الصائم مع القرآن والسنة
الصائمُ يختِمُ صِيامَ رمضانَ بعيدِ الفطرِ
لَمّا أمرَنا الله تعالى بإكمالِ عِدَّةِ رمضانَ، أمرَنا بتكبيرِ اللهِ سبحانَه على هدايتِهِ التي أنْعَمَ علينا بها، وأَعْظِمْ بها من نِعْمةٍ، يَتَوَجَّبُ علينا أن نُحْسِنَ شُكْرَها وحَمْدَ اللهِ تعالى عليها، فقالَ عزَّ مِنْ قائلٍ: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
شَرَعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ للمسلمينَ عِيدَيْنِ يفرحونَ فيهما، يقولُ أنسُ بْنُ مالكٍ: قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ ولهمْ يَوْمانِ يلعبونَ فيهما، فقالَ: (قَدْ أبْدَلَكُمُ اللهُ تعالى بِهِمَا خيراً منهما: يومَ الفِطْرِ والأضْحَى)
إنّهُ يومُ الجائزةِ، ويومُ الفَرَحِ، ويومُ التواصلِ، صِلةِ الرحِمِ والقُرْبى، والجيرانِ والأصحابِ، يومُ الَعطْفِ على الفقراءِ والمساكينِ والمحتاجينَ، يومُ أكلٍ وشُرْبٍ واستمتاعٍ في الْمُباحِ، فلا صِيامَ فيه، روى البخاريُّ عن أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ يقولُ: أربعٌ سمعتُهُنَّ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أوْ قَالَ: يُحَدِّثُهُنَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، … ومنها: (ولا صَوْمَ يومَيْنِ: الفِطْرِ والأضحى).
وفي يوم العيدِ صلاةُ العيدِ، وقدْ أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإخراجِ النساءِ لصلاةِ العيدِ فقد روى مسلمٌ عن أمِّ عطيةَ رضيَ اللهُ عنها، قالت: أمَرَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ والأضحى، الْعَوَاتِقَ والْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُوْرِ، فأمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصلاةَ ويَشْهَدْنَ الخيرَ ودَعْوَةَ المسلمينَ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إحدانا لا يكونُ لَها جِلْبابٌ؟ قال صلى الله عليه وسلم: “لِتُلْبِسْهَا أختُها مِنْ جِلْبَابِهَا”.
وقدْ عَقَدَ الإمامُ البخاريُّ رحمه اللهُ باباً للعيدِ والتجَمُّلِ فيهِ، ويُسْتَحَبُّ للمسلمِ أنْ يأكلَ شيئاً قبلَ خروجِهِ لصلاةِ عيدِ الفِطْرِ، لِمَا رواهُ البخاريُّ عن أنسِ بنِ مالكٍ: كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لا يَغْدُوْ يومَ الفِطْرِ حتى يأكُلَ تَمَرَاتٍ.
ويُهَنِّئُ المسلمونَ بعضُهُمْ بعضاً بالعيدِ بالدعاءِ إلى اللهِ تعالى بقبولِ الأعمالِ الصالحةِ، فهُمْ قدِ أنْهَوْا عبادةً من أعظمِ العباداتِ، ألا وهيَ الصيامُ، وينتظرونَ منَ اللهِ تعالى حُسْنَ القَبولِ.
إنَّ حاملَ دعوةِ الإسلامِ، ومُبَلِّغَ رسالةِ اللهِ إلى عِبادِ اللهِ، يجعَلُ مِنْ كلِّ صِلَةٍ له بالناسِ يومَ العيدِ حَمْلاً لدعوةِ الإسلامِ، فيأمرُ بمعروفٍ أو ينهى عن منكرٍ، أو يدعوْ إلى خيرٍ وبِرٍّ، يُذَكِّرُ أمّةَ الإسلامِ بماضيْها التليدِ، وعزِّها المجيدِ، حينَ كانَ لها دولةٌ تحكمُ فيها بشرعِ اللهِ تعالى، وتَحْمِلُ دعوةَ الإسلامِ رسالةَ هدًى ونورٍ إلى العالمين..
فمنْ أولى من الصائمِ مِنْ أوّلِ يومٍ في رمضانَ، والقائمِ ليلَ رمضانَ، والمجتهِدِ في العَشْرِ الأواخرِ من رمضانَ، والْمُتَصَدِّقِ في شهرِ رمضانَ وفي العَشْرِ الأواخرِ منه؛ مَنْ أولى منه بالفَرَحِ والْحُبُورِ والسرورِ في يومِ الجائزةِ، يومِ الفِطْرِ يومِ العيدِ؟ ومَنْ أولى منه بمواصلةِ فعلِ الخيراتِ بقول الحقِّ وتهنئةِ رَحِمِهِ وقرابتِهِ وجيرانِهِ بالعيدِ، والعطفِ على المساكينِ والمحتاجينَ والفقراءِ؟؟؟ ومَنْ أولى منه بتكبيرِ الله تعالى، وحَمدِهِ وشكرِهِ والثناءِ عليهِ بما هو أهلُهُ سبحانه؟