نموذج غوانتانامو الأسترالي: تعذيب نساء وأطفال من اللاجئين واحتجازهم في جزيرة ناورو إلى وقت غير معلوم
نموذج غوانتانامو الأسترالي:
تعذيب نساء وأطفال من اللاجئين واحتجازهم في جزيرة ناورو إلى وقت غير معلوم
الخبر:
إن الحكومة الأسترالية مسؤولة عن التعذيب المتعمد والمنهجي للاجئين في ناورو، وينبغي مساءلتهم تحت القانون الدولي، وفقا لتقرير جديد مهم علم به عبر وصولٍ غير مسبوق إلى الجزيرة السرية.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها أجرت مقابلات مع 62 من اللاجئين وطالبي اللجوء في ناورو، ومع أكثر من عشرة من العمال المتعاقدين الحاليين والسابقين الذين يقدمون الخدمات نيابة عن الحكومة الأسترالية، لإعداد تقرير تحت عنوان: جزيرة اليأس.
إن معاملة اللاجئين في ناورو هي انتهاك للقانون الدولي ويصل إلى حد التعذيب، وفقا لمنظمة العفو الدولية – ولكن رئيس الوزراء يرفض هذا الادعاء.
إن مذكرة الأدلة تذكر تفاصيل مزاعم عن إيذاء النفس ومحاولات الانتحار المتكررة، أطفال يتعرضون للضرب من قبل المعلمين وتهديد من قبل الزملاء باستخدام المناجل، والنقص في الرعاية الطبية واضطهاد شبيه بالذي كان يتعرض له اللاجئون في أوطانهم.
وقد كان نظام التحويل البحري “يهدف بشكل واضح إلى إلحاق أضرار لا تحصى بالمئات من النساء والرجال والأطفال” كعمل ردع، من خلال عزلهم “في مكان بعيد لا يستطيعون تركه، مع نية مقصودة بأن على هؤلاء الناس أن يعانوا الضرر” كما قالت منظمة العفو. (المصدر باللغة الإنجليزية)
التعليق:
بعد دفع الآلاف من الدولارات للفرار من بلدان غير آمنة وغير مستقرة مثل ميانمار والعراق وأفغانستان وباكستان والصومال وإيران، قام حرس الحدود الأسترالي باعتراض طالبي اللجوء من الرجال والنساء والأطفال عبر البحار المفتوحة وقاموا بأخذهم قسرا إلى “مراكز المعالجة” في جزيرة ناورو، حيث ينتظر الرجال والنساء والأطفال لسنوات الحصول على تقييم والموافقة على أوراق طلبات لجوئهم من قبل الحكومة الأسترالية. وخلال هذه الفترة الطويلة، يقبع النساء والأطفال في حبس في مخيمات شبه عسكرية، ويجبرون على الوجود في بيئات قمعية وغير إنسانية تهدف بشكل منهجي لإحداث معاناة نفسية كبيرة ويأس، حيث تعتبر منظمة العفو الدولية أن مثل هذه المعاملة تؤدي إلى التعذيب المتعمد والمنهجي للاجئين.
إن الحكومة الأسترالية قد أعلنت بوضوح نواياها وراء إنشاء “عملية الحدود السيادية” الذي كلف 40 مليار دولار وهي مراكز سياسة ومعالجة البحرية في جزيرة ناورو وجزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة كاستراتيجية صارمة لمنع طالبي اللجوء في المستقبل من الوصول إلى أستراليا عن طريق القوارب، وهذا من خلال إنشاء مثل هذه الأوضاع البائسة وغير الإنسانية لطالبي اللجوء. وهكذا، فإن هذا الهدف المقصود والضار إلى ما يسمى بـ”وقف القوارب” ومنع المهربين من الاستفادة من اللاجئين ذوي الأغلبية المسلمة من الاستقرار في أستراليا هو لإيجاد الظروف النفسية اليائسة والمجهدة لمن كانوا يوماً أناساً صبورين ومتسامحين، يشعرون الآن باليأس وعدم الثقة لمستقبلهم وبالتالي الاكتئاب لدرجة الجنون، وإيذاء النفس، ومحاولات مأساوية بالانتحار. إن الحادثة المزعجة لهودان يوسف ذات الـ21 عاماً من الصومال هي مثال محزن واحد، التي أدت الظروف المأساوية التي عاشتها إلى أن تحرق نفسها في أيار/مايو 2016 وتسببت في 70 بالمئة من الحروق في جسدها. إلا أن ما يميز سياسة أستراليا القاسية للهجرة هو التعذيب الممنهج والإهمال الإجرامي لطالبي اللجوء من الأطفال المحتجزين والظروف غير المقبولة للأطفال اللاجئين في ناورو، ما يجب أن يجعل حكومتي أستراليا وناورو تحنيان رؤوسهما خجلا من أنفسهم. وبعض الحالات التي وثقتها منظمة العفو الدولية من المخبرين الذين يعملون كمدرسين مهنيين أو العاملين في مجال الرعاية الصحية داخل المعتقلات قد تكلموا عن هذه الظروف على الرغم من إمكانية سجنهم لمدة عامين بسبب السرية التي فرضتها الحكومة الأسترالية لمنع إطلاق أي معلومات من ناورو. عمل طبيب الأطفال البروفيسور ديفيد آيزاكس في ناورو وقال للقناة الرابعة في المملكة المتحدة إن الظروف في ناورو “تستوفي تعريف التعذيب. وإنني أؤكد بأنه أسوأ من غوانتانامو أو أبو غريب لأنه في غوانتانامو وأبو غريب كان هذا يحدث لبالغين وليس لأطفال. لقد جاؤوا يطلبون مساعدتنا وجوابنا هو معاقبتهم”.
