Take a fresh look at your lifestyle.

منطقة اليورو: ”مبنى يحترق دون أبواب خروج”

 

منطقة اليورو: ”مبنى يحترق دون أبواب خروج”

 

 

 

الخبر:

 

أعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أنه سيقدم استقالته في وقت لاحق اليوم (2016/12/05) عقب الرفض الشعبي الكاسح لخططه في الاستفتاء على الإصلاح الدستوري. ويتعلق الاستفتاء بتعديل في الدستور يدعو إلى تقليص دور مجلس الشيوخ في البرلمان الإيطالي، إلا أنه نُظر إلى الاستفتاء على أنه فرصة لتسجيل موقف معارض من أداء رئيس الوزراء الإيطالي.

 

كما صرّحت جلوب أند ميل الكندية أن اليورو أصبح تحت التهديد بعد استقالة رئيس الوزراء الإيطالي وأشارت إلى أنه سرعان ما تراجع إلى أقل قيمة له في 20 شهراً عقب الإعلان المفاجئ من رينزي بعزمه تقديم استقالته.

 

التعليق:

 

في الاستفتاء الثالث الذي تشهده أوروبا في مدّة تقلّ عن عام ونصف، صوّت الإيطاليون بـ “لا” بنسبة 60% على إجراء إصلاحات هيكلية على الدّستور. وعلى خطى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي ربط مصيره بنتيجة الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، يربط رينزي مصيره بنتائج الاستفتاء على الإصلاحات الدستورية في بلاده بالرّغم من أن مسألة فوز برنامجه الإصلاحي كانت ضئيلة جدّا لأسباب سياسية (معارضة غالبية الطبقة السياسية من أقصى اليسار واليمين المتطرف والحركات الشعبويّة) واقتصادية وبسبب العقليّة الإيطالية السّائدة التي تقضي بعدم المساس بدستور سنة 1948 وقدسيته.

 

أعلن رينزي تركه لمنصبه في يوم اجتماع وزراء مالية دول منطقة اليورو المقرر عقده في بروكسل مخلّفا وراءه اضطرابا سياسيا وقطاعا مصرفيا متعثرا ودينا عامّا يُقدّر بـ 2,18 تريليون دولار، أي ما يزيد على 132% من الناتج المحلّي، مع العلم أنّ معايير الوحدة الأوروبية لا تسمح بزيادة الحد الأقصى في الدين العام على 60% من إجمالي الناتج المحلي… اختار رينزي الانسحاب مع أنّ بقاءه – ولو لم يفز معسكر المعارضة في الاستفتاء – لن يضيف الشيء الكثير؛ فاحتمال حدوث أزمة ديون إيطالية أمر متوقّع أكثر بكثير مما هو بالنسبة لليونان بسبب حجم اقتصادها وديونها المُستحقة التي فاقت جارتها المتوسطية. ومن الممكن القول إنه من ناحية جماليّة، استطاع رينزي الخروج من الحكومة بشكل لائق أكثر من سابقيه سلفيو برلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي السابق وجورج باباندريو رئيس الحكومة اليونانية السابق اللذين سقطت حكومتاهما بسبب الأزمة المالية والاقتصادية وخاصّة أزمة الديون السياديّة (دخل الدولة وناتجها المحلي أقل من الديون المترتبة عليها).

 

وبين من يرى أن الهدف من هذا الاستفتاء تقوية نفوذ رينزي وتعزيز مركزه من خلال تقليص صلاحيات مجلس الشيوخ بشكل كبير وتجريده حق التصويت على الثقة بالحكومة والحد من صلاحيات المناطق، ومن يرى أنّه فرصة لتأمين استقرار سياسي أكبر لإيطاليا، يُفسح المجال لتقدُّمِ الأحزاب الشعبوية خاصّة حركة (خمس نجوم) ورابطة الشمال اليمينية التي تنتهز هذا الفراغ السياسي لتركب عليه. وقد هنأت زعيمة “الجبهة الوطنية” في فرنسا، مارين لوبان، في تغريدة لها على توتير “الرابطة الشمالية” وقالت “إنّ الإيطاليين تنصلوا من الاتحاد الأوروبي ورينزي” مع أن دخول الاتّحاد الأوروبي أو الخروج منه لم يكن موضوع الاستفتاء، مضيفة “علينا الاستماع إلى الرغبة الجامحة لحرية الشعوب” وبالطبع مقاس هذه الحرّية فضفاض، يعتمدونها تحت مسمّيات ويصدّرونها إلى بلدان العالم الثالث تحت مسمّيات.

 

إنّ هذه الأزمات الاقتصاديّة والماليّة التي تمرّ بها ثالث منطقة لليورو (إيطاليا) ودول الاتحاد الأوروبي عامة هي مؤشرات لسقوطها، وقد زاد اليورو الذي يوحّد 17 دولة من حجم المصائب التي ما فتئت تحل بمنطقة حتى انتقلت عدواها إلى غيرها. وأبلغ ما قيل في العملة الأوروبية الموحدة ”اليورو” الوصف الذي أطلقه وزير الخارجية البريطانية وليام هيج عندما شبه منطقة اليورو ”بمبنى يحترق دون أبواب خروج”. أفلم يئن الوقت لنرجع إلى نظام ربّ العالمين بعد أن فشل النظام الرأسمالي في إيجاد حياة هانئة مطمئنة لمعتنقيه؟ كيف نرضى أن نعيش أشقياء ونعرض عن منهج الله سبحانه وتعالى وقد قال في محكم تنزيله ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾؟!

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. درة البكوش

 

 

2016_12_07_TLK_3_OK.pdf