ماذا بعد شرخ السقف الزجاجي
الخبر:
منذ بداية الحملة الانتخابية جعلت هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية المحتملة لانتخابات الرئاسة الأمريكية، من فكرة انتخابها كأول امرأة تترأس الولايات المتحدة محورا أساسيا لحملتها. وأكدت خلال فعالية للحملة في ضواحي مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا الثلاثاء دعمها لقضايا المرأة، وهي تسعى لاستمالة أصوات النساء خصوصا من هن في سن الشباب، وهاجمت كلينتون خلال اللقاء منافسها دونالد ترامب وأشارت لتحقيره للمرأة. بينما رد الفريق الانتخابي لترامب على مساعي كلينتون لاستمالة القاعدة النسائية بنشر فضائح بيل كلينتون وقصص نزواته في إشارة لتغاضي المرشحة الرئاسية عن سلوك زوجها بشكل لا ينسجم مع تباهي هيلاري بسجل طويل في مناصرة حقوق المرأة والطفل. (سي إن إن 2016/10/4).
التعليق:
ما إن فازت كلينتون بترشيح الحزب الديمقراطي تناقلت وكالات الأنباء العالمية الخبر بعنوان شبه موحد “كلينتون تدخل التاريخ بعد شرخ السقف الزجاجي” وقد صرحت كلينتون في حينه “إذا كان هناك فتيات يتابعن ما حدث مساء اليوم، أود أن أقول لهن إنني قد أصبح أول سيدة تتولى الرئاسة لكن واحدة منهن ستكون التالية”. ترشحت هيلاري كلينتون بعد 44 رجلا لرئاسة الولايات المتحدة وفازت بعدما اقتربت من هذه اللحظة التاريخية في عام 2008 وخسرت أمام أوباما وأدركت أن المجتمع الأمريكي غير مهيأ لأن تحكمه امرأة، كما أن القوى الرأسمالية الداعمة للمرشحين تمنع النساء من دخول البيت الأبيض. واعترفت كلينتون بالإخفاق حينما قالت “اقتربنا من شرخ ذلك السقف العالي الصعب إلا أننا أوجدنا الكثير من الشروخ فيه”.
اعتبر البعض فوز هيلاري بترشيح الديمقراطيين نصراً للمرأة وعبرت المرشحة عن هذا في لحظة الفوز “لا يمكنني أن أصدق أننا أحدثنا شرخاً غير مسبوق في السقف الزجاجي” والسقف الزجاجي تعبير عن حواجز التمييز المصطنعة التي تمنع الأفراد المؤهلين من الوصول لمناصب عليا في المنظمات. وقد استخدم هذا المصطلح لأول مرة عام 1986 في “الوول ستريت جورنال” ثم استخدم في مقالة علمية عن الحواجز التي تمنع النساء من الوصول لمناصب عليا في الشركات الأمريكية نشرت عام 1987 (الإكونوميست 2009/5/5).
حتى لو حققت كلينتون مرادها ونجحت في توظيف كرت المرأة وحقوقها وفازت في الانتخابات الرئاسية القادمة فلن تحقق أي مكتسبات للمرأة تماما مثلما لم تحقق تاتشر وأنديرا غاندي وبنازير بوتو وحسينة واجد وغيرهن سوى مكتسبات فردية بينما تقف المرأة في نفس النقطة لم تتجاوزها، تمتهن كرامتها وتتعرض للظلم وتناضل في الألفية الثالثة للحصول على أجر مساوٍ للرجل مقابل نفس العمل. هذه الحواجز الخفية متغلغلة في المجتمع في أمريكا، تحاصر المرأة وتقف عقبة أمام تقدمها في بلد يدعي الحرية وتكافؤ الفرص والمساواة بين أفراد الشعب. وفي حالة وصول المرأة للمناصب العليا وتحقيق بعض الإنجازات في مجال العمل فالمقابل ضريبة باهظة تدفعها من الاستقرار الأسري والحياة الهانئة في كنف بيت وأسرة.
إن هذا السقف الزجاجي المزعوم لن يحدث فيه أي شروخ إلا عبر تغيير قيم المجتمع ولعل خير دليل على ذلك هو الحال المؤسف للسود في أمريكا بعد ولايتين متكررتين لأوباما ومكوث عائلة سوداء في البيت الأبيض لمدة 8 سنوات. لن يغير من حالهم رئيس أسود أو تعاقب حكام سود طالما المجتمع تسوده الرأسمالية والبقاء للأقوى. وهذا حال السقف الزجاجي في أي مجتمع رأسمالي، يقف أمام كل فقير ومستضعف ويحجبهم عن الوصول للحكم حتى يظل الأمر قاصراً على الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال.
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هدى محمد (أم يحيى)