﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾
الخبر:
نقلت شبكةُ أخبار العراق بتاريخ 2016/10/18 نبأً عن دعوةٍ وجَّهَها (مقتدى الصدر) لقادة الحشد الشعبيّ للاجتماع بهم في دارهِ في النَّجف، حيث ضَمَّ الوفدُ العامريَّ، وأبا مهديّ المُهَندِس، والخزعليَّ، والكعبيَّ، والشحمانيَّ، والأسديَّ، وهم على التوالي قادةَ مليشيا (بدر) و(عصائب الحق) و(النُّجَباء) و(رِسَاليون) والمتحدث باسم هيئة الحشد فضلاً عن النائب البرلمانيَّ قاسم الأعرجيّ. وأوضح (الصدر) في مؤتمر صحفيٍّ مشترك عقدَه مع تلك القيادات أنهم بَحثوا في مُستقبل العراق لما بعد تنظيم “الدولة”، وناقشوا عِدةَ ملفاتٍ أمنيَّةٍ وسياسيةٍ، واتفقوا على جملة أمورٍ، منها:
– دعمُ الجيش والشُّرطة الاتحَاديَّة في معركة المَوْصِل،
– وتحريرُ الأراضي المُغتصَبة،
– والاتفاقُ على آليةٍ لتوحيد فصائلِ الحشدِ الشعبيّ،
– وإيجادُ تنظيمٍ عسكريٍّ شاملٍ لجميع العراقيين بعد التخلصِ من “التنظيم”.
التعليق:
لا يَسَعُ المتابِعَ لأحداث العراق – منذُ احتلالهِ في 2003م على يَدِ الكافر الأمريكيِّ – أن يُصَدِّقَ ما تفَوَّهَ به أولئك النَّفرُ مِنَ (القادَة) مِمَّن ساهمَ في إطالة عُمُر الاحتلال البغيض، وساعد في إنجاح مشروعِهِ الخبيث، والمتمَثِّلِ في تقسيم العراق لأقاليم عِرقيَّةٍ وطائفيَّةٍ، وتمزيق لُحمَةِ أهلِهِ، وطمسِ مَعالِمِهِ الحَضاريَّة، وتغيير هوِيَّتهِ الإسلاميَّةِ، ذلك النَّفَرُ الذي تنَكَّرَ لدينِهِ وخانَ أمَّتَهُ، وباعَ آخِرتهُ بعَرَضٍ حقيرٍ من الدنيا. أفَبَعْدَ هذا كُلِّهِ نُصَدِّقُ مَن قال الله سبحانَهُ في أمثالِهِم: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾..؟ وإنَّ المانِعَ مِن حملِ كلامِهِم على مَحمَلِ الجِدِّ – فيما يبدو – أمْرَانِ هُما:
أولاً – غُمُوضُ تلكَ القرَارَات: لا سيَّما في شِقِّها الأوَّل، فقد احتوَتْ في طيَّاتِها كَذِباً، ومُغالَطاتٍ لا تَخفى على عاقِل… إذْ كيفَ تَوَصًّلوا الآنَ لقرارٍ (عظيمٍ) كهذا بدَعمِ القُوَّات المُسّلَّحة، وهم الذينَ دأبوا على تنقِيصِها وتحقيرها ووَصْمِها بكل خِصالِ الضَّعفِ والجُبنِ وقِلَّةِ الحِيلة؟ هذا من جِهَة، ومن جِهَةٍ أخرى، لِيُجِبْ أحَدُهُم على تساؤُلٍ آخرَ عنْ تغَوُّلِهِم وتحَكُّمِهِم في مقادير البلادِ والعِباد ما أساسُهُ وما مصْدَرُه؟ أليسَ فتوى “الجهاد الكِفائيِّ” التي أصْدَرها مَرجِعُهُمُ (المُقَدَّس) ليَكُونُوا رِدءاً وعوناً لجَيشِ العراق؟ فما الذي جَدَّ ليترُكوا بغداد ويجتمِعُوا في النَّجف وصولاً لقراراتِهِمُ الكبيرة.؟! هذا – واللهِ – لا يَصِحُّ في العقل السَّليم. وأما تحريرُ الأراضي المُغتَصَبةِ.. فما هو قصدهُم، وما الذي يَرْمُونَ إليهِ.؟ هل هي ما استولى عليها تنظيمُ “الدولة” بتآمُرِكم وتنفيذِكُم لأجِندَة زعيمِ الإرهاب العالميِّ (أوباما) ونائبِه (بايدِن)..؟ أم أنَّكُم تَقصُدُونَ ما استحوَذَ عليهِ (بارزاني) وشُلَّتُهُ العَميلة مِن أراضي كركوك ونينوى وصلاح الدين وصولاً إلى أطراف مَيسان (جنوبَ شَرقِيِّ بغداد) لاستخلاص آخِر شِبرٍ من حُدُودِ كُرْدُستانِهِمُ التي أوشكت على ابتلاع العراقِ بِأسْرِه..؟! كيفَ توَدُّونَ أن نُصَدِّقَكُم وأنتمُ الذين تلطَّختْ أيديكُم وثِيابُكُم بدماءِ إخوانكم من أهل (السُّنَّة) بذَريعَةِ أنَّهُم (دَوَاعِشُ) أو (نَواصِبُ) أو بقايا نِظام صدَّام..؟! وهيَ هيَ عَيْنُ الفتوى آنِفَةِ الذِّكْرِ التي استبَحتُم بها الدماء والأموالَ والأعراض..! في حِين حرَّمَ مرجِعكُمُ (المُقدَّسُ) مِن قَبلُ قِتالَ الغُزاةِ الأمريكان أعداءِ دينِ الإسلام بذريعةِ منع (الفِتنَة)..! ﴿أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ وهذا غيضٌ مِن فَيْض إفرازاتِ ما بعدَ الموصِلِ التي يُفَكِّرُ بِها، ويُدَبِّرُ لها المُجرمُون قبلَ أن تبدأ حربُ (التحرير)، فقد اشترط (بارزانيّ) على ما يُسمَّى بالحكومة (الاتِّحاديَّة) أن يُتَّفقَ على طريقةِ إدارة شؤون الموصل إذا ما انتُزِعتْ من أيدي “التنظيم”..! وليس البارزانيُّ وحدهُ مَن فعلَ هذا، بل غيرهُ كثير.. الأمرُ الذي أشرنا إليهِ في التعليق، فلقد باتَ العراق ومنه الموصل وغيرها أشبهَ شيءٍ بفريسةٍ يترقَّبُ سقوطها واقتسامَها الضَّواري.. ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾، وكفانا شُرورَهُم.
ثانياً – خُطُورَةُ تلك القرارات: وأعني الشِّقَ الأخيرَ منها – إضافةً لما سبق – أيِ المُتَعَلِّقَ بتوحيد الفصائلِ المُسلَّحة تحتَ مَظلَّةِ (تنظيمٍ عسكريٍّ شاملٍ) مزعوم…؟ وهوَ ما لا نَجِدُ لهُ تفسيراً غيرَ شيْءٍ واحِدٍ، نرى أنهُ لو تمَّ لأصبحتِ البلادُ على خَطَرٍ عظيمٍ، ألا وَهُوَ إنشاءُ جيْشٍ رسمِيٍّ ثانٍ ورَديف، تُعَلِّقُ عليهِ إيرانُ (الإسلامِيَّةُ) آمالاً عريضةً، وتعْهَدُ إليهِ بالتصَرُّفِ في شُؤونِ الحُكمِ، وتحديدِ شكلِ النِّظام الذي ينبَغِي السَّيرُ بمُوجِبِه، وبذلك ستُحكِمُ قَبضَتَها على العراق أقوى مِن ذِي قبل، ولنقُلْ: إنَّهُ جيشٌ على غِرار (الحرس الثَّوريِّ) الإيرانيّ..! وهوَ أمرٌ ليسَ مِن نَسْجِ الخَيَال.. فقد أبدى استِعدادَ بلادهِ – عضوُ لجنة الأمنِ القوميِّ والسياسةِ الخارجية في البرلمان الإيرانيِّ – محمدُ صالح جوكار لتقديم المَشُورَةِ للعراق لتشكيلِ قواتِ حرسٍ ثوريٍّ على غِرار إيران…! وقال جوكار: “إن تجربة تلك القواتِ أصبحَتْ ناجحة ورائدة لدُوَلِ المِنطقة، وأنَّ سِجِلهَا باتَ “حافِلاً بالإنجازات”، وأضافَ قائلاً: “تجربةُ الحَرس الثوريِّ نجحَت في سوريَّا واليمَن والعِراق، فحَشدُ الناسِ على تشكيل قواتٍ شعبيةٍ تمسِكُ بزمَام الأمور كانَتْ مِن أهَمِّ إنجازات الباسيج”…!
والحقُّ، أنَّ ذلكَ هوَ ما لمْ يَجرُؤ على التَّصريحِ بهِ لفيفُ (القادةِ) الأشاوس، ولعَلَّهُم يُمَهِّدونَ لتلك التجربةِ على طريقة قَضْمِ الكعكةِ بالتدريج، فلكُلِّ حادثٍ حديث… ولعلِّ أحَداً يتساءلُ لِمَ كُلُّ هذا اليأسُ والاستسلام..؟ فنرُدُّ عليهِ بأنَّنا لا نيأسُ من رَوحِ الله تعالى، بل ننتظِرُ نصرَهُ العظيمَ لكن باتتِ الأمَّةُ في دوَّامةٍ تكالبت فيها كلُّ أمَمِ الكُفر عليها في حرب ضروسٍ لا هوادةَ فيها تحت مسمَّياتِ (الإرهاب).. خابَ سعيُهُم وبارَ فألُهُم، فاللهُ ناصِرٌ عبادهُ المُؤمنينَ، ومُظهِرٌ دينَ الإسلامِ على الدِّينِ كلِّهِ ولو كرهَ المُجرمُون… ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن الواثق
المكتب الإعلاميُّ لحزب التحرير في ولاية العراق