Take a fresh look at your lifestyle.

أمريكا وانهيار نظامها وأمنها الأساسي في الشرق الأوسط

 

أمريكا وانهيار نظامها وأمنها الأساسي في الشرق الأوسط

 

 

 

الخبر:

 

ألقى الرئيس الأمريكي أوباما خطابا يوم 2016/9/20 في اجتماعات الأمم المتحدة المعتادة سنويا، احتوى على كثير من المغالطات والمتناقضات والأكاذيب حول قضايا تتعلق بالاقتصاد والسياسة و(الإرهاب) والديمقراطية، فمما قاله: “لقد انهار النظام الأساسي والأمن الأساسي في مساحات واسعة في الشرق الأوسط”.

 

التعليق:

 

إنه من الصعب التعليق على خطاب طويل دام 47 دقيقة في صفحة وصفحتين. ولكن أتناول جزءًا يسيرا منه يتعلق بمنطقتنا:

 

إن أوباما يتحسر على انهيار النظام التابع لأمريكا ولم يعد لها أمانٌ بقيام الثورات في البلاد الإسلامية، حيث كانت مطمئنة على نظامها تستبدل رئيسا برئيس وتورث الرئاسة لابن رئيس. ولا أحد يزعجها فهي آمنة إلا بتنافس من قوى استعمارية مماثلة لها كبريطانيا. أما الآن فالنظام والأمن قد انهارا بالنسبة لها ولعملائها في المنطقة، ولذلك قال: “كان نظامنا الدولي ناجحا لدرجة أننا نأخذه كأمر مسلم به أن القوى الكبرى لم تعد تخوض حروبا عالمية”. فاعتبر بقاء القادة المجرمين نجاحا لنظامه الدولي. ولكنه الآن يخوض حربا عالمية غير معلنة ضد الأمة الإسلامية التي تريد أن تتحرر وترجع إلى نظامها الإسلامي.

 

وقد ناقض أوباما نفسه عندما قال “ونحن نرى هذه العقلية في أجزاء كثيرة من الشرق الأوسط يعود الجزء الكبير من انهيار النظام هناك لسبب أن القادة سعوا لاكتساب الشرعية ليس من خلال سياسات أو برامج ولكن عن طريق اللجوء إلى اضطهاد المعارضة السياسية”. فمن أتى بهؤلاء القادة ودعمهم؟! أليست هي؟ وخير مثال دعمها لانقلاب السيسي في مصر، ومنعها سقوط نظام بشار أسد في سوريا، وقد أوجدت نظاما إجراميا طائفيا في العراق تناوب عليه عملاؤها من علاوي وجعفري ومالكي وعبادي ودعمته ليمارس الاضطهاد والسحق والقتل وإثارة النعرات الطائفية. فكان من أفسد وأفشل الأنظمة باعترافهم هم. ويضيف أوباما “إن عقلية الطائفية والتطرف وسفك الدماء والانتقام التي تحدث لا يمكن تغييرها بسرعة” أي أنه يقرها ويتعامل معها، ويريد أن تدوم أكثر لأنه لا يمكن أن تتغير بسرعة! ويتكلم عنها وكأنها كانت موجودة قبل وجود الأمريكان والمستعمرين! وهي أي أمريكا التي تتعامل مع النظام الإيراني الذي يثير الطائفية والتطرف وسفك الدماء، وقد دعمته وسهلت دخوله إلى العراق ولبنان وسوريا واليمن.

 

ويناقض أوباما نفسه عندما يدعو إلى الانتخابات وإلى تحقيق الديمقراطية قائلا: “الذين يروجون للديمقراطية يشعرون بالإحباط إلى حد ما منذ نهاية الحرب الباردة… أعتقد أن الطريق إلى الديمقراطية الحقيقية لا يزال المسار الأفضل”، يقول إن نظامه ناجح وفي الوقت نفسه يقول إن هناك إحباطا لعدم نجاح نظامه الديمقراطي! ويدّعي أنه هو المسار الأفضل! وما هو إلا شكل آخر لديكتاتورية أصحاب رؤوس الأموال متسترة بالشعارات البراقة.

 

ويدّعي أوباما مخالفا للحقيقة: “ولذلك بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالديمقراطية مثلنا نحن بحاجة إلى التحدث علنا وبقوة لأن كلا من الحقائق والتاريخ باعتقادي هي في صالحنا. هذا لا يعني أن الديمقراطية خالية من العيوب”. فالحقائق والتاريخ ليست في صالح الديمقراطية التي جلبت الويلات على العالم وأشعلت الحروب وأثارت الفتن، وما زالت أمريكا ومعها الدول الديمقراطية الاستعمارية تحارب الشعوب المستضعفة وتدمرها وتنهب خيراتها تحت مسمى نشر الديمقراطية كما حصل في العراق وأفغانستان وغيرها من البلاد. وادّعى أوباما أن: “انهيار القوى الشيوعية أصبح يوفر للناس القدرة على اختيار القادة مما ساهم في تضاعف النظم الديمقراطية خلال 25 عاما مضت”، علما أن القوى الشيوعية تؤمن هي الأخرى بالديمقراطية وتقول إنها تمثل الشعب تمثيلا حقيقيا، لأن الطبقة العاملة التي تتمثل بالحزب الشيوعي هي التي تحكم وليست طبقة الرأسماليين. وكل الأنظمة التي يدعي أوباما أنها تنتخب قادتها وبذلك يعتبرها ديمقراطية يتم ذلك بتحايل، ومنهم من يجدد لنفسه بانتخابات صورية ومنها من تتدخل أمريكا أو غيرها من القوى الاستعمارية في اختيار القادة.

