الاتحاد الأوروبي بين الآمال والمعوقات
الخبر:
يستعد قادة الاتحاد الأوروبي لوضع رؤية جديدة لمستقبل تكتلهم، يوم الجمعة، حيث دعا مسؤول بارز إلى محادثات “صادقة حتى وإن كانت قاسية” عقب قرار بريطانيا الصادم بترك الاتحاد.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي سيترأس القمة غير الرسمية لقادة التكتل في العاصمة السلوفاكية: “لم نأت إلى براتيسلافا لنواسي بعضنا البعض أو حتى الأسوأ من ذلك أن ننكر التحديات الحقيقية التي نواجهها”.
وأضاف: “في هذه اللحظة الخاصة من تاريخ مجتمعنا، وبعد التصويت في المملكة المتحدة، الشيء الوحيد ذو الجدوى هو أن يكون هناك تقييم واقعي وصادق بدرجة قاسية للوضع”.
التعليق:
أولا: الاتحاد الأوروبي هو جمعية دولية للدول الأوروبية يضم 28 دولة وآخرهم كانت كرواتيا التي انضمت للاتحاد في 1 تموز/يوليو 2013، تأسس الاتحاد الأوروبي بناء على اتفاقية تعرف باسم معاهدة ماسترخت الموقعة عام 1992، ولكن العديد من أفكاره موجودة منذ خمسينات القرن الماضي.
من أهم مبادئ الاتحاد الأوروبي نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية. لكن تظل هذه المؤسسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدة لذا لا يمكن اعتبار هذا الاتحاد على أنه اتحاد فدرالي حيث إنه يتفرد بنظام سياسي فريد من نوعه في العالم. وقد قررت المملكة المتحدة عبر استفتاء شعبي الخروج من الاتحاد الأوروبي، لتصبح أول دولة تقوم بذلك.
ثانيا: إن أهم معوقات الاتحاد الأوروبي لتكوين وحدة حقيقية عاملان رئيسيان وهما:
أ- الواقع (القومي) المختلف بين الدول الأوروبية، وبخاصة الكبرى منها والعداء التاريخي بين هذه الدول والحروب والخوف من سيطرة دولة ما على القرار السياسي، كل هذا يشكل عائقاً أمام تكوين أوروبا موحدة قوية، تؤثر في السياسة الدولية.
ب- النفعية الرأسمالية التي تعتنقها دول الاتحاد بحيث تريد بعض الدول السيطرة على الاتحاد، وهذا واضح بين كل من فرنسا وألمانيا ولا تريد بعض الدول إعطاء التنازلات بحجة السيادة القومية.
ثالثاً: الاتحاد الأوروبي عملاق اقتصادي تخشاه أمريكا، وتعمل كل ما في وسعها لتقزيمه؛ لأنه منافس حقيقي لها في مجال الاقتصاد، أما في الحقل السياسي، والحقل العسكري، فإن الاتحاد الأوروبي ضعيف بالنسبة إلى أمريكا. وأمريكا ناجحة في إضعافه بعوامل منها:
أ- الإبقاء على حلف الأطلسي (ناتو) الذي كان يفترض أن ينتهي منذ انتهاء حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفياتي الذي تفكك. ولكن أمريكا تصر على استمرار حلف الأطلسي بحجة حماية الدول الأوروبية من روسيا وغيرها إذا لزم. إن إنشاء أوروبا لجيش أوروبي موحد والخروج من سيطرة الناتو والعمل على الخروج منه هو بداية إضعاف السيطرة الأمريكية على أوروبا وإعادة النظر في العلاقات الأوربية الروسية – إن استطاعت – والوقوف في وجه النفوذ الأمريكي في دول الاتحاد خاصة الحديثة منها.
ب- وجود بريطانيا في الاتحاد؛ والسياسة البريطانية التي لا تريد لنفسها أن تذوب في الاتحاد الأوروبي فتكون دولةً مثل لوكسمبورغ مثلاً؛ ولذلك فهي تضع قدماً في الاتحاد الأوروبي، وأخرى في أمريكا، فتتلاقى مصالحها مع مصالح أمريكا في نقطة إضعاف الاتحاد الأوروبي: بريطانيا لتبقى هي المتنفذة في أوروبا، وأمريكا لكي لا تزاحمها أوروبا لو أصبحت قوةً موحدة، وهذه النقطة لن تنتهي بخروج بريطانيا من الاتحاد وإن كان خروجها مصلحة لأوروبا لمحاولة إعادة صياغة الاتحاد بشكل قد يؤدي إلى وجود تأثير حقيقي على المسرح العالمي.
وفي النهاية نؤكد على حقيقة وهي أن ميزان القوة الأوروبي غير متماسك، ويكاد لا يكون هناك قوة أوروبية واحدة، بل هي دول قوية في أوروبا، على رأسها فرنسا، تعمل لإيجاد تكتل من دول أوروبية أخرى معها لمحاولة تكوين وإيجاد واقع حقيقي ومملوس للاتحاد الأوروبي.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان – أبو البراء