احذروا الأرملة السوداء أمريكا وصغارها
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 41]
يسمى ذكر العنكبوت عنكب والأنثى تسمى عنكبوت، وقد ضرب الله بيتها مثلا في الوهن، وليس المقصود ببيت العنكبوت خيوطها، فبعض خيوط العنكبوت من قوتها أقوى من الفولاذ، وبالتالي فليس المقصود وهن الخيط وضعفه، ولكن المقصود هو وهن ذلك البيت، ومن المعروف عن بعض فصائل العناكب أن الذكر يقدم للأنثى قربانا قبل أن يقربها كي لا تأكله هو، وبعض فصائل العنكبوت تأكل الأنثى الذكر في ثمانين بالمائة من الحالات حين يقربها، والأنثى تبقي صغارها لديها فترة قصيرة فإن طالت الفترة أكلتهم، وبعض فصائل العنكبوت إن شح الطعام سارعت الأم بالتغذي على صغارها، فأي بيت هذا؟ إنه بيت علاقاته الأسرية علاقات قتل ودماء، لا ترعى فيها وشائج قرابة، ولا صلة أرحام، ولا ترقب العنكبوت في زوجها ولا أولادها إلا ولا ذمة، ولا قرابة ولا أمومة، فهي العنكبوت، وهي الأرملة السوداء، قتلت زوجها وأضحت أرملة، ولا شك أن هذا مثال لأوهن البيوت، وأضعفها، وأشدها بؤسا، لا ولاء للقوي فيه إلا لنفسه، ولا ينفع الضعيف فيه أن يقدم القرابين ليبقى حيا، وما هي إلا سانحة حتى يصبح لقمة سائغة!
فالله تعالى يقول لنا: إن أولئك الذين اتخذوا من دون الله أولياء، و”الولي” هو الذي يلي غيره، يجلس إلى جواره، لا واسطة بينهما، ويأتي “الولي” بمعنى الناصر: وَلِيَهُ نَصَرَهُ ويأتي الولي بمعنى الحاكم: ولي الأمر، والوالي السيد، فالولي هو السيد، والحاكم، والناصر، تحتكم إليه مباشرة، تستنصره مباشرة، تعطيه السيادة مباشرة لا يقف بينك وبينه طرف ثالث.
فمن اتخذ طرفا ثالثا ولم يجعل الولاية لله، فاستنصر غير الله، كأن طلب النصر من أمريكا، اتخذها بهذا وليا من دون الله، أو تبعها تبعية سياسية، أو احتكم إليها، أو ارتضى أن يأخذ المال السياسي الملوث المصحوب بالإملاءات والخطوط الحمراء، فإنه يتخذها من دون الله وليا، ويظن أن لن ينصره الله إلا بهذه التبعية لأعداء الله، فبؤسا له وتبا لما يظن!
فمثله في القرآن كمثل من اتخذ العنكبوت ناصرا ووليا، وهي التي تأكل صغارها، وتأكل ذكرها، تأخذ منه ما تريد ثم تأكله، وتلقيه في قارعة الطريق،
أولئك النفر في الشام ممن ارتضى موالاة أمريكا، فجلس إلى طاولة المفاوضات، وارتضى بالحلول الأمريكية، إنما يسلم نفسه للأرملة السوداء، ومصيره القتل أو الصَّغار، ولن تعطيه أمريكا إلا ما تعطي الأرملة السوداء لزوجها أو لصغارها! أولئك النفر في الشام ممن رهن بندقيته لإملاءات دويلات الضرار من السعودية وقطر والأردن وأمثالها، فإنما يرهن نفسه لأتباع العنكبوت الصغار المنصاعين لأوامر الأرملة السوداء أمريكا، فهل يتأمل أن يحقق نصرا! أو يتأمل أن يسود وهو يتبع لعبيد صغار مردوا على النفاق والتبعية والعمالة؟
فاعتبروا يا أولي الألباب
الله تعالى هو الولي ولا ولي إلا هو: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا﴾ [المائدة: 55]
من استنصر غير الله فإنه لن يجد الله له ناصرا، ومن جعل غير الله سيدا وحاكما فإنه لن يجد الله له كافلا وحافظا ومعينا، وسيكله الله إلى من أوكل نفسه هو به، سيكله إلى الأرملة السوداء أمريكا، وكم من عظة لنا فيما فعلته تلك الأرملة السوداء أمريكا بالحكام والعملاء والشعوب ممن أوكلوها أمرهم أو تسلطت عليهم بقوتها، مما تشيب لهوله الولدان، فها هي ما إن استحكمت في العراق حتى دمرته، وجعلت عاليه سافله، ورجمته بما يعادل 250 قنبلة ذرية كتلك التي رمت بها هيروشيما، وأصبح العراق يصحو على تفجيرات وينام على أحقاد، وكل هذا بعد أن أسلم حكام العراق أمرهم لأمريكا، وها نحن نرى بأم العين في الشام كيف أن أمريكا تمنع الشام من الخروج من كنفها وسيادتها إلى كنف الأمة وسيادتها وحضنها، فتسلط عليها عمليها الطاغوت المجرم، وتسلط عليها إيران الحقد وروسيا المجرمة وكل خنازير الأرض كي تبقيها كما كانت في عهد المقبور وابنه المدحور بإذن الله، خادمة لكيان يهود، محافظة على مصالح أمريكا، وإننا لن نتخذ من أمريكا وليا ولا نصيرا، ولن نكون ضحية لتلك الأرملة السوداء، وليس لنا من ناصر إلا الله تعالى، وها هي تسلط صغارها أمثال السيسي وحفتر على شعوبهم يسومونهم سوء العذاب، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وها هي بلاد المسلمين لا مفر لها أن تختار واحدة من اثنتين: إما أن تكون ضحية أخرى للأرملة السوداء أو تنعتق مهما كان الثمن، فتنتصر بالله وتنصر دينه، وتتخذ الله وليا وحكما وناصرا ومعينا، وتنصر دينه فينصرها الله ويشفي صدورها من عدوها، وينصر بها دينه! إما النصر والخلافة، أو العبودية والقتل والدمار!
والحمد لله رب العالمين