المسلمون المخلصون؛ لربهم طائعون ولعدوهم غالبون
الخبر:
إخراج مئات المقاتلين وعائلاتهم من معضمية الشام إلى إدلب.
التعليق:
ترتيب ممنهج وعلى مدى سنوات، استخدمه النظام السوري في عدة بلدات في ريف دمشق بدءا بالحصار والتجويع مع القتل والتدمير والتهديد وصولا إلى التهجير القسري للأهالي والمقاتلين، فها هي داريا كانت أولى محطات التهجير ثم تبعتها قدسيا والهامة، والآن المعضمية والحبل على الجرار…
فقد أخرج النظام السوري من مدينة المعضمية حوالي 620 مقاتلا معارضا مع عائلاتهم بموجب اتفاق تسوية لفك الحصار المضروب عليها منذ نهاية عام 2012 وتضمن الاتفاق تسليم كل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، على أن يسمح للمقاتلين بحمل 18 بندقية فقط لكل حافلة.
ويذكر أن المفاوضات بين مقاتلي المعارضة والنظام، قد توقفت بشكل تام قبل خمسة أشهر بعد إصرار النظام على تسليم الثوار سلاحهم بالكامل وتسوية أوضاع المنشقين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية في الجيش النظامي كشرط لفك الحصار، مع تهديد باجتياح المدينة وقصفها، وهي شروط رفضها ثوار وأهالي المدينة بشكل قطعي.
إلا أن نجاح النظام في تهجير أهالي داريا وقدسيا والهامة وتفريغ البلدات من ساكنيها ودخول النظام إليها جعل أهالي المعضمية يجدون أنفسهم دون سند قريب ومع تشديد الخناق وتشديد الإجرام خضع المفاوضون وتم الاتفاق.
وبذلك ضمن النظام ابتعاد المجاهدين عن مدينة دمشق معقل النظام وحصنه الذي إن سقط سقطت سوريا كلها من يده ولم يبق له قرار.
والأسلوب نفسه يحاول النظام فعله مع أهالي حلب بعد أن وجد أنه أفلح بأساليبه الخبيثة والوحشية في تحقيق ما أقدم عليه ومكر به، فقد قال قائد العمليات العسكرية في هيئة الأركان الروسية سيرغي رودسكوي إن الجيش أعلن أنه سيمدد الهدنة الإنسانية بمدينة حلب يوم الخميس ثلاث ساعات إضافية، بحيث تتوقف العمليات القتالية من الثامنة صباحا حتى السابعة مساء بالتوقيت المحلي. وأضاف في مؤتمر صحفي أن تمديد الهدنة بحلب سيسمح للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري بتنفيذ تدابير لإجلاء السكان المدنيين، وأن هيئة الأركان تعوّل على أن الولايات المتحدة والأطراف المهتمة ستؤثر على “المسلحين” لتوفير خروجهم من حلب.
وكانت روسيا قد اشترطت على الفصائل المقاتلة حتى تعلن الهدنة أن ينفصلوا عن جبهة “فتح الشام” حتى لا يكون مصيرهم كمصيرها، حيث تعتبرها “إرهابية” تستحق الإبادة. إلا أن عدة فصائل معارضة أعلنت أنها لن تخرج من حلب، وأنها ستواصل القتال والدفاع عن المدينة لعدم ثقتها لا بروسيا ولا بالنظام السوري، فأعلنت روسيا والنظام السوري الهدنة من طرف واحد فتكون ذريعة لتشديد القتال على المجاهدين ولسان حالهم يقول: “قد أعذر من أنذر”.
فيا أهل حلب ومجاهديها:
إن خروجكم على النظام ما كان إلا لله واستجابة لنداء الله، فابقوا مصرين على أن تظل ثورتكم خالصة لله مهما لاقيتم من أهوال، وقد قطعتم شوطا كبيرا ولم يبق إلا القليل، وما ازدياد الشدة عليكم إلا بسبب شعور النظام بانتهاء أجله على أيديكم، فأنتم أهل الشام أحفاد الصحابة الذين شاركوا في معارك فتوح الشام زمن الخلافة الراشدة، فلتجعلوا منهم قدوة في الجرأة.
ففي معركة أجنادين وبعد أن اقتربت كتائبُ المسلمين من جيش الروم خرج واحد من علوج الروم طالبا مقابلة قائد المسلمين وعليه الأمان، فخرج إليه خالد بن الوليد ليسمع منه ما يريد، فعرض عليه عرضاً قدَّمه لهم قائد جيش الروم شفقة منه على المسلمين على حدّ زعمه، معتبِراً أن جيشه على عددِ الذرّ وفيه عظماء البطارقة والأساقفة، واحتوى العرض أن يعطى لكلّ واحدٍ من المسلمين دينارٌ وثوبٌ وعمامةٌ ويُعطى خالد مائة دينار ومائة ثوب ومائة عمامة على أن يرجع المسلمون عن القتال.
رفض خالد بن الوليد العرض رافضاً الرجوع إلا بإحدى ثلاث خصال: الدخول في الإسلام أو أداء الجزية وإلا فالقتال، فالمسلمون لا يكترِثون بأعداد جند العدوِ فالله وعدهم النصر والغلبة، وإن الأموال والثياب التي عرضَها عليهم وحتى البلاد ستؤولُ حتماً إلى أملاك المسلمين.
وكانت الغلبة للمسلمين وقتل من الروم ثلاثة آلاف، فهكذا هم المسلمون المخلصون؛ لربهم طائعون ولعدوهم غالبون.
﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم: راضية عبد الله