 

ومن ثم يتناقض مع نفسه فيقول “في البلدان التي جمعتها حدود مرسومة من قبل القوى الاستعمارية مع جيوب عرقية وانقسامات قبلية يمكن أن تبدو السياسة والانتخابات لعبة محصلتها صفر”. فكل بلاد آسيا تقريبا وكل أفريقيا رسمت حدودها من قبل القوى الاستعمارية وأمريكا اشتركت في بعضها ووافقت على البعض الآخر وقامت لتزيد الانقسامات ورسم حدود جديدة على أسس عرقية وانقسامات قبلية. فمن دعم الجيوب العرقية وأوجد الانقسامات في السودان ومن ثم فصل جنوبه عن شماله على هذه الأسس؟! وكذلك في إندونيسيا حيث أمريكا كانت وراء فصل تيمور الشرقية عن إندونيسيا. وكذلك أقامت إقليم كردستان في شمال العراق تمهيدا لتقسيمه ووضعت دستورا للعراق يقر بالانقسامات الطائفية والعرقية وأوجدت نظاما طائفيا بغيضا يمهد للتقسيم، وهي التي تدعم حركة البليساريو الانفصالية في الصحراء المغربية…

 

ومن ثم يدعو أوباما أهل فلسطين للاستسلام والاعتراف بكيان يهود حتى يصبحوا في حالة أفضل! فيقول: “إن (الاسرائيليين) والفلسطينيين سيكونون في حال أفضل إذا رفض الفلسطينيون التحريض واعترفوا بشرعية (إسرائيل)”. هذه شرعة أمريكا الديمقراطية! ألا وهي جعل الناس الذين اغتصبت أراضيهم في فلسطين يعترفون بشرعية المغتصبين وألا يحرضوا على هؤلاء الغرباء المحتلين ولا يمارسوا حقهم المشروع في استرداد أرضهم! فالحالة الأفضل أمريكياً للفلسطينيين الذل والخنوع والاستسلام للعدو المغتصب الذي تدعمه أمريكا بكل أسباب القوة والبقاء.

 

وعندما رأى تحدي الشعوب للنظام الدولي الديمقراطي الذي أقامته أمريكا مما اضطره إلى أن يقول: “ولذلك فإنني أعتقد في هذه اللحظة أننا جميعا نواجه خيارا، إما أن يكون بإمكاننا أن نختار المضي قدما بنموذج أفضل للتعاون والتكامل أو أن يمكننا التراجع إلى عالم منقسم بشدة في نهاية المطاف على أسس قديمة من حيث الانتماء للأمة والقبيلة والعرق والدين”. ويقول ذلك في تناقض عجيب حيث يشيد في خطابه بالأمة الأمريكية وبقيمها ومثلها العفنة.

 

ويريد أوباما أن يوقف الثورة السورية ويحرم الشعب السوري من حقه في اختيار قادته ويجعله يخضع للنظام السوري الإجرامي التابع للنظام الديمقراطي الدولي بقيادة أمريكا فقال “في مكان مثل سوريا حيث لا يوجد نصر عسكري يمكن الفوز به في نهاية المطاف، يجب علينا أن نواصل العمل الدبلوماسي الجاد الذي يهدف لوقف العنف”. وقد أفصحت أمريكا عن عملها الدبلوماسي تحت مسمى الحل السياسي الذي طرحته في جنيف وفي فينّا وفي مقررات مجلس الأمن وهو الحفاظ على النظام السوري بهويته العلمانية ومؤسساته الإجرامية.

 

ونقول لأوباما لقد انهار النظام الأساسي والأمن الأساسي لأمريكا ولغيرها من القوى الاستعمارية في مساحات واسعة في الشرق الأوسط. والأمة الإسلامية وقد ثارت وثورتها طويلة تريد أن تتحرر من النظام الديمقراطي الظالم ومن مخلفاته من انقسامات طائفية وعرقية وقومية ومن إفرازاته المتمثلة بالأنظمة الديكتاتورية التي أقامتها أمريكا في مصر وسوريا والعراق خاصة أو أقامتها هي وأخواتها من الدول الاستعمارية القديمة في باقي البلاد العربية والإسلامية بدون استثناء. وسيحل محلها بإذن الله النظام الذي تريده الأمة وترفضه القوى الاستعمارية وأتباعها كما عبر عنها أهل سوريا طلائع ثورة الأمة “إسلامية، إسلامية، ثورتنا إسلامية، وغصبا عنك يا أوباما راح ترجع إسلامية”.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

2016_09_28_TLK_1_OK.pdf