تحرير المناهج الأردنية من (الفكر الداعشي)!
الخبر:
عمان ـ «القدس العربي»: مجدداً وبالتزامن… غرق الأردن في الجدل السياسي والديني بعنوان «المناهج الدراسية والتربوية» ويتم فعلاً تعديل بعض النصوص في مناهج ومؤلفات محددة في الوقت الذي تثير فيه الملكة رانيا العبد الله شخصياً جدلاً واسع النطاق وهي تقدم «إقرارات غير مسبوقة» وجريئة جداً وبصورة علنية بالإخفاق في عملية التربية والتعليم.
داعية تغيير المناهج وتنظيفها من مؤثرات التطرف وهو تربوي عتيق وقديم ومخضرم اسمه الدكتور ذوقان عبيدات عاد للواجهة مجدداً بعد ضجيج أثارته قراءة تحليلية جديدة له نشرتها يومية الغد بالتزامن مع مداخلة الملكة وقرار لجنة فنية إجراء تعديلات فعلية ولأول مرة بات ملموساً أنها مدعومة من القصر الملكي.
التعليق:
كثر الجدل في الآونة الأخيرة بين أطياف المجتمع في الأردن حول المناهج المدرسية وانقسموا إلى ثلاث فرق:
فريق تقوده الملكة رانيا وينفذه الدكتور ذوقان عبيدات بدعوى تحرير المناهج من الدعشنة، إذ يقول (يهمني في بداية الحديث عن برنامج جلالة الملكة رانيا العبد الله، وليس خطابها) ما يؤكد أن التغيرات التي حدثت في المناهج هي تنفيذ لما تراه الملكة رانيا من عملية مسح أي مسحة إسلامية عن المناهج وجعلها مناهج علمانية صريحة وواضحة، وقد قام ذوقان عبيدات بنشر دراسته التحليلية الجديدة بعنوان «الداعشية في مناهج التربية والتعليم» إثر بعض التعديلات موحياً ضمنياً بأن العديد من المناهج لا زالت تحتوي نصوصاً (تخدم التطرف والإرهاب وكراهية الآخر).
ويرفض عبيدات أن تكون آيات القرآن الكريم والنصوص النبوية هي الأمثلة في منهاج اللغة العربية ويرفض ورودها في منهاج الثقافة الوطنية والثقافة العامة؛ لأنه يريد أن يكرس القناعة بأن العقيدة الوحيدة هي التربية الوطنية، وليست العقيدة الإسلامية!
وفريق وزارة التربية و(المسحجين) لها ممن برروا هذه الخطوة باعتبارها خطوة تسهل المناهج على الطلبة وتراعي المراحل العمرية، وقاموا بإلغاء كتب الثقافة العامة للمرحلة الثانوية، مذعنين لقرار الفريق الأول رغم أن وزير التربية الدكتور محمد ذنيبات رفض سابقا آراء ذوقان عبيدات، وهددت الوزارة من ينتقد المناهج بتحويله إلى القضاء.
وأما الفريق الثالث فهم جبهة العمل الإسلامي الذين شنوا الهجوم على التغييرات الجديدة، وقد صعد عملية الهجوم أكثر وأكثر لتعزيز موقفه في الانتخابات.
نقول: إن القضية أكبر من مجرد خلع الحجاب عن صورة المرأة وخلع اللحية عن صورة الرجل في المناهج، إن التغييرات الخطيرة في المناهج بدأت في أواخر تسعينات القرن الماضي والتي تتعلق بمناهج التربية الوطنية، واشتدت في الألفية الجديدة؛ فقد ركزت مناهج التربية الوطنية على تعميق مفاهيم علمانية في نفوس الطلبة منها مفهوم الديمقراطية والحريات العامة في كافة المراحل بدءاً من الصف الرابع إلى التوجيهي.
وقد رأينا نتائج ذلك من تغيرات في المجتمع على مستوى الحرية الشخصية وما يترتب عليها من تحلل من الدين وصولا إلى الزنا والشذوذ والمخدرات ومن فرض حرية الرأي، وصولا إلى الوقاحة في التعبير عن الإلحاد وسب الذات الإلهية وفرض حرية الاعتقاد والتسامح بين الأديان وتقبّل الآخر وصولا إلى الإلحاد وعبادة الشياطين.
أما الأمر الثاني الذي ركزت عليه مناهج التربية الوطنية فهو الحرب العادلة وغير العادلة بعيدا عن مصطلح الجهاد لنشر الإسلام. وأما من يحدد الحرب العادلة من غيرها فهي الأمم المتحدة وقوانينها واتفاقياتها، ومهمة الجيش الأردني كما هي مهمة الجيوش الأخرى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة في فرض السلام العالمي بالذهاب إلى مناطق النزاع في العالم لنشر السلام فيها. أما حقيقة ما يجري هناك فإن المناهج تخفي ذلك، لا تطلع الطالب على أن جيوش السلام في مناطق النزاع تقف إلى جانب عملاء أمريكا ضد الشعوب التي تثور ضدهم مطلقة صفة (الإرهاب) عليهم.
ولعلنا نشهد في التغييرات الجديدة في المناهج حربا على (الإرهاب)، والذي صار علما على كل من حمل السلاح ضد أعداء الأمة عامة وضد عملاء أمريكا خاصة.
كما ركزت المناهج على الولاء للهاشميين حكام الأردن، الذين أسسوا الأردن تحت قيادة الإنجليز، وحافظوا على أمن يهود.
