أطفال ونساء المسلمين يطالبون بتنفيذ أوامر الإسلام
وليس (الميثاق الوطني التركي)!
(مترجم)
الخبر:
مشاركة تركيا أو عدم مشاركتها في العمليات العسكرية التي أطلقت حديثا ضد تنظيم الدولة في مدينة الموصل في العراق هي على رأس جدول الأعمال في هذه الأيام. وقد أعرب الرئيس أردوغان عن الحاجة إلى مشاركة تركيا في هذه العملية من خلال التأكيد على الميثاق الوطني التركي (الميثاق المللي) في كل خطاباته. حيث قال أردوغان: “ما هو أسوأ من ذلك، […] أولئك الذين طوقوا تركيا في هذه الحلقة المفرغة منذ عام 1923، إنهم يريدون أن يجعلونا ننسى آلاف السنين من وجودنا في المنطقة، وننسى ماضينا السلجوقي والعثماني” وقال: “إن الهدف من حرب الاستقلال كانت حماية الميثاق الوطني التركي”. وقال: “نحن نسمي أحداث 15 تموز/يوليو، الحرب الثانية للاستقلال” (وكالات).
التعليق:
تأكيدات الرئيس التركي هذه على الميثاق الوطني جاءت مباشرة بعد محادثة هاتفية أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وجاءت هذه التأكيدات بعد تصريحاته، التي أعلن فيها “تباحثت [مع بوتين] سبل التوصل إلى اتفاق لإخراج “النصرة” من حلب ومنح السلام لأهل حلب”. والآن، من خلال جلب الميثاق الوطني التركي في جدول الأعمال، ومن خلال المقارنة بين 15 تموز/يوليو وحرب الاستقلال، يُراد خلق خلط في المشاعر والتصورات بين الأمة. ويُراد التعتيم على أن الهدف في الموصل هو خدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، تماما كما هو الحال في حلب. بيد أن الناس لم يتدفقوا إلى الشوارع والساحات، لا في أثناء حرب الاستقلال ولا في يوم 15 تموز/يوليو، بسبب التزامهم بالميثاق الوطني. إنهم لم يستشهدوا من أجل الديمقراطية! وكل مخلص للتاريخ ولوقتنا الحاضر يعلم ذلك جيدا. لا شك في أن الأمة في تركيا، وفي حلب وسوريا كلها، وعلى وجه اليقين في الموصل يدركون جيدا ما هو الميثاق الوطني وما هي معاهدة لوزان. فالميثاق الوطني، أو الميثاق المللي، هو اسم للاتفاق ذاته الذي مزق الخلافة إلى قطع، والذي جعل أراضيها قومية كما يشير إليه اسمه، والذي تعمد إلى سجنها في الحدود القومية غير الإسلامية المصطنعة.
لكن قادة تركيا لديهم مشهد ضبابي للتاريخ: ألم تكن دول التحالف وعلى رأسها روسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية هي التي جعلت الدولة العثمانية توقع على اتفاق هدنة موندروس؟ والتي غزت الواحدة منها تلو الأخرى البلاد الإسلامية ثم وضعت حدود الميثاق الوطني (حدود الميثاق المللي)؟ ألم تكن هذه الدول نفسها هي التي انتهكت قراراتها في الميثاق الوطني بإعداد معاهدة لوزان؟ أليست تلك المواثيق والمعاهدات هي التي استبعدت أخيرا حلب والموصل وأربيل والسليمانية وكركوك من حدود تركيا؟ أليس قادة تركيا اليوم من يقولون بأن المسلمين أريد خداعهم طوال 98 عاما تماما الآن بكذبة عميل الحلفاء مصطفى كمال ورفاقه بأن هذه المواثيق والمعاهدات كانت “أكبر نجاح سياسي”؟
لكن الأمة لا تشعر بالحاجة بعد الآن لدراسة هذه المسألة أكثر من ذلك. لقد سئمت الأمة من المناقشات الغوغائية الفارغة. فهي تعرف جيدا ولم تنس أبدا الأسباب الرئيسية والجناة والمرتدين، وشبكات الخيانة والمؤامرات التي كانت وراء هذه الاتفاقات، والكيانات الهشة التي بنيت عليها. هذه الأمة تبصر أفضل من زعمائها تكالب الدول الكافرة عليها مثل الحيوانات الجائعة. فالقنابل التي تسقط كل يوم من الطائرات الحربية الروسية والأمريكية ودول التحالف الأخرى والتي تنطلق من القواعد العسكرية في تركيا تصيب وتعاني منها حلب، وتشعر بها الأمة المسلمة في تركيا… إننا نشعر ونعيش الميثاق الوطني ومعاهدة لوزان كل يوم تقريبا، كلما مرت السفن الحربية الروسية في مضيق البوسفور مزودة بمعدات لقصف سوريا. واليوم، نشعر ونعيش بعمق معاناة ما يقرب من مليون من أخواتنا وإخواننا والأطفال المسلمين من الموصل، الذين أجبروا على مغادرة منازلهم بسبب قرار أمريكا دخول الموصل بحجة قتال تنظيم الدولة.
وللأسف؛ فإن خدمة تركيا لدول التحالف هذه لها قيمة كبيرة، فقد وصف قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال جوزيف فوتيل وجود تركيا في الحملة ضد تنظيم الدولة، بأنها في “غاية الأهمية” قائلا إنه “لولا دعم تركيا لما كنا استطعنا إنجاز ما أنجزناه في سوريا”. وتشعر تركيا بالفخر تجاه ذلك!
إن الأمة لا تطلب منك لا لوزان ولا الميثاق الوطني. الأمة تريد منك التحرر من قيود الكفار وأغلال القومية، وإلى احتضان ورفع راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنهاء معاناة النساء والأطفال المسلمين كما توجب عليك أخوّة الدين وإيمانك. إنهم لا يريدون منك أن تتحدث عن السلاجقة والعصر العثماني، إنهم يريدون منك تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كما فعلوا، وأن ترفض بصرامة أي نوع من المصالح والمكاسب الدنيوية وأن تتلبس بالعمل لنجدة الأمة. إنها لا تريد لك الوقوف في صف أمريكا ودعم غزوها! وهي لا تريد لك مصافحة روسيا وتسوية حلب بالأرض!
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زهرة مالك