خطاب أردوغان للأمم المتحدة يهز وسائل الإعلام الإلكترونية
(مترجم)
الخبر:
أدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابًا مذهلاً في نيويورك خلال الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي أصبح موضوعًا رائجًا على تويتر تحت هاشتاج #ErdoganVoiceofTheOppressed.
حيث تطرق لمواضيع الحرب في سوريا والعراق، وقضية اللاجئين، واتفاق إعادة القبول مع الاتحاد الأوروبي، إلى محاولة الانقلاب في تركيا. كما أعرب عن وجهات نظره بشأن الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن “العالم أكبر من خمس” في إشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في نظام صنع القرار في مجلس الأمن. “خمس دول دائمة العضوية في الأمم المتحدة لا تملك الحق في أن تقرر مصير بقية العالم. العالم محكوم بهذه الدول الخمس. ومجلس الأمن الذي لا يمثل العالم كله لا يمكنه ضمان تحقيق العدالة”، مشيرًا إلى مجلس أمن من 20 عضوًا دائما. ولكن هناك نقص كبير، بل خطأ في اقتراحه…
التعليق:
قال أردوغان بأن “مئات الآلاف من الأطفال والنساء، الصغار والكبار لا يزالون يقتلون في قبضة (الإرهاب) والحرب. اللاجئون الذين فروا من الاضطهاد والموت عليهم أن يواجهوا المعاملة المهينة في المدن الأوروبية. وفي كثير من دول العالم، يناضل الناس ضد الجوع والأوبئة والفقر والأمية، وهذه صورة مخزية تمس بكرامة الإنسان وإنسانيته. والأكثر إيلامًا هو أن معظم هذه المشاكل من السهل حلها”، معربًا عن أن “(المجتمع الدولي) فشل في عيش المشاعر والقيم الإنسانية”.
مبينًا أن تركيا أنفقت 25 مليار دولار على اللاجئين حتى الآن، في حين ظل الدعم الدولي ضعيفًا حيث قال: “للأسف لم يكن الاتحاد الأوروبي قادرًا على الوفاء بوعوده”. وأضاف “نحن كافحنا للتعاون مع المنظمات الإقليمية والجهات الفاعلة العالمية، مؤمنين بأن هذه مسألة مشتركة للبشرية جمعاء”، بافتراض أن تركيا نجحت بالوفاء بالتزاماتها ضمن الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، ولكن بالتأكيد الاتحاد الأوروبي في الواقع قد “نسي وعوده”. على الرغم من أنه هذه المرة لم يبد صراحة خيبة أمله بعد أحداث 15 تموز/يوليو، حيث أشار إليها بالقول “أشعر بالفخر بأمتي”.
في الواقع نطق الرئيس أردوغان في هذا الخطاب، بالذي يريد المسلمون الصراخ به لسنوات. لهذا السبب تحول هاشتاغ #ErdoganVoiceofTheOppressed بسرعة إلى المواضيع الرائجة. ولكن للأسف، هذه التصريحات من أردوغان تظهر فقط أنه يهدف إلى حل هذه المشاكل من خلال أيديولوجية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. في حين إن المصدر الرئيسي لهذه المشاكل هو النظام الرأسمالي الغربي العلماني الديمقراطي نفسه. علاوةً على أن أولئك الذين حاولوا الانقلاب في 15 تموز/يوليو، حاولوا ذلك باسم العلمانية والديمقراطية. والغرب الديمقراطي العلماني في حيرة من نجاح المسلمين، حيث دعم الإعلان واتخذ موقفًا ضد تركيا بدلاً من دعمها. والحقيقة هي أن الأمم المتحدة ومنظمات مثل (منظمة حلف شمال الأطلسي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي وغيرها) هي مؤسسات أنشئت من قبل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، من أجل استغلال العالم واستخدامها لمصلحتهم الخاصة. وهذه المؤسسات هي بلا شك عدوة للإسلام، لأنهم يعرفون جيدًا أن الإسلام هو الأيديولوجية الوحيدة البديلة والمنافسة بقوة للأيديولوجية الرأسمالية التي يقدمون. لقد حذر الله سبحانه وتعالى المسلمين من الكفار بقوله: ﴿يَٓا اَيُّهَا الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاًۜ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْۚ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَٓاءُ مِنْ اَفْوَاهِهِمْۚ وَمَا تُخْف۪ي صُدُورُهُمْ اَكْـبَرُۜ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْاٰيَاتِ اِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران: 118]
المصدر الرئيسي لجميع المشاكل على هذه الأرض هو العلمانية والرأسمالية الديمقراطية. آهات العالم تحت طغيان تلك القوى التي اعتمدت هذا المبدأ، وأولئك الذين يدعون نقص وجود الديمقراطية أو عدم كفاية تنفيذ العلمانية، هم نفس الرأسماليين الديمقراطيين العلمانيين. أو هل ترى أي أيديولوجية أخرى غير هذه الأيدولوجية يجري تنفيذها في أي مكان في العالم؟ هل سبق لك أن رأيت البلدان النامية تتطور إلى الأفضل عندما تضع الأمم المتحدة قدمها فيها، أو حين يمنحها صندوق النقد الدولي أو البنك العالمي ائتمانا؟ أو أنها تضطرب بحرب (أهلية)؟؟؟ أليس هذا بالضبط ما يقوله أردوغان عندما يتولى انتقادهم في أي مناسبة – خيانتهم وخداعهم ونفاقهم؟ في كل حفنة تراب في هذا العالم يوجد فقط دول اتخذت دساتيرها وحكوماتها الفسق أي العلمانية، والديمقراطية التي تعطي السلطة للإنسان المحدود غير القادر الذي يخضع لنزواته ورغباته، وكفلتها من خلال ما يسمى بالحريات كأساس. الهدف الوحيد من الأنظمة العلمانية ومنظماتهم هو حماية الرأسماليين، وزيادة ثرواتهم، وحماية مصالح الغرب، وتنفيذ خططهم الاستعمارية. لهذا الهدف، يخلفون بوعودهم، ويتراجعون، وإذا اقتضت الضرورة ينشئون قوانين تناقض مبادئهم الخاصة، ويعثرون على السبب المناسب في كل فرصة. اليوم يناسبهم تحمل انتقادات رجل مثل الرئيس أردوغان (الذي وفقًا لهم هو ديكتاتور ويجب أن يشاهد أكثر باهتمام كبير) حتى في مجالسهم الخاصة. ومع ذلك بمجرد انتهائهم منه، لن يسمحوا له بأن يحرك ساكنا، ناهيك عن أن ينتقدهم. ولقد رأينا الكثير من هذه الأمثلة.
على الأمة أن تعرف هذا جيدا: لا يهم إذا أصبحت خطابات أردوغان موضوعًا رائجًا أم لا، فهي بالتأكيد ليست التقدم في الاتجاه الذي تريده. الأمة تريد أن يكون الإسلام نمط الحياة الذي ندعو إليه الناس وليس الذي يبرر، كما كان الحال في الماضي. تريد من العالم أن يخشى الواحدة وليس الخمس. ومع ذلك، هذا لن يكون ممكنا إلا من خلال إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، الأمر الذي سيجعل الإسلام مهيمنا في حياتنا، كما أمر الله سبحانه وتعالى. فهذا هو الأمر الواجب! وهنا تكمن الكرامة الحقيقية…
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زهرة مالك