مجددا اعتداء على اللاجئين في ألمانيا
الخبر:
مرة أخرى ينظم اليمينيون المتطرفون مظاهرات ضد استقبال المهاجرين في بلدة باوتسن القريبة من دريسدن ويستفزون شبابا من المهاجرين، ينتهي الأمر باشتباك يستدعي عددا كبيرا من الشرطة التي اضطرت لاستخدام الهراوات لوقف الاشتباك. [شبيغل اونلاين]
التعليق:
يتوافد المتطرفون اليمينيون إلى هذه البلدة المغمورة التي اشتهرت بعداء أهلها للغرباء وخاصة المهاجرين الهاربين من ويلات حرب بشار وعصاباته ليواجهوا في هذه البلدة وفي غيرها من قرى الألمان عصابات اليمين المتطرف التي يشتد عودها يوما بعد يوم بسبب سياسة فتح الحدود التي انتهجتها أنجيلا ميركل.
وفي سابقة تاريخية يحل حزب البديل الألماني محل الحزب الديمقراطي المسيحي العريق ليحصد في قائمة الانتخابات ثلث الأصوات دفعة واحدة من الصفر وذلك في مقاطعة مكلنبرغ – فوربومرن الشرقية.
وقد كتبت صحيفة “برلينر تسايتونغ” في هذا الصدد قائلة: “ما كان لحزب “البديل لألمانيا” وجود بحجمه الحالي ودائرة تأثيره الآني بدون وجود الحرب في سوريا وموجات الهجرة من البلدان العربية والإفريقية. الحزب غيَّر مساره بذكاء عام 2015. اليورو لم يعد موضوعا مطروحا، وهو يعبئ حاليا ناخبيه فقط من خلال بث مشاعر الخوف من الأجانب. الحل الذي يقدمه هو التقوقع”.
صحيفة “فرانكفورتر روندشاو” كتبت في تعليقها على نتائج انتخابات ميكلنبورغ – فوربومرن: “المقتنعون والخائفون والمهمشون واليائسون فعلوها من جديد، وهذه المرة في ميكلنبورغ فوربومرن. بتصويتهم على حزب “البديل لألمانيا” اختاروا حزبا مناهضا لليبرالية وللنساء للأجانب، فمكنوه للمرة التاسعة من ولوج برلمان محلي في هذه البلاد. والكثيرون سيكتبون عن عاصفة فارغة لكن مدمرة. وآخرون سيتحدثون عن ضرورة بدء المعركة من أجل الديمقراطية والدفاع عن بلاد منفتحة على العالم. لكن حزب “البديل لألمانيا” ليس ظاهرة طبيعية ولن يختفي بالهجمات الكلامية فقط. فماذا تفعل الأحزاب الديمقراطية القائمة؟ ما فعلته سابقا في كثير من الانتخابات: إنها تحاول التغطية على خسائرها في استقطاب الأصوات”.
أسئلة يجب طرحها هنا على أصحاب العقول النابهة والمفكرين المبدئيين والمنظرين الديمقراطيين: هل ستنجح ميركل في مهمتها كما اشتهر في مقولتها تجاه المهاجرين؟، أم أنها ستجلب المزيد من الويلات على المجتمع؟
لا شك أن المتابعين والسياسيين ينظرون بحذر إلى ازدياد التطرف اليميني واستفحاله لدرجة أن نجد مجموعة من المتفرجين على حريق ملجأ للمهاجرين في بلدة باوتسن هذه يصفقون للحريق ويمنعون الإطفائية من ممارسة عملها في إطفاء الحريق مما اضطر الشرطة إلى اعتقال عدد من سكان البلدة بتهمة إعاقة رجال الإطفاء مما تسبب باختناق عدد من سكان الملجأ في شهر شباط/فبراير من هذا العام.
ومن الملاحظ أن السياسيين الآن يتخلون عن فكرة ميركل في مقولتها المشهورة “سننجح في ذلك” قاصدة استقبال مليون لاجئ أو أكثر. حتى إن حليفها الحالي رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي يصرح بلزوم تحديد سقف لعدد المهاجرين مما يعتبر طعنة في خاصرة ميركل وخذلاناً لها في سياستها المعلن عنها. وكذلك الحال بالنسبة لعدد من أتباع حزب ميركل نفسها يعلنون تخليهم عن السياسة المتبعة حاليا مما سيكون له تأثير كبير على مجرى الانتخابات في العام القادم.
من وجهة نظري لا يصح نسبة الفشل في هذه السياسة إلى ميركل شخصيا، بل هو فشل متجذر في المبدأ الذي تسير عليه هذه الدول، مبدأ الرأسمالية، وما ترتب عليه من فكرة الوطنية والقومية، التي تتأجج في عقول المتطرفين وتشتعل في قلوب اليمينيين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة – ألمانيا