السيسي وإعلامه يحرضون الغرب على المسلمين وعلى دينهم
الخبر:
نشرت جريدة الأهرام بتاريخ الأربعاء 22 من ربيع الأول 1438هــ، 21 كانون الأول/ديسمبر 2016 السنة 141 العدد 47947 ما يلي:
وهكذا تثبت كل يوم صحة الرؤية الثاقبة لمصر، فيما يتعلق بمكافحة (الإرهاب)، وها هي الحوادث المتتالية تؤكد أن السبيل الوحيد الناجح لمقاومة هذا السرطان المتفشي، هو ما طرحته مصر، وطرحه الرئيس عبد الفتاح السيسي في حواراته وخطاباته أمام المحافل الدولية، وأيضا خلال لقاءاته زعماء الدول والمنظمات الدولية.
قال الرئيس: لا سبيل إلى إيقاف هذا الخطر الجسيم إلا من خلال مقاربة شاملة يشارك فيها الجميع، وتتضافر فيها كل جهود المجتمع الدولي، لكنهم أبوا أن ينصتوا، وها هم يرون بأعينهم، بل بدمائهم، نتائج عدم الإنصات.
الرؤية المصرية لمقاومة (الإرهاب) تقوم على عدة أسس، على رأسها أن جذور (الإرهاب) كامنة فى الواقع الفكري المخبوء في عقول هؤلاء الإرهابيين، وأن بداية المواجهة يجب أن تكون السعي لتغيير هذه الأفكار الظلامية المعششة فى أذهان المنتمين للمنظمات الإرهابية، ومن هنا جاءت دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الديني. وللأسف فهم بعض المتحذلقين أن الرئيس يقصد الدين نفسه، من صلاة وصيام وزكاة وكتاب وسنة محمدية، وهذا ما لم يكن يعنيه الرئيس أبدا، بل قصد إلى تغيير الأفكار المغلوطة، والفتاوى البائسة، التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي، ولا بأي دين.
رؤية مصر لمكافحة (الإرهاب) تقوم أيضا على أنه ما دام (الإرهاب) هو خطرا عالميا، فإن المواجهة يجب أن تكون عالمية أيضا، من خلال تعاون دولي مشترك، يسهم فيه الجميع، سواء بالمال، أو بالتخطيط، أو بتبادل المعلومات، أو بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية، أو حتى بالجهد العسكري المشترك إذا دعت الضرورة لذلك. إلا أنهم رفضوا أن ينصتوا لمصر، وها هي نتيجة العناد والاستكبار بادية للجميع، قتل وذبح واغتيال وتفجير، وهدم للقرى والمدن على رؤوس أهلها الآمنين من الأطفال والنساء، والشيوخ، ولم يستثن (الإرهاب) أحدا، ولا بلدا. وخلال الأيام القليلة الماضية، رأينا جميعا ما جرى في تركيا من اغتيال للسفير الروسي، وتفجيرات أسفرت عن سقوط العديد من القتلى، والأمر نفسه في الأردن، وفي ألمانيا، وفي سويسرا، ولن ننسى ما جرى من اعتداء غاشم على الكنيسة المصرية البطرسية بالعباسية، الذي أسفر عن سقوط أرواح بريئة كانت تتعبد لله الخالق، ولن نتحدث عما جرى ويجري في باريس ولندن وطوكيو وموسكو، فلا أحد سينجو من سكين (الإرهاب) الأحمق البارد.
التعليق:
ما زال الساسة في مصر والإعلام المصري يحرضون الغرب الكافر على المسلمين وعلى دينهم بترويجهم لذرائع الغرب التي يستخدمها لمحاربة المسلمين وتحريف دينهم (الإرهاب وتغيير الخطاب الديني)، أما (الإرهاب) الذي يردده الإعلام المصري خلف السيسي فلم يضع الغرب له تعريفا جامعا مانعا في القانون الدولي حتى الآن، بل على مستوى الدول لم يوضع له تعريف جامع مانع، بل إن الولايات المتحدة فيها تعريفان مختلفان: تعريف لوزارة العدل، وآخر لمكتب التحقيق الفيدرالي. وعليه فكل المؤتمرات التي عقدت والبروتوكولات التي وقعت بين تلك الدول لمكافحة (الإرهاب) كلها وضعت لمنع ومحاربة مجهول، وهذا عين ما يريده الغرب؛ إذ تمكنه تلك الجهالة المقصودة من محاربة من يشاء وقتما شاء أينما شاء.
وعليه، فإن الرؤية التي تدعيها جريدة الأهرام هي رؤية متعلقة بمكافحة (الإرهاب) كما يراه الغرب، وهي رؤية مليئة بالجهل والخنوع والذلة والتحريض على الإسلام والمسلمين، حيث إنهم زادوا على ما أراده الغرب بأن عرفوا (الإرهاب) بأنه الإسلام.
ومن ناحية أخرى، فإن ما قاله السيسي وإعلامه في هذا الخصوص هو أيضا عبارات تحريضية ضد المسلمين والإسلام والكراهية.
