بشريات موازنة العام 2017م
الخبر:
أودع وزير المالية السوداني، بدر الدين محمود، منضدة البرلمان، خلال جلسة الأربعاء المسائية، مؤشرات مشروع موازنة العام 2017، ومن أهم مميزات هذه الميزانية، أن العجز فيها يبلغ 18.5 مليار جنيه، وتوقع وزير المالية ارتفاع التضخم في الربع الأخير من العام، كما أعلن عن زيادة ضريبة القيمة المضافة على شركات الاتصالات بنسبة 5%، ومراجعة فئات الرسوم على الخدمات الحكومية لتتناسب مع تكلفة الخدمة المقدمة؛ (أي زيادة رسوم الخدمات)، وأشار إلى أن الإيرادات الضريبية تمثل (74%) من إجمالي الميزانية، كما أن البطالة ستكون 19.1%، وأخير الاستمرار في الخصخصة والتصرف في المؤسسات العامة.
التعليق:
إن أستخدام كلمة بشريات، عادة لتوقع أشياء جميلة يمكن أن تحصل في المستقبل، لكن استخدامها لميزانية عام 2017م، هو من باب الذم الذي يشبه المدح، إن هذه الميزانية هي سياط من نار على ظهر دامٍ، فكل متفائل، فهذا العجز الذي بلغ 23% من الميزانية يكون سداده إما بزيادة في الضرائب، أو بقروض ربوية، أو بطبع عملة ورقية، وكلها تزيد من أثمان السلع والخدمات، وحتما سيزيد من معاناة الناس. أما زيادة التضخم التي ذكرها وزير المالية، فليس في الربع الأخير من السنة المالية، بل في ربعها الأول، بمعنى أن تبدأ زيادة الأسعار بمجرد إجازة الميزانية، وإنزالها على أرض الواقع. أما ضريبة القيمة المضافة على شركات الاتصالات، وترك الباب موارباً لمدير الضرائب كي يصدر ما يراه من زيادة في الضريبة، ومراجعة الرسوم على الخدمات الحكومية، فكل هذا لا يخفى على أحد على أن له تأثيرا سلبيا على حياة الناس.
وبالنظر إلى جملة واردات الميزانية، والتي تمثل الضرائب منها 74%، يعني أن جل مداخيل الناس ستذهب حتماً، إلى الميزانية العامة، بدلاً عن قضاء حوائجهم، ومتطلباتهم من علاج وتعليم وغيرها. ومن المعلوم أن الركن الأساس في الاقتصاد هو العامل البشري، ووزير المالية يقول، سينخفض معدل البطالة إلى 19.1%، فإذا سلمنا أن هذا الرقم قد أحصى البطالة، الظاهر منها والمستتر، فكثير من الشباب الذين يحملون مؤهلات جامعية، يعملون في مجالات غير تخصصهم، وهو نوع من أنواع البطالة، فإذا سلمنا بهذه النسبة التي أوردها وزير المالية، فهذا يعني أن خمس الأيدي العاملة في السودان مكبلة، وهي طاقات أناس في عنفوان شبابهم، وفي قمة سن العطاء.
هذه هي حالنا، وهذا هو واقع اقتصادنا للعام 2017م، فما الذي أدخلنا في هذا النفق المظلم، وهل إلى خروج من سبيل؟ كل المسلمين في العالم، وبخاصة أهل السودان يقرأون هذه الآية: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى + وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾، وكلنا يؤمن بأن الإعراض عن كتاب الله وسنة رسوله r، هو سبب الضنك والمعاناة التي نعيشها، وقد دفعني هذا الأمر لإنعام النظر في هذه الميزانية الكارثية، وأين جافت ذكر الله وسنة رسوله r، مما جعلها سبباً للضنك المتوقع في العام 2017م، ثم رجعت إلى كتاب الله سبحانه وتعالى، وفي مسند الإمام أحمد حديث رسوله r، ينهى عن أن يتدخل أي شخص أو جهة في أسعار المسلمين ليزيدها عليهم، ووجدت ذلك حراماً، حيث قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وبالنظر إلى الميزانية نجد أنها تعتمد على الضرائب بشكل شبه كامل، فنسبة 74% كلها ضرائب كبيرة على الناس، ثم إن هذه الضرائب 93% منها غير مباشرة، أي أنها ضرائب تفرض على السلع والخدمات، وهي تنعكس بشكل مباشر على السلع والخدمات، فتزيد أسعارها، فيعاني الناس.
نقول لوزير المالية، ارحم نفسك، ولا تقع في عظم من النار يوم القيامة، وارحم أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وارجع بنا إلى كتاب الله، وسنة رسوله الكريم، فستجد العلاج الناجع لمشاكلنا في الاقتصاد. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس/ حسب الله النور سليمان – الخرطوم