Take a fresh look at your lifestyle.

عندما ترى عدوك يهلك نفسه فلا تعترضه

 

عندما ترى عدوك يهلك نفسه فلا تعترضه

 

 

الخبر:

 

توجهت السيدة ميركل في خطابها لنهاية عام 2016 بالنداء للتمسك بالوحدة في أوروبا وخاصة في مواجهة الإرهاب “الإسلامي” وحذرت في خطابها من التفرد والعودة إلى الدولة الوطنية. [فلت 24]

 

التعليق:

 

أوروبا مقبلة هذا العام على انتخابات برلمانية ورئاسية في عدة دول منها ألمانيا، وهولندا وفرنسا وإيطاليا والنرويج، بالإضافة إلى انتخابات في ثلاث ولايات ألمانية، منها انتخابات الولاية الأكثر سكانا في ألمانيا وهي ولاية شمال الراين وستفاليا، والملاحظ هو اتساع نفوذ الحركات اليمينية المطالبة بالانفصال عن أوروبا، أو الانعزال في دول وطنية قومية.

 

في هولندا يتقدم المرشح اليميني المجاهر بالعداء للإسلام خيرت فيلدرز  Geert Wildersفي حين  ترتفع حركة خمس نجوم الإيطالية التي يتزعمها بيبو جريلو Beppo Grillo، وفي فرنسا تتقدم حركة الجبهة الوطنية بقيادة اليمينية مارين لوبين Marine Le Pen، وفي ألمانيا يحتد الصراع في محاولة لعزل الحزب اليميني البديل الذي حقق فوزا في عدة ولايات ألمانية العام المنصرم، ويخشى أن يُحدث خللا في التوازن السياسي في ألمانيا الأمر الذي قد يؤدي إلى عجز الأحزاب الشعبية عن تشكيل حكومة مستقرة، في حال تحقق نجاح هذا الحزب والدخول في البرلمان على حساب الأحزاب الشعبية، وتخشى الأحزاب الشعبية الآن من حصول حالة تشبه الوضع السياسي في إيطاليا من حيث عدم القدرة على تشكيل حكومة ائتلاف مما يسمى الوسط المعتدل.

 

ظاهرة الشعوبية القومية والوطنية لم تتخلص منها أوروبا في اتحادها الذي يضم الآن 28 دولة ولن تتخلص منها مستقبلا، لأن المبدأ الذي تقوم عليه هذه الدول هو الرأسمالية التي تتخذ المصلحة رابطا والحلول الوسط منهجا. وقد بدأت الأحزاب الشعبية بفقدان شعبيتها بالتدريج، ولم تكن قضايا (الإرهاب) قد ظهرت بعد، ولكن جمرات القومية اشتعلت في خضم الأحداث العالمية، ممثلة بالصراع الاقتصادي والنفوذ السياسي.

 

لن يستطيع المبدأ الرأسمالي ولا وجهة نظره عن الحياة التصدي لهذا التوجه، ولن تتمكن المبررات العقلية أو المكاسب الاقتصادية ولا غيرها من الوقوف في وجه هذا السيل العارم الذي يجتاح أوروبا مهلكا لها ومهددا إياها بالتقلص وربما يؤدي إلى عودتها للتحارب فيما بينها من أجل الحفاظ على المصالح الوطنية الخاصة لكل دولة. وصدق فيهم قول الله تعالى ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾.

 

في اجتماع الاتحاد الأوروبي الأخير صرحت السيدة ميركل بأن الضمان للحد من تدفق المهاجرين هو التشديد على مراقبة الحدود الخارجية لأوروبا وهي تعني السواحل الجنوبية بشكل خاص، وقد سبق أن صرح عدد من الساسة الألمان بما يدل على ضرورة إيقاف الهجرة بوسائل متعددة، وبعض هذه التصريحات “المعتدلة” لا يبتعد كثيرا عن تصريح رئيس الحكومة المجرية المتطرف فيكتور أوربان Viktor Orban الذي طالب بحبس طالبي اللجوء في معتقلات (معسكرات) مغلقة إلى حين البت في طلبات لجوئهم بالرفض أو القبول.

 

وربما تكون تصرفات دونالد ترامب الرئيس المقبل للولايات المتحدة المعادية للأجانب، وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي الذي ستبدأ المباحثات حوله رسميا في مطلع شهر نيسان/أبريل، حافزا لهذه الحركات اليمينية للنجاح في الانتخابات، وستكون أوروبا عندئذ عرضة لموجات المطالبة بالانفصال الأمر الذي سيهدد استقرارها.

نسأل الله أن يشغلهم بأنفسهم وأن يجعل كيدهم في نحورهم…

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. يوسف سلامة – ألمانيا

 

 

2017_01_16_TLK_3_OK.pdf