بين تونس المسلمة وفرنسا الاستعمارية… أسلاك شائكة
الخبر:
السفارة الفرنسية، موقع تونسكوب – قام سفير فرنسا بتونس “أوليفييه بوافر دارفور” يوم 2017/01/08 بزيارة أحد أعوان قوات الأمن الداخلي في منزله، بعد إصابته في أحداث عنف أعقبت مقابلة رياضية، وقد دعا السفير الفرنسي إثر هذه الزيارة إلى عدم إشغال قوات الأمن لأن لهم “معارك” أخرى يتوجب القيام بها في إشارة واضحة إلى ما يسمى “الحرب على الإرهاب”.
التعليق:
لا يكاد يمر الأسبوع أو الأسابيع القليلة إلا ونسمع عن تدخل سفراء الدول الغربية في كل كبيرة وصغيرة من الشأن العام بشكل يطغى أحيانا على أعمال المسئولين الحقيقيين في البلاد، فبعد الزيارات التي قام بها كل من السفير الأمريكي والبريطاني إلى العديد من الوزارات – الداخلية وحقوق الإنسان – والمؤسسات الاقتصادية والإعلامية والتعليمية بكل من صفاقس والقيروان وباجة ومنوبة، وحضورهما المثير في المناسبات الانتخابية الأخيرة، جاء دور السفير الفرنسي المعين حديثا ليبدأ سلسلة زيارات شملت العديد من المدن، بحجة افتتاح مدارس تعليم اللغة الفرنسية وتحت غطاء تشجيع الاستثمار، ثم تتالت زياراته بشكل لافت بمناسبة وبغير مناسبة، وآخرها حضوره استقبال جثامين قتلى ملهى اسطنبول وزيارة عون أمن أصيب أثناء أداء عمله.
إن سفير فرنسا الاستعمارية يحاول بزياراته المتلاحقة تبييض وجه فرنسا الأسود أمام المسلمين في تونس، وهي التي وقفت إلى آخر لحظة مع المجرم الهارب “بن علي”، كما أنه يحاول أن يتدارك تراجع الحضور الفرنسي في تونس منذ الثورة، مقارنة بما يقوم به سفراء كل من بريطانيا وأمريكا في الفترة الأخيرة. وقد سعى السفير في زياراته إلى تأكيد استمرار افتتاح المزيد من مدارس تعليم اللغة الفرنسية، ونفي ما ورد عن وزير التعليم في تونس من التوجه نحو اعتماد الإنجليزية لغة ثانية بدل الفرنسية، وتأكيده عدم مغادرة أي شركة فرنسية تعمل بتونس.
إن الحالة المزرية التي أصبح عليها حكام تونس بعد الثورة من فشل في رعاية شؤون الناس، وانتهازية الأحزاب المشاركة في الحكم وتبعية مطلقة للغرب هو الذي جعل من تونس مرتعا للسفراء والمخابرات الأجنبية وهدفا سهلا لعملاء كيان يهود يقتلون أبناء الأمة دون حسيب أو رقيب.
ومهما حاول السفير الفرنسي تجميل وجه بلاده القبيح فستظل فرنسا في أعين المسلمين في تونس بلدا استعماريا عنصريا بغيضا، ولن تفلح محاولاته البائسة في إخفاء العداء الفكري والسياسي الذي يكنه حكام فرنسا للإسلام والمسلمين، وإن الأسلاك الشائكة والحواجز الإسمنتية المحيطة بمقر السفارة بتونس العاصمة لهي تعبير واقعي بسيط عن حقيقة مشاعر أهل تونس تجاه الاستعمار الفرنسي وكل من يحمل التبعية له من النخب الفكرية والسياسية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد مقيديش
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس