مصر في خضم أزمة اقتصادية أخرى
الخبر:
بعد تعويم الجنيه المصري وارتفاع أسعار الوقود، دافعت حكومة مصر بشدة عن قرارها بإشراك صندوق النقد الدولي، وقال رئيس الوزراء شريف إسماعيل: “لا نملك اليوم القدرة على تأجيل هذه القرارات، ولا يمكننا اتخاذ قرارات لتسكين الألم، إننا نتخذ قرارات مهمة، قرارات من شأنها إنعاش الاقتصاد وتنميته”. مع ذلك، فإن الشعب المصري غاضب ولا يعتقد أن وصفة صندوق النقد الدولي ستنقذ الوضع، وقد أدّى هذا الاستقطاب في وجهات النظر من البعض إلى توقع زيادة الاضطرابات وربما انتفاضة واسعة النطاق.
التعليق:
تخفيض الحكومة المصرية لقيمة الجنيه المصري بنسبة 48٪، ورفع الدعم الحكومي عن الوقود، هو من أجل التأهل لقرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وكانت الحكومة قد رفعت بالفعل الدعم عن الكهرباء المنزلية، وارتفع سعر السكر بنسبة 40٪ لحاملي البطاقات التموينية، وهذه الإجراءات الأخيرة تضر فقط بالفقراء ومتوسطي الدخل، الذين تم سحقهم نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد.
لقد كان الاقتصاد المصري في حالة ركود لعدة سنوات، ولم يكن لأي من برامج صندوق النقد الدولي السابقة القدرة على إنعاش الاقتصاد أو العودة بمصر لأي شكل من أشكال الاكتفاء الاقتصادي الذاتي، والأزمة السياسية التي تلت ثورة كانون الثاني/يناير 2011م تسببت بضربات للاقتصاد زادت الغضب الشعبي تجاه مبارك، تلاه غضب على مرسي، والآن على الرئيس المصري الحالي (السيسي).
أما دول الخليج فقد مدت مصر بشريان مؤقت للحياة، عن طريق دعم الاقتصاد من خلال المساعدات والنفط رخيص الثمن. مع ذلك كان رفض المملكة العربية السعودية الشهر الماضي شحن النفط المكرر رخيص الثمن لمصر هو ما عجّل من الأزمة الحالية.
للحد من نقص الوقود، اضطرت مصر إلى استخدام احتياطاتها من الدولار لشراء الوقود من الأسواق الدولية، وقد أوجد ذلك توازنًا للمدفوعات الطارئة (نقص الدولارات)، ودفع الحكومة المصرية إلى وضع اللمسات الأخيرة على القرض من صندوق النقد الدولي. بالإضافة إلى ذلك، تشير تقارير صحفية أن مصر وافقت أخيرًا على إرسال قوات إلى سوريا، وإن كانت هذه الخطوة هي طريقة السيسي لتأمين صفقة صندوق النقد الدولي فإنه ينبغي علينا الانتظار ومشاهدة ما سيحصل، فالتوقيت مشبوه للغاية، ولكن يؤكد أن السيسي ملك يمين أمريكا.
مرة أخرى، الشعب المصري هو ضحية لاتفاق صندوق النقد الدولي، وحزمة إصلاح صندوق النقد الدولي قاسية على مصر. نشر القوات المصرية في الخارج يؤكد بوضوح أن الرئيس السيسي مثل جميع رؤساء مصر السابقين، حيث يضع مصالح القوى الأجنبية في المقام الأول وعلى حساب الشعب المصري. الأمر الآن متروك للشعب المصري لرفض صفقة صندوق النقد الدولي والعمل من أجل الإطاحة بالسيسي والنظام الناصري غير الشرعي الذي استعبدهم منذ عام 1956م لصالح الهيمنة الأمريكية.
مع ذلك، فإن الحل لا يكمن في الاحتجاج في الشوارع والمطالبة بتلبية مصالح شخصية ضيقة وبرحيل السيسي، بل يجب على الشعب المصري العمل بجدية لإيجاد حل طويل الأمد وجذري، يضمن العزة والكرامة ويمنع التدخل الغربي، ولا يكون ذلك إلا من خلال العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي – باكستان