يجب تغيير الواقع وفق أحكام الإسلام وليس تغيير الإسلام ليتفق مع الواقع
(مترجم)
الخبر:
نشرت صحيفة “دي فيلت” الألمانية رسالة مفتوحة لشخصيات عامة مسلمة تؤيد إجراء “إصلاحات” في الدين، وقد وردت الأهداف والغايات في بيان لسكان ألمانيا والنمسا وسويسرا ويقترح كتاب البيان، الذين يصفون أنفسهم بالعلماء الجادين، إجراء تعديلات في الدين الإسلامي، لأنهم يعتبرون أنفسهم أنهم جزء لا يتجزأ من أوروبا والاتحاد الأوروبي. [المصدر]
التعليق:
إن مثل هذه التصريحات ليست شيئًا جديدًا، وهي في جوهرها لا تمثل إلا جزءًا من الصراع الرأسمالي الأيديولوجي المتواصل ضد الإسلام؛ حيث إن أساس النشاط التشريعي للمبدأ الرأسمالي؛ الديمقراطية، تقول بأن الناس يقومون بأنفسهم بتشريع القوانين لجميع مجالات الحياة.
وحاليًا، يسيطر المبدأ الرأسمالي بنظرته العالمية ومفاهيمه وقيمه على العالم وهو لا يصنع شخصيات غير مبدئية فقط، وإنما يخضع أيضًا المبادئ الأخرى لنفوذه وسيطرته.
ويشكل المسلمون أمثلة واضحة جدًا؛ فعلى الرغم من أن دينهم عظيم ولا يقارن بغيره من المبادئ والأديان، إلا أن المسلمين يروجون في مناسبات عديدة لأفكار ومفاهيم كفر لا علاقة لها بالإسلام على الإطلاق. فعلى سبيل المثال، إن فكرة إصلاح الإسلام موضوع الخبر، قد أتت من فكرة أن جميع الأديان من صنع البشر، وبالتالي لا ضير في إجراء أية تغييرات فيه!
وهذه المفاهيم لا يمكن أن يقبلها أي مسلم يعتقد بحق بوجوب الخضوع لله سبحانه وتعالى فهذا الأمر يتضمن الاعتقاد بأن الإسلام هو دين الله وهدايته.
ولهذا السبب، يجب على المسلم أن يسأل السؤال الطبيعي: هل يدرك الناس أفضل من خالقهم ما هو الخير والشر؟ إن سماع فكرة إصلاح الإسلام من شخص يعتبر نفسه مسلمًا، يعتبر سببًا كافيًا للشك في كفاءته فلا يجوز التشريع بحسب الهوى ولو قليلًا، وعندما يقوم هؤلاء الذين يفتخرون بعلمهم وثقافتهم بالترويج لهذه الأفكار وبناء على أساس هذا التوجه، فهذا لا يعتبر سببًا كافيًا فقط للتشكيك في كفاءتهم العقلية، وإنما أيضًا سببًا للتشكيك في الجانب الأخلاقي لمثل هؤلاء “العلماء”، فالجانب الأخلاقي يعتبر عاملاً مهماً للموضوعية.
ويمكن النظر بمثل ذلك إلى محاولة تغيير الإسلام ليتفق مع “الحداثة”، فالقول بأن الطبيعة الحالية للعلاقات والأخلاق الحديثة والعادات والمفاهيم هي الطبيعة الصحيحة، وأن إدراكها إدراكًا تامًا وتغييرها بشكل جذري يفوق قدرات الإنسان، إن مثل هذا القول إنما جاء نتيجة لنظرية التطور التي عفا عليها الزمن، ومن هنا – يستنتجون من هذه الفكرة – فإما أن تخضع للواقع القائم أو سيفوتك قطار الحداثة!
ومع ذلك، فإنه بالنسبة للأشخاص الواعين، فمن الواضح أن مفهوم “الحداثة” لا يمثل أكثر من نتيجة للنشاط البشري، ولذلك فإن هذا واقع العلاقات الحالي يمكن أيضًا أن يقوم البشر بتغييره وإيجاد واقع آخر يصاحبه علاقات وأخلاق وعادات ومفاهيم مختلفة.
والإسلام هو الحق من رب الناس، وهذا الدين يتعلق بكافة جوانب حياتنا وينظمها، وهذه الجوانب في حياة الإنسان تبقى على حالها مهما تغيرت وتعاقبت الأزمان، ومن خلال هذا يمكن أن نصل إلى استنتاج واضح معقول: إن تغيير حياتنا لتتفق مع أحكام وأوامر الله سبحانه وتعالى هو الصحيح، لا أن “نصلح” التشريع الإلهي وفقا لأهواء ورغبات الجزء غير العقلاني في الجنس البشري، يقول الله تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 71]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكتور نيقولاييف – أوكرانيا