Take a fresh look at your lifestyle.

مصطلح أهل السنة والجماعة الحلقة الأولى الدافع لكتابة الموضوع


 

مصطلح أهل السنة والجماعة

 

الحلقة الأولى

 

الدافع لكتابة الموضوع

 

 

 

عُقد في عاصمة الشيشان «غروزني» في 2016/8/25 مؤتمر بعنوان «مؤتمر أهل السنة والجماعة»، لوضع تعريف من «هم أهل السنة والجماعة» أو لـ«تصويب الانحراف الحاد والخطر» في هذا التعريف، كما قال القائمون على المؤتمر.

 

حصر المؤتمر أهل السنة والجماعة في «الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علمًا وأخلاقًا وتزكيةً»، ليعني ذلك إخراج كل من خالفهم من دائرة السنة والجماعة، وهو الهدف الذي أقيم من أجله المؤتمر، برعاية الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، وروسيا، وإيران، وبحضور مفتي مصر، وسوريا، وثُلة من مشايخ الأزهر.

 

عقد المؤتمر في رحاب روسيا الاتحادية، التي تعيث في الأرض فسادًا، وتقتل المسلمين في سوريا، روسيا التي مردت على قتل المسلمين سنة وغير سنة عبر تاريخها الدموي[1]، وفي ظل الهجمة الشرسة الدموية على الإسلام، ووصمه بالإرهاب، وليس غريبا أن يدعو الرئيس الشيشاني شيخ الأزهر ومفتي أسد وغيرهم من علماء السوء، ولكن الغريب أن بوتين – وهو الذي يقف وراء المؤتمر – لا يقرأ الأحداث قراءة صحيحة، فما يسمى بالإسلام المعتدل، أو المدني، المطعّم بالواقعية، المغلف بالليبرالية استهلكته أمريكا وحاولت على مدار عقود أن تجعل منه البديل للإسلام الذي وصفته بالراديكالي الأصولي، ولم تنجح، ثم لم تعد تتكلم عنه كثيرا اليوم، وكانت أمريكا قد وضعت مواصفات للمسلم المعتدل كما جاء في دراسة وتوصيات لمركز راند المدعوم من وزارة الخارجية الأمريكية في 2007 استغرقت ثلاث سنوات تحت اسم “بناء شبكات مسلمة معتدلة Building Moderate Muslim Networks”[2] فالمسلم المعتدل هو الذي:

 

1 – يرى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية.

2 – يؤمن بحرية المرأة في اختيار “الرفيق”، وليس الزوج.

3 – يؤمن بحق الأقليات الدينية في تولي المناصب العليا في الدول ذات الغالبية المسلمة.

4 – يدعم التيارات الليبرالية.

5 – يؤمن بتيارين دينيين إسلاميين فقط هما: “التيار الديني التقليدي” أي تيار رجل الشارع الذي يصلي بصورة عادية

 

وليست له اهتمامات أخرى، و”التيار الديني الصوفي” – يصفونه بأنه التيار الذي يقبل الصلاة في القبور (!) – وبشرط أن يعارض كل منها ما يطرحه “التيار الوهابي”.[3]

 

ثم يأتي هذا المؤتمر ليستمر في الحملة ذاتها، واضعا “مواصفات” معينة لـ”أهل السنة والجماعة”، وما عداها فأصولي وإرهابي! من هنا، ففهم سياق المؤتمر مهم، واستعماله لمصطلح أهل السنة دفع للقيام بهذه الدراسة لتوضيح أن أمريكا حاولت تفريغ الإسلام من مضامينه واحتواءه تحت ثوب العلمانية والليبرالية، والقبول بحقوق الشواذ، ورفض تطبيق الشريعة، بينما هذا المؤتمر يريد قصر السنة على التصوف ومسائل اعتقاد عفى عليها الزمن، يريدون بتر الإسلام عن الواقع، فلا يضع حلولا لمشاكل المسلمين مستنبطة من الكتاب والسنة، ويريدون قوقعته بين جدران التصوف، ويريدون للمسلمين أن لا يفكروا حتى في تطبيقه في حياتهم نظام حياة.

 

إن عنوان “أهل السنة والجماعة” أصلاً هو عنوان تاريخي نشأ كردة فعل لأحداث تاريخية محددة (حركات الخوارج، وظهور الاعتزال والحديث في القدر …الخ) استدعت ظهور مناهج محددة في الفكر والنظر، تبلورت في النهاية تحت عناوين متعددة (شيعة، وجهمية، ومرجئة، ومعتزلة، وأشاعرة، وأهل حديث…). فهل نحن اليوم نعاصر نفس السياق في الفعل وردة الفعل؟ هل دعاة المعتزلة يقفون على باب المساجد يمتحنون المسلمين في مسألة خلق القرآن والمنزلة بين المنزلتين؟! أم أن قضية تفويض معاني وكيفيات الصفات تتصدر نشرات أخبار فضائيات الجزيرة والعربية؟!

