ضغوطات الظهور بمظهر الكمال تؤثر سلبا على ثقة الفتيات بأنفسهن
الخبر:
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في الرابع من تشرين الأول /أكتوبر 2016 تقريرا فيه دليل يكشف عن آثار وسائل الإعلام التي تمثل المرأة في المملكة والضرر الذي تتسبب به في إيجاد صورة سلبية عن شكل أجسادهن وتقدم لهن توقعات غير واقعية فيما يتعلق بالوصول إلى الكمال الجسدي. ويفترض البحث الذي أجرته جمعية مرشدات المملكة المتحدة بأن الفتيات في المملكة المتحدة أصبحن وبشكل ملحوظ أقل ثقة بشأن مظهرهن مقارنة بما كُنّ عليه قبل خمس سنوات. فقط 61% من 1627 فتاة ممن تتراوح أعمارهن ما بين 7 و21 عاما كُن سعيدات فيما يتعلق بشكل أجسادهن وذلك بحسب استطلاع مسحي لتوجهات الفتيات وآرائهن، وهذا يعني انخفاضا في النسبة التي كانت 73% عام 2011. فتيات لا تزيد أعمارهن عن سبع سنوات واجهن “ضغوطات شديدة ومستحيلة بشأن تغيير مظهرهن ليكون مثاليا” بحسب ما صرح الكاتبون. ومن بين 559 فتاة ممن تتراوح أعمارهن ما بين السابعة والعاشرة اللاتي شاركن في الاستطلاع: فإن 36% منهن قلن إنهن أُوصلن ليشعرن بأن أهم شيء فيهن هو الشكل الذي يبدين عليه، و38% شعرن بأنهن لا يتمتعن بجمال كاف، و35% منهن اتفقن على أن تقييم النساء يكون على أساس أشكالهن لا قدراتهن، و23% أظهرن أنهن بحاجة للوصول إلى المثالية والكمال.
التعليق:
لا يمكن أن يُنظر إلى هاجس العصر الحديث المتعلق بالمظهر الجسدي للمرأة على أنه توجه عرضي تطور خلال العصر الحديث. إنه في الواقع أمر متعمد مقصود وتطور استراتيجي خططت له الشركات الرأسمالية باعتباره وسيلة لبيع وترويج مختلف المنتجات النسوية سواء أكانت العمليات الجراحية التجميلية، أو خطوط الأزياء، أو مستحضرات التجميل. إن هذه الشركات الجشعة عديمة الضمير لا رحمة عندها أبدا وكل ما تسعى له هو الزيادة في أرباحها إلى درجة جردتهم من أي حس أخلاقي وجعلتهم يلجأون إلى أساليب خادعة لإيجاد فكرة خاطئة عن الجمال ولاستخدام وسائل الإعلام للترويج لشكل جسم مخصوص غالبا ما يظهر فيه التحيز العنصري والخطر الطبي. ويُعتبر أمرا معتادا أن توظَّف فتاة في سن المراهقة (غالبا ما يتعرضن لاستغلال في النشاطات الصناعية) ومن ثم يتحولن إلى نموذج لطالبات المدرسة؛ ما يضعهن تحت ضغط كبير لإجراء عمليات جراحة تجميلية على الرغم من أن جسدها لا يزال في طور النمو في كثير من الأحيان! إن تطبيق نمط الحياة يجعل الأمراض العقلية أمرا طبيعيا وكذلك اضطرابات الأكل أمر معروف أيضا في صناعة الترفيه والأزياء. وبوجود وسائل الإعلام من تلفاز ومجلات وأفلام ووسائل تواصل إلكتروني وحتى المدارس التي تستخدم كلها لتعزيز هذه النظرة السلبية عن النفس عند الإناث، فإنه من المستحيل أن تتمكن أية امرأة في أية مرحلة عمرية من النجاة من القصف المستمر الذي يَضُخ باتجاه النموذج المثالي الوهمي لجسد المرأة. وليس من المستغرب أن تؤثر الصور المجمَّلة التي لا تشوبها شائبة في الفتيات الصغيرات البريئات اللاتي يفترض أن يكون ما يستحوذ على تفكيرهن أمور تليق بأعمارهن الصغيرة كمادتهن الدراسية المفضلة ونوعية الصديقات اللاتي يحببن اللعب معهن.
في مجتمعات علمانية تقودها الرأسمالية، يمكننا أن نتوقع هذا التوجه المقلق للفتيات اللاتي أصبحن مهووسات بالقشور والمظهر الخارجي، عوضا عن الانشغال بقضايا مهمة لتطوير شخصيات إنتاجية نافعة تساعدهن في طريق النماء. أما في النظام الاجتماعي الإسلامي فإننا نجد الحل لأزمة الهوية عند الفتاة، حلا جذريا يجعل من المرأة عرضا في الإسلام تجب حمايته والذود عنه من قبل الأقارب الذكور، وعلى هذا الأساس تعيش في أمان منذ نعومة أظفارها وتنشأ على أساس هذه القاعدة التي تمكنها من بناء مستقبلها دون أن تشعر بأنها مجبرة على العمل وعلى تحمل الأعباء الأنثوية الأخرى في ذات الوقت. وليست قيمتها في الإسلام قائمة على أساس مظهرها ولا على ما تقدمه لحكومتها من إيرادات ضريبية، وإنما على أساس قيمة جعلها الله تعالى لها على أنها صِنو الرجل تنافسه في الخير لنيل الجنة كما جاء في سورة التوبة: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة التوبة: 71]
في نظام الحكم الإسلامي، في دولة الخلافة لم يذكر التاريخ حركات نسوية تطالب بحقوق المرأة، فقد شعرت النساء في ذاك الوقت بأن احتياجاتهن ملباة على كل مستوى وفي كل مجال اقتصادي واجتماعي وتربوي ونفسي… وإننا نشجع النساء من كل بلاد العالم إلى استعراض نظام الإسلام ليرين أنه القادر حقا على تمكين المرأة وأنه نظام يتفوق على النماذج العلمانية الليبرالية الفاسدة الفاشلة التي وعدت كثيرا ولم تقدم إلا أقل القليل لزميلاتها من النساء.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عمرانة محمد