الغرب أنفسهم لا يطبقون الديمقراطية، فلماذا على المسلمين تطبيقها؟
(مترجم)
الخبر:
يقول تقرير المخابرات المركزية السرية أن روسيا تحاول مساعدة ترامب في الفوز بالبيت الأبيض.
لخصت وكالة المخابرات المركزية في تقييم سري أن روسيا تدخلت في انتخابات 2016 لمساعدة دونالد ترامب في الفوز بالرئاسة، بدلاً من مجرد إضعاف الثقة في النظام الانتخابي الأمريكي، وفقاً لمسؤولين مطّلعين على المسألة.
وقد حددت وكالات الاستخبارات هويات الأشخاص المرتبطين بالحكومة الروسية والذين قدموا لويكيليكس آلاف الرسائل البريدية المخترقة من اللجنة الوطنية الديمقراطية وغيرها، بما في ذلك رئيس حملة هيلاري كلينتون، وفقاً لمسؤولين أمريكيين. وقد وصف هؤلاء المسؤولون الأفراد بأنهم نشطاء معروفون لدى أجهزة الاستخبارات وبأنهم جزء من عملية روسية واسعة لتعزيز ترامب وضرب فرص كلينتون.
وقال مسؤول أمريكي كبير والذي اطّلع على عرض الاستخبارات السرية الذي قدم لمجلس الشيوخ الأمريكي “إن تقييم أجهزة الاستخبارات بأن هدف روسيا كان تفضيل مرشح على الآخر، للمساعدة على انتخاب ترامب” وقال: “هذا هو الرأي المجمع عليه” (واشنطن بوست).
التعليق:
إن الادعاءات حول التدخل الروسي ليس سوى إضافة جديدة للقائمة الطويلة عن عيوب العملية الانتخابية الأمريكية. فخلال انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، كانت هناك اتهامات بالتلاعب الإعلامي، مع ترامب، الخارج عن السياسة، حيث تلقى تغطية حرة لا مثيل لها على شاشة التلفزيون الأمريكي مما دفعه للفوز بالترشح لرئاسة الحزب. وفي الانتخابات العامة، فقد تقرر فوز ترامب بالمجمع الانتخابي على الرغم من حصول كلينتون على مليوني صوت أكثر منه. إن هذه الشكاوي فقط من هذا العام. إن أكثر القضايا التي يطول أمدها هي تلك المتعلقة بتأثير المال على السياسة، وهيمنة الحزبين الجمهوري والديمقراطي على نظام الانتخابات، وسيطرة الشركات على وسائل الإعلام وتأثير الشركات النخبة على السياسة الأمريكية عموماً، والتي حذر منها الرئيس أيزنهاور وسماها “المركب الصناعي-العسكري” في خطابه التلفزيوني بعد انتهاء ولايته منذ أكثر من خمسين عاماً. (وقد قيل إنه سماها في مسودته الخطابية باسم المركب الكونغرس الصناعي العسكري).
لم ينعم الغرب بالراحة أبداً مع الانتخابات. في الواقع، لقد كانت الديمقراطية نفسها مقبولة كفكرة سياسية من قبل الدول الغربية خلال الـ 150 سنة الماضية أو نحو ذلك. الديمقراطية في الواقع، هي فكرة إلحادية قديمة أحياها المادّيون الأوروبيون وشاعت في القرن التاسع عشر من قبل الحركات الاشتراكية التكتلية. لقد كانت تحت تهديد من الثورات التي بدأتها الحكومات الغربية لفتح عملياتها السياسية، مع “حق الانتخاب العالمي” لم تعتمد بشكل كامل في معظم الدول الغربية حتى فترة متقدمة من القرن العشرين.