 

إن الواقع المرير الذي تعيشه الأمة يقتضي التسامي إلى بعد آخر في التفكير، ويقتضي الخروج من إطار تحديات مرت في فترة من التاريخ ومشاكل مغايرة لمشاكل العصر اليوم، فالتحديات والقضايا والعداوات اختلفت، اليوم زال نظام الإسلام من التطبيق ولم تعد للمسلمين دولة! اليوم تفرقت الأمة أيادي سبأ، واستبيحت البلاد وصارت نهباً لكل طامع، وانتقصت أرضنا من أطرافها، بل من قلبها؛ يهود يحتلون الأرض المباركة، وكشمير يحتلها الهندوس، والقوقاز يحتله الروس، وأمريكا تبلع العراق وأفغانستان، وجنوب السودان اقتُطع كما اقتطعت قبرص وتيمور الشرقية من قبل، اليوم تسلط على الأمة حكامٌ يحكمون بغير ما أنزل الله في شتى مناحي الحياة، اليوم انتشرت أفكار الديمقراطية والليبرالية والقومية والوطنية والرأسمالية.[4]..

 

ثم إننا نعلم أن علماء التيار السلفي درجوا على وصف أنفسهم بأهل السنة والجماعة، واعتبر كثير منهم غير السلفية أحيانا فرقاً ضالة وأحيانا وصفوها بأهل القبلة، مقابل وصف أنفسهم بالفرقة الناجية، وبأهل السنة والجماعة، قال سفر الحوالي: “بل يمكن القول: إن الآلاف من الآثار ممن يستخدم مثل هذه الكلمة: كلمة أهل السنة، فنترك كل هذه النقول من أجل هؤلاء المبتدعة، من أهل الكلام سواء كانوا صوفية أم معتزلة أم أشعرية، أو أشباههم يقولون: نحن من أهل السنة، نترك الكلمة الشرعية، من أجل ادعاء المدعين.

 

فنقول: لا، السنة لستم من أهلها، فأنتم عقيدتكم كذا، وأهل السنة عقيدتهم كذا، كما ظهر قبل فترة من يقول إن الأشاعرة هم أهل السنة، والحمد لله تصدى لهم من بين أن أصول الأشعرية كذا وكذا…، أما أصول أهل السنة والجماعة فهي بخلاف ذلك، فتبين أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة، بل هم من أهل البدعة والضلالة[5].

 

وهكذا زاد هؤلاء الطين بلة، ومن ثم سرت الفُرقة في خير أمة أخرجت للناس، فتفرقت كلمتها، وعمل عدوها على إذكاء هذا الصراع الذي سموه بالطائفي، مستغلين فهم الناس أن السنة طائفة، وأن الشيعة طائفة، والزيدية طائفة، وهكذا، حتى وصل الحد بأن تجد محطات تلفزة مخصصة للهجوم على الشيعة، وأخرى مخصصة للهجوم على الوهابية، ونقل الصراع بين الأمة وعدوها الكافر المستعمر إلى صراع بين أبناء الأمة: بين شيعي وسني حربا ضروسا أججت نيرانها الأحقاد والتفجيرات التي إما يقف وراءها الكافر المستعمر يفجر مساجد السنة ومراقد الشيعة، ليتهم كل فصيل الآخر ويصب الزيت على نيران الحقد، وإما من قبل مضبوعين لم يفقهوا حقيقة ما معنى أهل السنة، وما هو الخلاف بينهم وبين الشيعة، فإذا ما تم فهم هذا وتجليته، اختلفت النظرة، وإما من قبل سياسيين يعملون لصالح مصالحهم الدنيئة وعمالتهم للغرب الكافر، ويوظفون أتباعهم المضبوعين بفكرهم لإذكاء نار الحرب بين أبناء الأمة.

 

كذلك اتخذ الصراع بين أبناء الأمة شكل التكفير، وبدلا من أن يصبوا جام غضبهم على الكافر المستعمر الذي نهب خيرات الأمة وأوردها موارد الهلاك والتفرقة، بدلا من ذلك حولوا الصراع إلى تكفير بعضهم بعضا، على أساس فروعيات أو دعايات مغرضة، أو اقتطاع لكلام غال لا يقول به إلا ثلة من الغلاة من كل مذهب، فسحبوا الكلام على العامة ورموهم بالكفر وأخرجوهم من الملة!

 

وجرى تصوير صراع آخر بأن السعودية تمثل السنة، وإيران تمثل الشيعة، وفي الواقع كلتاهما تنفذان عين السياسة الأمريكية، وتلهثان وراء فتات ما يلقيه إليهما السيد المستعمر، وكل ذلك حراب المستعمر المسمومة.

 

والآن ينبغي وضع النقاط على الحروف لنفهم ما هي حقيقة مصطلح أهل السنة والجماعة؟ متى نشأ؟ وما علاقة الشيعي أو الإباضي أو المعتزلي أو الأشعري بالسنة؟ وما الفرق بين السنة كمنهج ونظام حياة، وبين السنة كفرقة أو طائفة! والله ولي التوفيق…

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الفقير إلى رحمة الله تعالى: ثائر سلامة – أبو مالك

 

 

 

[5] الفرق بين السلف وأهل السنة والجماعة لسفر الحوالي

 

 

 


 

لمتابعة باقي حلقات السلسلة

 

اضغط هنا

 

Cover

 

 

Art_The_term_of_Ahlu_Sunnah_wal_Jamaah_1_AR_OK.pdf