Take a fresh look at your lifestyle.

هل كان الإعلان الرسمي عن تاريخ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خطأ استراتيجيًا فادحًا؟

 

هل كان الإعلان الرسمي عن تاريخ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

خطأ استراتيجيًا فادحًا؟

 

 

 

الخبر:

 

أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا (تيريزا ماي) رسميًا هذا الأسبوع أن شهر آذار/ مارس 2017م سيكون موعدًا لبدء فصل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. استنادًا إلى المادة (50) فإن لدى بريطانيا عامين للتفاوض على معاهدات تجارية منفصلة مع السبع وعشرين دولة أوروبية، فضلًا عن التفاوض مع منظمة التجارة العالمية، ونظرًا لحجم المهمة وضخامتها فإن مثل هذا العدد الكبير من الصفقات التجارية يصعب إنجازها خلال المدة المحددة. مع ذلك، فإن السؤال الحقيقي هو: هل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أية قيمة استراتيجية لها؟

 

التعليق:

 

مباشرة بعد إعلان (تيريزا ماي) انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له منذ 31 عامًا أمام الدولار، ارتفع مؤشر “فاينانشال تايمز” ليكسر حاجز 7,000 نقطة، حيث أفادت المؤشرات الاقتصادية ردود فعل المعارضين للخروج، وأرقام مؤشر “فاينانشال تايمز” بمثابة تصويت على مقدار ثقة المستثمرين الدوليين في الإعلان البريطاني الرسمي للبدء في إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه عبّر محبو اليورو عن أسفهم لضعف الجنيه الإسترليني، وكان ذلك لهم دليلًا لا يقبل الجدل على أن بريطانيا تتجه نحو الفوضى الاقتصادية.

 

إذا نحينا كلا المعسكرين جانبًا، فقد ألمح محللون سياسيون أن السياسة الحزبية تلعب دورًا أساسيًا في الإعلان عن الجدول الزمني، ومن وجهة نظرهم فقد سيطر الشعور العارم لكراهية بروكسل على حزب المحافظين على يدي (تيريزا ماي)، وقد دفعت هذه الانقسامات سلفها (كاميرون) للاستفتاء على مستقبل بريطانيا في أوروبا في 23 من حزيران/يونيو، وقد كانت النتيجة غير متوقعة لرأب الصدوع العميقة بين المحافظين، ما وضع بريطانيا في معضلة استراتيجية، وتأمل (تيريزا ماي) إلى حل الخلافات وتصحيح المسار الاستراتيجي لبريطانيا. كان الجدل عن الخروج يدور حول الاتجاه الاستراتيجي لبريطانيا في العالم المعاصر، وكان الأكثر خيبة للآمال عدم وجود مناقشة عامة حول “استراتيجية بريطانيا العظمى”.

 

من الغريب بالنسبة لبلد حكم العالم يومًا أن يخلو من رؤية استراتيجية كبرى في الخطاب العام، والكره الحالي لأوروبا بين البريطانيين نتيجة للفشل الاستراتيجي البريطاني في الحرب العالمية الثانية، ففي ذلك الوقت، كان تقدير (تشرشل) أن تَدَخُّل أمريكا في المجهود الحربي يكون حاسمًا للتغلب على دول الحلفاء، بينما في الواقع، تحول النصر العسكري للحلفاء إلى فشل ذريع لـ”استراتيجية بريطانيا العظمى”، وقد تمثل ذلك بنهاية الإمبراطورية البريطانية.

 

منذ خطأ استراتيجية تشرشل، والنخبة البريطانية يناقشون ما إذا كان مستقبل بريطانيا مرتبطاً بأوروبا، أو يتشابك مع حظوظ مستعمراتها السابقة مع أمريكا. هذه المداولات الاستراتيجية تبدو بدون نهاية، ومما لا يثير الدهشة أن بريطانيا وجدت نفسها تتأرجح بين أمريكا وأوروبا لحماية مصالحها القومية، و(تيريزا ماي) اليوم على أعتاب تحول استراتيجي آخر ربما يكون فيه نهاية بريطانيا.

إن التراجع في التفكير الاستراتيجي البريطاني هو درس مهم لحملة الدعوة الذين يعملون لعودة الأمة إلى الحكم بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، حيث إنه لا يكفي العمل للتغيير لإقامة الدولة الإسلامية إذا كان دون وعي، فيجب على حملة الدعوة السعي لإشراك الأمة في بلورة رؤية إسلامية عملية للعالم، لتكون الخلافة على منهاج النبوة محورًا لاستراتيجية كبرى للأمة. لعدم وجود رؤية استراتيجية إسلامية دفع (مرسي) ثمنًا باهظًا.

 

التاريخ الإسلامي هو منبع الثقافة الاستراتيجية، وهي فريدة من نوعها، وملهمة للعارفين، وتعتبر استراتيجية أبي بكر الصديق رضي الله عنه في جعل الإسلام يعلو في مسارح مختلفة إنجازًا لا مثيل له في العالم الحديث، فقد نجح في جعل الدولة الإسلامية الوليدة في المدينة تتغلب على قبائل العرب وعلى الرومان والفرس، وقد أوجد قاعدة متينة لحكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما كانت لتكون دون الوعي الاستراتيجي للصديق رضي الله عنه. بالتالي، فإنه يتعين على حملة الدعوة توسيع أفقهم والتفكير بعمق في الاستراتيجية الإسلامية عند إشراك الأمة معهم.

 

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المجيد بهاتي – باكستان

2016_10_08_TLK_3_OK.pdf