كما ركزت المناهج على مؤسسات الأردن المدنية والعسكرية وإضفاء الشرعية على أعمال المخابرات والأمن والجيش والدرك، وكلنا يدرك أن وظيفة هذه الأجهزة هي حماية العرش الهاشمي والقضاء على كل حركة تريد استعادة الأمة لسلطانها المغتصب وتطبيق شرع ربها عليها. كانت المناهج سابقا تركز على تعميق القومية ثم تحولت إلى الوطنية، ونظرت إلى من يحمل مشروعا اسلاميا عالميا يشكل خطرا على الوطن.
كما ركزت مناهج التربية الوطنية على مفهوم الدولة ومقوماتها بالمعنى الرأسمالي بعيدا عن المعنى الإسلامي للدولة.
كما ركزت أيضا على اتفاقية سيداو التي تطالب بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة، والتي رأينا نتائجها في المجتمع من انتشار للشذوذ وممارسته في العلن؛ فقد تم عقد قران رجلين في إحدى الكوفيهات وكذلك تم عقد قران بنتين في إحدى الصالات، وشهد الأردن حفلة للشواذ، وحفلة أخرى لعبدة الشياطين.
كما تحدثت المناهج عن حقوق الإنسان وعن حقوق المرأة وعن حقوق الطفل رجوعا إلى اتفاقيات الأمم المتحدة وقوانينها رغم مخالفة بعض هذه الحقوق للشريعة الإسلامية.
كما تحدثت عن شرطة حماية الأسرة؛ تلك المؤسسة التابعة لجهات أجنبية تمويلا وإدارة، وتقوم هذه المؤسسة بحماية الفتيات اللواتي مارسن الرذيلة في المقام الأول، أما حماية بقية النساء اللواتي يتعرضن للضرب من قبل أسرهن أو غيرهم فتأتي بالدرجة الثانية…
كما تحدثت المناهج عن تنظيم النسل واستخدام موانع الحمل تحت عنوان الصحة الإنجابية، تنفيذا لمتطلبات اتفاقية سيداو، مخالفة بذلك الأحاديث التي تدعو إلى كثرة النسل قال رسول الله e: «تزوجوا الودود الولود فاني مباه بكم الأمم يوم القيامة».
كما تحدثت المناهج عن اتفاقية وادي عربة؛ تلك الاتفاقية الكارثية التي منحت ثروات ضخمة ليهود وحرمت منها أبناء الأردن الذين يتضورون جوعا.
كما تحدثت المناهج عن محمية ضانا وأن الدولة أنشأتها لحماية البيئة الحيوانية ومنع انقراض بعض الحيوانات، في حين إن محمية ضانا مليئة بالنحاس الذي منعت استخراجه والاستفادة منه في ميزانية الدولة حتى تبقي الأردن بلدا فقيرا يستجدي المساعدات الدولية ويعمل على تنفيذ أوامر المانحين، وبين كل فترة وأخرى يقوم أتباع الدولة بحملة همس أن المال نفد ولم يبق رواتب للموظفين ثم فجأة تهل المساعدات الدولية والقروض الربوية فيسهل عليها إقناع الأجهزة العسكرية والأمنية بتنفيذ قرارات المانحين المخالفة لعقيدتهم وشرع ربهم.
كما تتحدث المناهج عن شح المياه في الأردن وأننا مضطرون للصلح مع اليهود للحصول على المياه. وفي الكتيب الذي أصدره حزب التحرير عن المياه في الأردن تبين أن ما تعانيه الأردن من شح المياه أمر مصطنع وغير حقيقي فالمياه كثيرة ولكن الدولة تهمل في الحصاد المائي لتترك مياه الأمطار تنزل إلى يهود، وتشترك الأردن مع السعودية في أكبر حوض مائي وأعذبه وهي مياه الديسي، وقد قامت الحكومة في السنوات الأخيرة بجر مياهه إلى عمان للاستفادة منه بعد الانتقادات الواسعة لها، كما أن الدولة أهملت مشروع قناة الغور الشرقية الذي ينقل مياه نهر الأردن إلى الناس للاستفادة منه وتركت النهر ليهود.
أما الصلح مع يهود للحصول على المياه فقد عانى الناس من ذلك ودفعوا ثمن هذا من صحتهم، فقد زودت يهود الأردن بمياه مجاري ملوثة.
ويكذب دعوى كتب التربية الوطنية في شح المياه كتب العلوم خاصة كتاب الجيولوجيا الذي تحدث عن وجود المياه في الأردن خاصة المياه الجوفية بكميات كبيرة.
هذه المفاهيم التي تدرس في كتب التربية الوطنية تصنع شخصيات علمانية لا علاقة لها بالإسلام، ثم جاءت المناهج الجديدة لتمسح أية صفة إسلامية من بقية المناهج خاصة في الصفوف الأولى لتخرج طلابا علمانيين قلبا وقالبا ولتقطع صلتهم بدينهم، بدعوى تحرير المناهج من الدعشنة.
ونسأل هؤلاء: هل المرأة المحجبة (فكر داعشي) يثيرالكراهية والأحقاد؟!
هل إطالة الرجل لحيته فكر داعشي؟!
وهل آيات القرآن وأحاديث رسول الله e تأليف داعش؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا…
ولكنه (الإرهاب) الذي صنعوه ليكون مبررا لهم أمام الناس ليعتدوا على كتاب الله وسنة رسوله…
إنها حرب على الإسلام والمسلمين يقودها أناس يدّعون الإسلام، تنفيذا لأجندات غربية فرضتها أمريكا على دول المنطقة.
فأي إجرام هذا الذي يحدث في الأردن بقيادة رانيا عقيلة الملك عبد الله، ولا ننسى أنها تقود عملية ترسيخ اتفاقية سيداو ويساعدها في ذلك اللجنة الوطنية للمرأة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجاح السباتين – ولاية الأردن