قبل اعتماد الديمقراطية، اعتبر الغرب الفكرة الرومانية “حكومة مختلطة” كأفضل شكل من أشكال الحكم، والتي تجمع بين أنظمة ثلاثة ناقصة وهي الحكم الملكي والأرستقراطي والديمقراطي، حيث تغطي كل واحدة عيوب الأخرى. كان ينظر إلى الديمقراطية لوحدها على أنها تحمل مخاطر الفوضى “حكم الغوغاء”. كما كانت الأرستقراطية تحمل مخاطر حكم الأقلية وكذلك النظام الملكي يحمل مخاطر الدكتاتورية. وحتى اليوم، يتم تعليم طلاب العلوم السياسية الغربية مزايا وعيوب الأنظمة الثلاثة الحاكمة، حيث يملؤهم بالشكوك بشكل طبيعي فيما يتعلق بكل واحدة. المعلقون الغربيون، رداً على ترامب وغيره، ينتقدون مخاطر “الشعبوية” أي محاولة استجابة السياسيين لمطالب الجماهير، الشيء الذي يتوقعه المرء أن يكون الهدف من الديمقراطية. ولكن الذي يفسر هذا هو أن الغرب لا يطبق الديمقراطية بل “التمثيلية الديمقراطية”.
تظهر أعمال الرئيس المنتخب ترامب والتي تلت الانتخابات أن المؤسسة السياسية الأمريكية في الواقع قد فازت حتى الآن، حيث إنه من أكثر المرشحين الذين يتبعون النظرية الشعبية. وتعكس تشكيلة مجلس الوزراء الرئيسي مطالب المؤسسة التي تختلف اختلافاً كبيراً عن خطاب الحملة الخاصة بترامب. وأول تعيينين قام بهما ترامب، نائبه ورئيس أركانه هما من الشخصيات الأساسية الثابتة للحزب الجمهوري.
وبأخذ هذا المثال الحالي على الأعمال غير الديمقراطية، يتم انتخاب الرئيس الأمريكي فعلياً من قبل المجمع الانتخابي وليس من قبل الشعب مباشرة. هذا هو سبب فوز البعض بالرئاسة في حين إنهم خسروا في جمع أصوات الناخبين. ألكسندر هاملتون، باعتباره واحداً من “الآباء المؤسسين” لأمريكا حاول أن يشرح: “موهبة الخداع البسيط والقليل من الفنون الشعبية قد تكفي وحدها لرفع رجل إلى مرتبة الشرف الأولى في دولة واحدة. ولكن الأمر يتطلب مواهب أخرى، ونوعاً مختلفاً من الخصائص والميّزات، ليحظى بالتقدير والثقة من الاتحاد كله، أو أن يُعتبر جزءاً منه، كما يكون من الضروري أن يكون المرشح الفائز لمنصب رئيس الولايات المتحدة”.
في الواقع، يحافظ الغرب على العديد من الإجراءات الوقائية – السياسية والقانونية والمؤسسية والثقافية – ضد الحكم الديمقراطي في الوطن حتى في الوقت الذي تتهم الحكومات غير الغربية بأنها غير ديمقراطية بما فيه الكفاية. لقد أجبروا المسلمين بوجه خاص من خلال الدعاية الغربية الحاقدة على الابتعاد عن نظامهم الإلهي، ألا وهو الخلافة والبحث اليائس في النصوص الإسلامية عما يسمى الشرعية والديمقراطية. وتم عرض الأحكام الشرعية مثل الشورى أو انتخاب الخليفة كدليل على الديمقراطية بالرغم من أنها لا تمت للديمقراطية بصلة. إذ إن الديمقراطية تجعل للإنسان أن يعيش ويتصرف وفقاً لقانونه الخاص، بينما يدعو الإسلام إلى أن يعيش الإنسان وفقاً لأوامر خالقه. لقد حان الوقت لأن يضع المسلمون حداً لذلك.
كل شخص عاقل يعلم أن الحكومة لا يمكن أن تسير وفقاً لرغبات وأهواء الجماهير. المشكلة، بالطبع لدى غير المسلمين، أن رفض حكم الأغلبية يؤدي إلى قبول حكم الأقلية أو حكم الفرد. ولكن المسلمين لا يواجهون هذه المعضلة. لأنه في ديننا، دين الإسلام توجد هنالك فرصة لتحقيق نظام حكم يرفعنا إلى مرتبة أعلى من القوانين الوضعية جميعها. إن إقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة تنقذ الإنسان من عبادة المخلوقات وتحرره لمتابعة الطريق المستقيم الصحيح، ليتوجه لعبادة الخالق وحده. وبإذن الله فإن الخلافة قاب قوسين أو أدنى.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فائق نجاح