي هذه المجلات وهذه النشرات كي أوزعها, فلقد عاهدت ربي وأقسمت, أن لا أموت إلا وأنا حامل للدعوة” لله درك يا أبا بسام, لقد صدقت الله فصدقك, رحمك الله, وأسكنك فسيح جناته, وجمعنا وإياك في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم آمين!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي