ضباط مصريون يتربحون من الحصار الخانق على غزة
(مترجم)
الخبر:
في الخامس من أيلول/سبتمبر ذكرت الجزيرة أنه وفقًا لمسؤولي الحدود والمسافرين الفلسطينيين، فإن الضباط المصريين يطالبون الفلسطينيين اليائسين من غزة بدفع رشاوى تصل إلى 10 آلاف دولار للسماح لهم بمغادرة القطاع المحاصر عبر معبر رفح. ووفقًا لمسؤول فلسطيني سابق كان يعمل في سلطة المعابر التي تشرف على معبر رفح، فقد أخذ الضباط المصريون من الفلسطينيين على مدى يومين فقط خلال العام الماضي ليسمح لهم بالسفر إلى مصر حوالي نصف مليون دولار. وكنتيجة للحصار الخانق المفروض على قطاع غزة من قبل كيان يهود منذ عام 2007، أصبح معبر رفح شريان الحياة الوحيد الذي يصل مسلمي القطاع المحاصر بالعالم الخارجي. ومع ذلك، فمنذ وقوع الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، واستلام الدكتاتور الوحشي القاتل اللواء عبد الفتاح السيسي للسلطة في البلاد، فُرضت قيود صارمة على المعبر، في حين لم تفتح الحدود إلا نادرًا. بل إن النظام المصري عديم القلب سد الأنفاق التي تحفر تحت الأرض لتصل بين قطاع غزة ومصر والتي كانت تستخدم لجلب المواد الغذائية والوقود والمواد الأساسية الأخرى اللازمة للناس. ووفقًا للمتحدث باسم مركز جيشا القانوني للدفاع عن حرية الحركة، فإن هناك 30 ألف حالة لأشخاص من غزة يحتاجون السفر بشكل عاجل للخارج لأسباب إنسانية، غالبيتها لتلقي الرعاية الطبية.
التعليق:
إن الحصار الخانق الذي لا يرحم والذي فرضته دولة يهود منذ ثماني سنوات شل غزة ودمر حياة ساكنيها. ولكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن النظام المصري عديم الإنسانية لم يفاقم الكارثة الإنسانية التي تؤثر على مسلمي غزة بقطع الطريق الوحيد الذي يمكنهم من الخروج منها فحسب، بل زاد على ذلك بأن أصبح هذا الأمر وبلا خجل مصدر ترّبح لموظفيه على حساب البؤس العظيم الذي يعيشه هؤلاء الناس. وقد تسبب الحصار على غزة إلى جانب الحصار المفروض على معبر رفح بنقص مزمن في الوقود والمياه والأدوية والمعدات الطبية ومواد إعادة الإعمار اللازمة لإعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية التي دمرتها اعتداءات كيان يهود على القطاع، بما في ذلك أنابيب الصرف الصحي التالفة والتي تسببت بتسرب مياه الصرف الصحي إلى إمدادات المياه. وقد ذكرت منظمة أوكسفام بأن أقل من 10% من 12000 منزل قد دمّر خلال حرب يهود على غزة عام 2014 تم بناؤها خلال عامين. يعيش 75 ألف فلسطيني بلا مأوى في حين يعيش البعض على أنقاض البيوت المهدمة. أحياء كاملة تعيش دون ماء، ولم تتم إعادة بناء المشافي المدمرة، ويعيش 80% من سكان غزة على المساعدات الإنسانية الدولية. في الواقع، فإن البنية التحتية في غزة خرِبَة بحسب تقرير للأمم المتحدة في العام الماضي أفاد بأنه إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فإن القطاع سيصبح “غير صالح للسكنى” بحلول عام 2020.
إن النظام المصري، كما غيره من الأنظمة في العالم الإسلامي هو حارس في الخطوط الأمامية بل وداعم مناصر لدولة يهود وسجنها المفتوح في غزة. فالقيادة التركية، على سبيل المثال، توصلت لاتفاق مع كيان يهود في تموز/يوليو، أعاد تطبيع العلاقات والمصالح التجارية مع هذه الدولة الإرهابية، فيما فشل في طلب رفع الحصار عن غزة. وعلاوة على ذلك فإن الحكومات في العالم الإسلامي أكثر من سعيدة بسقوط القنابل على أطفال المسلمين في اليمن وسوريا والعراق وباكستان وبلاد المسلمين الأخرى ولا تتردد لحظة في خدمة مصالح القوى الاستعمارية الغربية في حين إنها لم تتحرك بوصة واحدة وتستخدم ذات الطائرات المقاتلة والأسلحة للدفاع عن أطفال فلسطين وتحريرهم من الكابوس الذي يعيشونه. إن الواقع هو أن هذه الأنظمة الجبانة الغادرة التي تخلت عن هذا الدين وعن هذه الأمة، هي السبب وراء تجرؤ كيان يهود واستمراره باحتلال هذه الأرض، أرض الإسراء والمعراج، وهي السبب وراء تجرؤه على إرسال جنوده ومستوطنيه ليدنسوا المسجد الأقصى المقدس، وتجرؤه على قتل أطفال فلسطين بدم بارد دون أن تكون عنده ذرة خوف من العواقب.
إن الطريقة الوحيدة لخلاص هذه الأمة وتحررها من الاحتلال والاستبداد واستعادتها لمجدها السابق لا يكون إلا بتحررها وبسرعة من حكم هذه الأنظمة وأجهزتها القمعية غير الإسلامية، وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة على أنقاضها. ففي ظل الخلافة الحافل تاريخها بانتصارات على أعدائهم بزعامة قادة أمثال صلاح الدين الأيوبي الذي حارب باسم الإسلام والذود عن أراضي المسلمين والسعي لتحريرها دون خوف من عدة أو عتاد الجيوش التي واجهها لأنه علم أن الله تعالى حاميه وناصره. وكان هذا السبب هو الذي جعل صلاح الدين يحشد الجيش دون تردد لتحرير الشام من المحتلين الصليبيين النصارى رغم علمه بأنه سيواجه جيوشًا ضخمةً تجتمع فيها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الدول التي اتحدت لحرب المسلمين. وبالفعل فقد منّ الله على المسلمين بالنصر، وأيدهم بجنوده التي لا يعلمهم إلا هو، ذلك أنهم قاتلوا في سبيله ومن أجل إعادة سلطان المسلمين في الأرض المباركة.
وقد رأينا على سبيل المثال، كيف أن جيش ألمانيا الذي دخل الحرب بحوالي مائة ألف مقاتل زاحفًا نحو القدس، أمات الله ملكهم، فريدريك بارباروسا وهم في الطريق ما تسبب بإحباط في صفوف العديدين وعودتهم إلى ديارهم. كما عاد عدد كبير من الجيش إلى ألمانيا تحسبًا للانتخابات الإمبراطورية القادمة، في حين أصيب الكثير ممن بقي منهم بالمرض، فلم يبق من هذا الجيش الكبير إلاّ بضعة آلاف واهية ضعيفة وهم يقفون على أبواب الشام. إن هذا بالتأكيد، درس عظيم لأولئك الذين يعتقدون بأن إقامة دولة الخلافة وتحرير بلاد المسلمين المحتلة أمر مستحيل في يومنا هذا، بحجة أن الدول التي تعارض عودة دولة الإسلام قوية وذات نفوذ، وينسى أولئك بأن هؤلاء الذين يكافحون من أجل إقامة هذا الدين في الأرض يمتلكون سلاحًا لا يقهر؛ تأييد ودعم من رب العالمين!
﴿وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير