Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” – الحلقة الرابعة والثمانون

 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”

 

الحلقة الرابعة والثمانون

 

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المسلمون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق:

 

سادسا: ومن الأخلاق الذميمة السخرية والاستهزاء بالمسلم: قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}.  (الحجرات11) وعن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم في الآخرة باب في الجنة، فيقال له: هلم هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاءه أغلق دونه, ثم يفتح له باب آخر، فيقال له: هلم هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاءه أغلق دونه, فما يزال كذلك حتى إن أحدهم ليفتح له الباب من أبواب الجنة، فيقال له: هلم فما يأتيه من الإياس”.  رواه البيهقي في الشعب بإسناد حسن مرسل.

 

سابعا: ومن الأخلاق الذميمة إظهار الشماتة بالمسلم: عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك”. رواه الطبراني في المعجم الكبير, والترمذي بلفظ “فيرحمه” وقال: حديث حسن.

 

ثامنا: ومن الأخلاق الذميمة الغدر: عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”. متفق عليه.

 

وعن عبد الله بن مسعود وابن عمر وأنس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان”. متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لكل غادر لواء عند إسته يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة”. رواه مسلم. ومعنى الإست: العجز والمؤخرة ويطلق على حلقة الدبر.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر, ورجل باع حرا فأكل ثمنه, ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره”. رواه البخاري.

 

وعن يزيد بن شريك قال: رأيت عليا رضي الله عنه على المنبر يخطب فسمعته يقول: لا والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة فنشرها, فإذا فيها أسنان الإبل، وأشياء من الجراحات, وفيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ذمة المسلمين واحدة, يسعى بها أدناهم, فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا”. رواه مسلم. وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقض قوم العهد قط إلا كان القتل بينهم، وما ظهرت فاحشة في قوم قط, إلا سلط الله عز وجل عليهم الموت، ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر”. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وعن عمرو بن الحمق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أيما رجل أمن رجلا على دمه ثم قتله، فأنا من القاتل بريء، وإن كان المقتول كافرا”. رواه ابن حبان في صحيحه. وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة، وإن ريح الجنة ليوجد من مسيرة خمسمائة عام” وفي رواية: “من قتل معاهدا في عهده، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام” رواه ابن حبان في صحيحه.

 

تاسعا: ومن الأخلاق الذميمة المن بالعطية ونحوها من أنواع المعروف: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}. (البقرة264). وعن أبى ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم” قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر رضي الله عنه: “خابوا وخسروا من هم يا رسول الله” قال: “المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب”. رواه مسلم.

 

عاشرا: ومن الأخلاق الذميمة الحسد: وهو تمني زوال النعمة عن صاحبها، أما تمني مثلها لنفسه فهي الغبطة, وهي جائزة. قال تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله}. (النساء54) وقال: {ومن شر حاسد إذا حسد}. (الفلق5) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث”. متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يجتمع في جوف عبد مؤمن غبار في سبيل الله وفيح جهنم، ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد”. رواه أحمد والبيهقي والنسائي وابن حبان في صحيحه. وعن ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا”. رواه الطبراني بإسناد قال عنه المنذري والهيثمي رجاله ثقات. وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء, والبغضاء هي الحالقة أما إني لا أقول تحلق الشعر, ولكن تحلق الدين, والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”. رواه البيهقي في الشعب والبزار, وقال الهيثمي والمنذري: إسناده جيد. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب، صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان  نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد”. رواه ابن ماجة, وقال المنذري والهيثمي إسناده صحيح.

 

والحاسد سيء العاقبة في الحياة الدنيا قبل الآخرة, ولله در القائل:

 

لله در الحســد ما أعدلــه === بــدأ بصاحبــه فقتلــه

 

ورحم الله الشاعر ابن المعتز عبد الله بن محمد المتوكل بالله بن المعتصم بن الرشيد العباسي حيث قال:

 

اصبر على كيد الحسود, فإن صبرك قاتله === كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله

 

هذا وربما يقوم الحاسد بدور إيجابي في نشر الفضيلة وهو لا يدري, ولله در الشاعر أبي تمام حيث قال:

 

وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت === أتـاح لهـا لسـان حسـود

 

فإذا التزم المسلم بالأخلاق الفاضلة, باعتبارها أحكاما شرعية واجبة الاتباع طاعة لله: امتثالا لأوامره, واجتنابا لنواهيه, فإنه يسمو ويرقى في المرتقى السامي من علي إلى أعلى, ومن شاهق إلى شاهق.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

محمد احمد النادي