مع الحديث الشريف
لواء الغدر ولواء الصدق
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا لا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة” رواه مسلم.
أيها المستمعون الكرام:
إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الله أما بعد:
إن هذا الحديث الشريف يصف الغادر، وكيف أنه يتميز عن غيره في الآخرة، ويصف أشد الناس غدرًا. ولهذا إن الغدر من الصفات التي يتصف بها أصحاب النفوس المريضة، التي تضل المسلمين، وتقصد إيقاع الأذى بهم، وهذه الصفة يكرهها الله تعالى، ويوقع بمن اتصف بها العذاب يوم القيامة.
إن الأمة الإسلامية تستحق بما ظهر منها وما سيظهر في القريب العاجل، تستحق أن تكون في أعلى المراتب وأرفعها؛ لما قدمته للأمم والبشرية من خير حتى قيام الساعة، وما سوف تقدمه لها في القريب العاجل، بنشر الإسلام رسالة الهدى، ورفع رايته خفاقة فوق الرؤوس، فيجدر بمن كانت فيه ذرة عرفان وإخلاص أن يخلصها من كل غادر متربص بها. وها نحن نرى اليوم بأم أعيننا كثرة المتربصين بهذه الأمة، وقد ارتفعت رؤوسهم وعلت أصواتهم وساد لواؤهم، وهذا لن يمر من غير عقاب في الدنيا والآخرة. هذا الحديث يخبرنا بأن هؤلاء سيكون لهم لواء خاص يميزهم عن غيرهم يوم القيامة يخبر كل من يقع نظره عليهم أنهم غادرون سيلقون العذاب، أما في الدنيا فقد تكفل الله سبحانه وتعالى بفضحهم وتعريتهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر.
وقد ختم الحديث الشريف بذكر أعظم الناس غدرًا، وهم الذين كانوا وضعوا أمراء على المسلمين لتيسيير أمورهم ورعاية شئونهم ثم غدروا بهم بإذاقتهم العذاب أو التضييق عليهم في حياتهم ودينهم… هؤلاء قد وصفهم الحديث بأعظم الناس غدرًا لتعظيم جرمهم تجاه من استرعاهم الله عندهم من رعية، فكيف إذا كان حاكم المسلمين ظالمًا أو فاسقًا أو كافرًا؟!
علينا نحن المسلمين اختيار أجدر الناس لقيادتنا وتسيير أمورنا، فيجب أن لا يكون أميرنا مضلنا ومفسدًا علينا حياتنا وديننا ومن أصحاب لواء الغدر يوم القيامة. يجب أن نحرص جيدًا على أن يكون أميرنا واعيًا مخلصًا متقيًا لله سبحانه وتعالى، وأن يكون عدلًا مستقيمًا يسير على الإسلام بفكر مستنير ومبدؤه الإسلام، ومثل هذا كثيرون في الأمة، فالأمة فيها المخلصون لها ولدينها، والحريصون على أن تأخذ الصدارة بين الأمم، والعاملون لرفع لواء الحق فوق الرؤوس.
الله نسأل أن يعين الأمة على من ابتلاها بهم، من هؤلاء الغادرين الضالين المضلين، لتضعهم في المكان الذي لن يخذلوها فيه، ليصبحوا الوارثين لهذا الدين الحنيف.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح