Take a fresh look at your lifestyle.

إقالة أكثر من 10 آلاف موظف تركي للاشتباه في صلتهم بمحاولة الانقلاب

 

إقالة أكثر من 10 آلاف موظف تركي للاشتباه في صلتهم بمحاولة الانقلاب

 

 

الخبر:

 

رويترز 2016/10/30 – أقالت السلطات التركية أكثر من 10 آلاف موظف للاشتباه في صلتهم برجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/يوليو.

 

وهناك الآلاف من الأكاديميين والمدرسين والعاملين في مجال الصحة بين من أقيلوا بموجب مرسوم جديد في إطار حالة الطوارئ نشرته الجريدة الرسمية في وقت متأخر السبت.

 

وألقت تركيا رسميا القبض على أكثر من 37 ألف شخص وأقالت أو أوقفت عن العمل 100 ألف من الموظفين والقضاة وممثلي الادعاء وأفراد الشرطة وغيرهم في حملة لم يسبق لها مثيل تقول الحكومة إنها ضرورية لاستئصال أنصار كولن من أجهزة الدولة والمناصب المهمة.

 

التعليق:

 

منذ فشل المحاولة الانقلابية في تموز 2016 في تركيا وإدارة أردوغان تقوم بعمليات كثيرة لتغيير وجه تركيا. إقالات وسط كبار جنرالات الجيش والشرطة وكذلك في سلك القضاء والتعليم والصحة وقطاعات أخرى في الدولة، بحيث يوحي ذلك بأن المسؤولين عن الانقلاب إنما يمثلون تياراً وليس مجرد أتباع شخص مثل فتح الله غولن رغم نفوذه. وعلى عادة الكثير من السياسيين الذين يجدون مصلحتهم في تسمية الأمور بغير مسمياتها فإن إدارة أردوغان ترفض أن تطلق وصف “الموالين للإنجليز” على الانقلابيين، وزيادةً في التضليل السياسي تلمح إلى ضلوع أمريكا في محاولة الانقلاب.

 

ولكن المتابع للسياسة التركية يجد أن أعمال الدولة هي على عكس ما تعلن، فمن ناحية تزداد العلاقات التركية الأمريكية قوةً، ولكنها تضعف على الجانب الأوروبي بعد محاولة الانقلاب ما يكشف عمق التضليل السياسي الذي يعمد إليه أردوغان. فمفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي وإعفاء أهل تركيا من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد مجمدة، واتفاقية اللاجئين على وشك أن يعلن عن دفنها، والتصريحات الصادرة عن الأوروبيين كلها لا توحي إلا بتردي العلاقات التركية الأوروبية، لأن الحقيقة أن أتباع الإنجليز، والأوروبيين من خلفهم هم من وقف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة.

 

وأما العلاقات الأمريكية التركية فتشهد تحسناً كبيراً، رغم ازدراء أمريكا بكافة الطلبات التركية لتسليم فتح الله غولن. ومن ذلك أن أمريكا قد وافقت على التدخل التركي في سوريا، بل الأصح أن أردوغان قد وافق على طلب أمريكا للتدخل في سوريا، ليس لوقف هجمات المجرم الأسد على الشعب السوري، بل من أجل حشد الفصائل الموالية لتركيا في حرب جانبية وإبعادها عن الجبهة الحقيقية في حلب، وهذا التزام أمريكي في الاتفاقيات مع روسيا، والذي يسمونه فصل المعارضة المعتدلة عن “الإرهابيين”، أي أن تركيا هي من ينفذ سياسات أمريكا في سوريا، وتعلن تركيا أنها ستشارك التحالف الدولي بقيادة أمريكا في تحرير مدينة الرقة من تنظيم الدولة، على الرغم من أن أمريكا لم تسلم فتح الله غولن. بل وطلبت تركيا بشكل مستغرب المشاركة في حرب تحرير الموصل، وقد توسط وزير الدفاع الأمريكي لدى العراق لقبول المشاركة التركية، وأعلن أن بغداد رفضت هذه المشاركة، وبغض النظر عما يكمن وراء السياسة الأمريكية في الخلاف التركي العراقي، إلا أن العلاقات التركية مع أمريكا تسير على أحسن ما يرام. فهل يصدق عاقل بأن أمريكا هي من وقفت خلف محاولة الانقلاب في تركيا؟

 

يجمع المسلمون في تركيا وخارجها بأن وجود العلمانيين الكماليين في الدولة في تركيا هو شر كبير، والآن يجري التخلص من هذا الشر، أي يجري تبديل وجه تركيا، ولكن ليس باتجاه الإسلام! فلماذا يكون تبديل وجه تركيا بوضعها أكثر وأكثر على المقطورة الأمريكية، وتنفيذ سياساتها في العراق وسوريا. إن التغيير الذي يرحب به المسلمون هو أن تصير تركيا دولة ترعى شؤونها على أساس الإسلام، وبدل أن تقترب تركيا بعد محاولة الانقلاب من هذا المسار الإسلامي الصحيح، نجد قادتها يوغلون أكثر فأكثر في خدمة الأهداف الأمريكية! وإذا كان لبريطانيا وأوروبا شيء من النفوذ قبل الانقلاب، وقد تمثل ذلك بمحاولة الانقلاب أملاً في زيادة نفوذ الإنجليز في تركيا عن طريق دحر العسكر لأردوغان وجماعته الموالين لأمريكا، فإن الفراغ الناتج عن دحر أتباع الإنجليز في تركيا تملؤه أمريكا مع الأسف الشديد، ولا علاقة له بالمسار الإسلامي، فدولة أردوغان التي تحاول أن ترتدي عباءة الإسلام زوراً وبهتاناً تقوم بقتل المسلمين في سوريا، بدل محاربتها للأسد، وتقوم بإثارة الفتن والاقتتال الداخلي بدل تجميع الفصائل ودفعها على طريق النصر ضد النظام السوري وحلفائه، وبدل تعزيز جبهات الثوار الحقيقية ضد النظام وإمدادها بالسلاح الفعال، وهي قادرة على ذلك، تقوم بنقل الثوار الموالين لها من تلك المناطق إلى جبهات الاقتتال الداخلي المحرم، بل وتقوم بتسهيل اختراق الأمريكيين لسوريا عن طريق القوات الخاصة الأمريكية التي أدخلها أردوغان خلال عملية درع الفرات إلى شمال سوريا، ولكن الثوار حتى المحسوبين على تركيا قد وجهوا له صفعة بعدم قبول وجود تلك القوات الأمريكية بينهم.

 

وفي العراق يحاول أردوغان التدليس باعتبار نفسه راعياً وحامياً لأهل السنة في العراق ضد المخططات الطائفية التي تقف إيران خلفها، ولأنه يقوم بذلك بأوامر أمريكية حتى تكتمل صورة الصراع الطائفي بإبراز رعاته إيران وتركيا والسعودية على الجانبين المفتعلين السني والشيعي، فإنها أي تركيا تحتفظ بأفضل العلاقات وفي كل الجوانب مع إيران، وتعتبر تركيا ممراً حيوياً لإيران.

 

لذلك فإن المسلمين ينظرون باستياء كبير لهذا التبديل لوجه تركيا ووضعها بشكل أكثر مطاوعة في خدمة أمريكا ومشاريعها السياسية خاصة في سوريا والعراق، بدل خدمة المسلمين وقضاياهم.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عصام البخاري

 

 

2016_11_01_TLK_2_OK.pdf