أما الخطاب الديني الذي يطالب السيسي وإعلامه بتغييره فلم يذكر له تعريف يعرف به؛ فهو مصطلح غامض غير واضح. والمترتب على الغموض في هذا المصطلح هو نفسه ما ترتب على غموض مصطلح (الإرهاب)، فكما أن الغموض في مصطلح (الإرهاب) وعدم تعريفه تعريفا دقيقا جعله ذريعة في يد الغرب يعيث به في الأرض فسادا، كذلك الغموض في مصطلح الخطاب الديني جعله ذريعة في يد أعداء الأمة والمضبوعين بثقافتهم يحرفون بها الكلم عن مواضعه، ويتلاعبون بالنصوص والأحكام.
ألا يستحي السيسي وتلك الجريدة من الله! أين ذهبت عقولهم!؟ لم نسمع من قبل بأحد يحرض عدوه على شعبه متهما إياه (بالإرهاب) كما فعل هؤلاء! إنهم يحرضون الغرب على أمتهم الجريحة وهي تنزف وتتألم، ويحرضون الغرب على الأمة وهو يقتلها، وكأنهم يقولون له لا ترحم من المسلمين أحدا! ألم يشبع حقدكم من دماء أهل سوريا والعراق وأفغانستان ومسلمي بورما وكوسوفا والصومال…!؟ ألم تقر أعينكم بمخيمات أهل سوريا تحت الثلوج!؟ ألم تسمعوا صرخة طفل يحتضر تحت الأنقاض وصرخة أم تنتظر جسد ابنها!؟ ألم تقر أعينكم بشعب كامل أخرج من دياره كي يبقى طاغية الشام على كرسيه وتحافظ أمريكا على نفوذها!؟ أعميت أبصاركم عن سماء سوريا قد ظللتها طائرات القتل الروسي!؟ أعميت أعينكم عن أكثر من نصف مليون شهيد!؟ وبصركم يوم قتل سفير الروس حديد! وراعكم تفجير وتفجيران في برلين وفرنسا! وهرولتم معزين ومواسين! من الذي أخرج الشعب السوري من دياره!؟ من الذي دمر ديارهم!؟ من الذي قتلهم!؟ من الذي اغتصب نساءهم!؟ من الذي قتل نساء وأطفال بورما!؟ من الذي دمر العراق ونهب ثرواتها!؟ مدافع من تلك التي تقصف وطائرات من تلك التي تلقي بالبراميل على شعب أعزل يسعى للتخلص من ظلم الطاغية ويشتاق لحكم الإسلام!؟ أليس الغرب وبشار! فمن الإرهابي!؟
لم نسمع بعاقل يتهم حضارته وثقافته بالرجعية، وأنها مصدر قلق للبشرية، ويمتدح حضارة عدوه بأنها راقية ومصدر أمن وطمأنينة كما فعل السيسي وتلك الجريدة، (فالإرهاب) ما هو إلا ذريعة لقتل العاملين لنصرة هذا الدين والتضييق عليهم والتحريض عليهم. فقد استخدمته أمريكا كذريعة لضرب الثوار المخلصين في سوريا لأنهم اختاروا لأنفسهم الإسلام نظام حياة، فلم تتحرك أمريكا ولا روسيا ولا السعودية ولا إيران لوقف عدوان الأسد الذي قتل أكثر من نصف مليون بالبراميل المتفجرة وبالغازات السامة، وكل ذلك موثق عندهم واكتفوا بالتنديد والشجب والاستنكار! ولم تصف أي من تلك الدول ما فعله بشار (بالإرهاب)، ولكن بأمر من أمريكا اتهمت تلك الدول الثوار المخلصين المستضعفين وهم يدافعون عن أنفسهم (بالإرهاب)! ولم يكتفوا بالشجب والاستنكار معهم؛ بل فاقوا بشار في القتل والدمار، فجريدة الأهرام تحرض الغرب كي يزيد في القتل والدمار!
تجديد الخطاب الديني الذي دعا له السيسي ما هو إلا ذريعة لتحريف الإسلام ولتضليل المسلمين وإلباس الحق بالباطل، فبه يجعلون السيادة للشعب، وبه يصبح الجهاد اعتداء، والجزية ظلماً، والتعدد رجعية، والخلافة العثمانية احتلالاً، والاحتلال البريطاني انتداباً، وفصل الدين عن الحياة تقدماً، والانحلال الخلقي والردة وانتقاد القرآن والرسول حريات، وسب الرسول وجهة نظر وتعبيراً عن رأي، والربا تجارة، وبيع الملكية العامة استثماراً!!
يا أهل الكنانة، هذا حال حكامكم وأبواقهم يحرضون أعداءكم عليكم، فإن لم تأخذوا على أيديهم فسنهلك جميعا، وإن أخذنا على أيديهم وأطرناهم على الحق أطرا نجونا جميعا.
ويا حاكم مصر، اتق الله واتعظ بمن سبقك، فمهما طال عمرك ستدخل قبرك، وستقف أمام الله وحدك، يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم يزول عنك سلطانك، فاتق ذلك اليوم.
ويا أيها الكتّاب، لا تفتروا على الله كذبا، فيسحتكم بعذاب، وإن كنتم ناصحين فلأمتكم لا لأعدائها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حامد عبد الله