مجلس نواب الاْردن: مزيج من خيال ونفاق
الخبر:
بدأ مجلس نواب الأردن مناقشة خطاب الحكومة الذي تقدم به رئيس الوزراء للحصول على ثقة المجلس.
التعليق:
لقد كان يكفي أن لا يمنح المجلس ثقته للحكومة على اعتبار أنها حكومة علمانية لا تحكم بما أنزل الله ولا تستند في وجودها أو في عملها إلى شرع الله مطلقا. فهذا وحده كاف لرفض الحكومة وإسقاطها منذ أن تشكلت. فالله قد فرض على من تولى من أمر المسلمين شيئا أن يحكمهم بما أنزل الله. وحذرهم أن يفتنوا عن بعض ما أنزل الله عليهم ولو كان حكما واحدا.
وعلاوة على ذلك فما بدا من الحكومة حتى الآن من تصرفات يدل على أنها ماضية في سياسات لا تراعي فيها مصالح الناس ولا ترعى شؤونهم. فقد عملت الحكومة منذ ولادتها على المضي قدما في برامج البنك الدولي وصندوق النقد التي تسمى برامج تصحيح زورا وبهتانا وما هي إلا برامج تدمير. فقد أدت سياسة الصندوق (التصحيحية) إلى إغراق الأردن بأكثر من ٣٥ مليار دولار من الديون. وأدت إلى ارتفاع أسعار معظم السلع التي يتعاطى بها الناس يوميا. كما فرض على الأردن مشاريع قاتلة كقناة البحرين وفرض أن تكون دولة يهود جزءا من المشروع.
ثم إن الحكومة لا تزال تكذب على الناس فيما بتعلق باتفاقية شراء الغاز من كيان يهود. فتارة تقول إن الحكومة ليست مسؤولة عن الاتفاقية، وتارة تقول إن الاتفاقية لم تعقد مع كيان يهود بل مع شركة أمريكية، وتارة تقول إنها لم تجد مصدرا بديلا للغاز غير هذا المصدر المشؤوم. فعلى أي وجه سيعطي المجلس هذه الحكومة الثقة لتستمر بالحكم؟ ولتستمر بمد دولة يهود بشريان الحياة؟
ثم إن الحكومة لا تزال تصر على اعتماد المناهج التعليمية التي سلطت على إفسادها علمانيين يكرهون الإسلام ويحملون عليه حقدا دفينا. فإن التغييرات التي أحدثوها في مناهج التعليم لا مبرر لها حتى من وجهة نظر الحكومة التي تدعي أنها حذفت نصوصا قد تشكل نسيج الأطفال العقلي بشكل قد يستغله (الإرهاب) بزعمهم! وما ذلك إلا هراء وتدليس وخداع. فلو كان لما يقولون ولو ذرة من واقع، فتحت أي باب سيبررون تبديل قصة أهل الكهف بدورات سباحة مثلا؟ وما علاقة أهل الكهف بإرهابهم المزعوم؟ وغير ذلك كثير… فالحكومة قد أمعنت في تحدي مشاعر المسلمين وقيمهم كالعفاف والكرامة والجود، وتنكرت لتاريخ الأمة وحضارتها، وفرضت قيم الدولة المدنية العلمانية عنوة، فعلى أي باب سيمنح المجلس هذه الحكومة ثقته المبجلة؟ وعلى ماذا ستمنح الثقة؟ لتشويه عقائد الإسلام في نفوس الطلاب؟ أم لتشويه هوية جيل كامل؟
ثم إن هذه الحكومة قد تمادت في ما تسميه حربا على (الإرهاب) كسابقتها التي اعتقلت أساتذة وعمالاً ومهندسين وشيوخا وشبابا لا لشيء إلا لأنهم يحملون أفكارا إسلامية مع العلم أنهم لم يحملوا يوما رشاشا ولا بندقية. فما حرب الحكومة على (الإرهاب) إلا تنفيذ لحرب أمريكا وأوروبا على الإسلام تحت غطاء نسجوه وسموه (إرهابا). فعلى أي باب ستمنح هذه الحكومة ثقتها؟ لإدامة الحرب على الإسلام، أم لمناصبة العداء للدعوة وحملَتها؟
أما مشكلة الفقر والبطالة فليس في جعبة الحكومة ما تقدمه سوى أن تنضم لقافلة المتباكين على الجوعى والفقراء، علها تحصل على شيء من صدقات الدول المانحة تنهب منها الشيء الكثير وتبقي النزر اليسير. فالحكومة ليس لديها ما تقدمه في مسألة علاج الفقر لأن علاج الفقر يقتضي تبني نظام اقتصادي فيه المقدرة على توزيع الثروة بشكل عادل حتى لا يبقى فقير ولا جائع. والحكومة لا تملك حتى التفكير بمثل هذا الأمر، وإرادتها مرتهنة قبل أن تولد. فعلام الثقة إذا؟
إن هؤلاء النواب لو عادوا إلى قواعدهم وسألوهم سؤالا واحدا: أي الحكم تريدون؟ حكم من يخضع لإرادة الله أم حكم من يخضع لإرادة الصندوق الدولي ومن ورائه أمريكا؟ لوجدوا الجواب الشافي ولعلموا أن الحكم إن لم يكن لله فهو باطل ظالم، ولما ترددوا في إسقاط الحكومة وما يليها حتى يأتي الله بأمر من عنده.
﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد ملكاوي