ثم هناك ملفات ناورو التي كشفت عنه صحيفة الجارديان في آب/أغسطس 2016، كشفت حجم سوء المعاملة في مراكز احتجاز البحرية الأسترالية تجاه الأطفال. أكبر كمية تتألف من 2000 وثيقة مسربة تكشف تقارير الحوادث التي بلغ مجموعها 8000 صفحة من حالات الاعتداء وإساءة معاملة الأطفال. أكثر من نصف هذه التقارير مجموعها 51.3٪ تشمل الأطفال، على الرغم من أن الأطفال يشكلون فقط حوالي 18٪ من الخاضعين للاحتجاز في ناورو في وقت تقديم هذه التقارير. تقارير تتكلم عن حارس مزعوم بإمساك طفل وتهديده بقتله حين يخرج ليعيش في المجتمع الأسترالي، وعن حراس يصفعون الأطفال في وجههم.
في أيلول/سبتمبر 2014 أفادت معلمة أن إحدى مساعدات الفصل الشابة طلبت استحماماً لمدة أربع دقائق بدلا من الاستحمام لمدة دقيقتين. “لقد تم قبول طلبها بشرط خدمات جنسية. وقالت إنها لم تذكر ما إذا حدث هذا أو لم يحدث. يريد ضابط الأمن أن ينظر إلى صبي أو فتاة عند استحمامهم”. إن تقارير الاعتداء الجنسي على الأطفال، والاعتداء على الأطفال والتهديد بإيذاء أنفسهم يبين مدى يأس هؤلاء الأطفال الكبير في مراكز الاحتجاز الأسترالية. كما تم تعريض الأطفال اللاجئين خارج مركز الاحتجاز لإساءة المعاملة والاعتداء الجنسي والإهمال التعليمي من قبل سلطات ناورو. (الغارديان).
إن حكومات مثل أستراليا التي تجعل الأوضاع لطالبي اللجوء من النساء والأطفال لا تطاق نهائياً واحتجازهم في “مراكز المعالجة” على جزيرة ناورو، يعكس الموقف اللاإنساني للديمقراطيات الليبرالية العلمانية نحو أزمة اللاجئين. وعلى الرغم من السياسات العسكرية الخارجية الرأسمالية للحكومة الأسترالية في بلاد إسلامية مثل أفغانستان والعراق وسوريا والتي تسببت بشكل مباشر بتفاقم أزمة اللاجئين، فإن الحكومة الأسترالية لا ترفض فقط تحمل المسؤولية عن مجرد 1500 لاجئ يقبعون في كل من ناورو وجزيرة مانوس ولكنها أيضاً تعذبهم بشكل منتظم. وهذا أيضا بالتزامن مع حملة تلطيخ متعمدة للاجئين المسلمين من قبل السياسيين الذين على مدى السنوات الـ15 الماضية اتخذوا المواقف المعادية للأجانب تجاه اللاجئين داخل المجتمع الأسترالي بسبب ارتباط كونهم مسلمين ولاجئين إلى جانب حملة مستمرة ضد ما يسمى “التطرف الإسلامي” العنيف، التي تنتج الأفكار المناهضة للهجرة والمعادية للمسلمين. وهكذا أصبحت الآن المخاوف من هجرة المسلمين والإرهاب مرادفاً داخل المجتمع.
إن انعدام الإنسانية والعدالة في القرن الـ21 نحو الرجال والنساء والأطفال طالبي اللجوء واللاجئين المسلمين هي بعيدة كل البعد عن المواقف والسياسات التي اعتمدتها دولة الخلافة الإسلامية نحو طالبي اللجوء اليهود في القرن الـ19 أثناء حكم الخلافة العثمانية.
يروي التاريخ أنه تم إرسال مجموعة من وزارة الخارجية الأمريكية في عام 1877م لتقييم معاملة اليهود في دولة الخلافة العثمانية. وكانت النتائج التي توصلوا إليها أن اليهود كانوا يعاملون معاملة حسنة جدا وغير مضطهدين، كما وُصف في المادة الإخبارية المنشورة أدناه يوم الأربعاء 23 آب/أغسطس 1877م من قبل صحيفة نيويورك تايمز. “يقول وزير الولايات المتحدة أن العدالة للأتراك تدفعه إلى الاعتراف بأن معاملة العثمانيين لليهود أفضل من معاملة العديد من القوى الغربية لهم، وأن الانطباع السائد هو أن معاملتهم في الإمبراطورية أفضل من معاملة النصارى”. “إنه معترف بهم على أنهم جماعة دينية مستقلة ذات امتيازات بالعودة لحكمهم الكنسي، وحاخامهم الأكبر، تشاتشام باشي، حيث حازوا على تأثير كبير جراء نتيجة مهامه”.
هذا هو الموقف الإسلامي تجاه اللاجئين الذي طبقته دولة الخلافة العثمانية وقرون من الحكم الإسلامي مسبقا، والمستمد من المذاهب الفقهية الشهيرة، الفقيه المالكي، شهاب الدين القرفي الذي يقول: “إن عهد الحماية يفرض علينا التزامات معينة نحو أهل الذمة. هم جيراننا، وتحت مأوانا وحمايتنا بعهد من الله تعالى، ورسوله ﷺ، ودين الإسلام. يعاقب كل من يخالف هذه الالتزامات ضد أي واحد منهم حتى لو بقدر كلمة واحدة مسيئة، أو من خلال التشهير بسمعته، أو إيذائه جسديا أو المساعدة في ذلك، فقد يكون حينها قد نقض عهد الله تعالى ورسوله ﷺ، والدين الإسلامي”.
قال رسوال الله ﷺ: «من آذى ذمياً فقد آذاني» رواه الطبراني.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ثريا أمل يسنى