التهديد بصين واحدة هو أسلوب جديد لسياسة الاحتواء
الخبر:
قال متحدث باسم الخارجية الصينية، يوم الأحد، إن سياسة الصين الواحدة أساس سياسي للعلاقات الثنائية و”غير قابلة للتفاوض” في رد على تصريحات أدلى بها الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الآونة الأخيرة.
وقال لو في بيان إنه يجب الإشارة إلى أنه لا توجد سوى صين واحدة في العالم، وأن تايوان جزء لا يتجزأ منها.
وأوضح أن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للصين، وهي “حقيقة معترف بها دوليا ولا يمكن لأحد أن يغيرها”.
التعليق:
أولاً: منذ أن قامت الثورة الشيوعية في البر الصيني وسيطرت على الأرض البرية وتمت هزيمة القوميين، وهروبهم إلى جزيرة تايوان أو الصين الوطنية أصبحت الصين على الواقع دولتين هما: الصين الشعبية والصين الوطنية التي تعرف باسم جزيرة تايوان، وهي دولة واقعة في شرق آسيا كانت جزءاً لا يتجزأ من دولة الصين الكبرى، واعتبرت عضوا مؤسساً لهيئة الأمم المتحدة وأحد الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن حتى تم تغيير الكيان السياسي وصاحب حق العضوية عام 1971 لحق جمهورية الصين الشعبية بناءً على القرار رقم 2758 والصادر عن جمعية الأمم المتحدة باعتبار جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للكيان السياسي السابق والذي عرف بجمهورية الصين الموحدة قبل نشوب الحرب الأهلية عام 1949 والتي ترتب عنها سيطرة الشيوعيين على الصين المعروفة الآن باسم جمهورية الصين الشعبية، في حين سيطر القوميون على جزيرة تايوان، منذ ذلك الوقت وتتعامل الولايات المتحدة بسياسة الاحتواء معها فقد أخرجت الصين الوطنية من الاعتراف بها إلى جهة الصين الشعبية وأعطتها مقعدا دائما في الأمم المتحدة وكان هذا أول خنجر مسموم قبلت به الصين.
ثانيا: ورد في مقال بعنوان (نحو إعادة تنظيم العالم) زبيغنيو بريجنسكي: (والحقيقة الثالثة هي أن الصين في تصاعد مستمر، وإذا كان بأكثر بطء في الآونة الأخيرة، ومساوٍ في نهاية المطاف ومنافس لأمريكا ولكنها في الوقت الحاضر حريصة على أن لا تشكل تحديا مباشرا لأمريكا. أما عسكريا، فيبدو أنها تسعى لاختراق جيل جديد من الأسلحة في الوقت الذي تعزز فيه بصبر القوة البحرية التي لا تزال محدودة جدا).
ثالثا: وورد في المقال أيضا: النجاح الاقتصادي الكبير للصين يتطلب الصبر والوعي بأن التهور السياسي سيخلق فوضى وفسادا اجتماعيا. أفضل فرصة للصين في المستقبل القريب هو أن تصبح شريكا رئيسيا لأمريكا في احتواء ذلك النوع من الفوضى العالمية الذي يمتد خارجيا (بما في ذلك إلى الشمال الشرقي) من منطقة الشرق الأوسط. وإذا لم تقم بذلك، فإن هذه الفوضى ستعم المناطق الجنوبية والشرقية في روسيا وكذلك الأجزاء الغربية من الصين. إن الأهداف الصينية الطبيعية الجيوسياسية هي توثيق علاقاتها مع الجمهوريات الجديدة في آسيا الوسطى وفي البلاد الإسلامية في جنوب غرب آسيا (وبالذات باكستان) وخصوصا إيران (آخذة بعين الاعتبار ممتلكاتها الاستراتيجية وأهميتها الاقتصادية). ولكن ينبغي أيضا أن تهدف الصين لتسوية صينية أمريكية عالمية.
وورد أيضا: (أما الصين فينبغي تحريرها من وهم اعتقادها بأن السلبية الأنانية في وجه الأزمة الإقليمية المتصاعدة في الشرق الأوسط سيكون له مردودُه المثمر سياسيًا واقتصاديًا على طموحاتها على الساحة العالمية. هذه الدفعات السياسية المتسمة بقِصَر النظر تحتاج لأن تُوجَّهَ لرؤيةٍ أكثرَ بعدًا).
وهذا يعني توريط الصين في قضايا عالمية خدمة للمشروع الأمريكي كما سبق واستخدمت الولايات المتحدة روسيا، وهذا يقتضي من أمريكا تحجيم القوة الصاعدة وإشغالها بقضايا دولية خدمة للمصالح الأمريكية واستخدام كل الأوراق لتهديد الصين في إقليمها سواء في بحر الصين أو بزيادة الإنفاق العسكري الياباني أو التهديد بفصل الصين واستخدام كل الأوراق ضدها في سياسة الاحتواء لجعل الصين لا تشكل خطرا على المصالح الأمريكية في منطقة حيوية وهي منطقة الشرق الأقصى، وأظن أن الصين ستخضع لإدارة أمريكا القادمة وقد سبق لأمريكا أن استخدمتها في إفريقيا ضد النفوذ الأوروبي كما في السودان وجزر القمر… لتخضع لإدارة الولايات المتحدة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والمالية وحرب العملات والفائض المالي وأوراق الخزينة والسندات والتجارة والملكية الفكرية… وأن لا تشكل خطرا على عملاء أمريكا هناك أو نفوذها، ولن يكون هذا إلا باستخدام كل الأوراق ضدها من أجل إخضاعها. ومن المعروف عن الصينيين ضحالة الرؤية السياسية عندهم وعدم وجود قيادات مبدئية وسياسية بل قادتها يتعاملون بعقلية التاجر الذي يسعى للربح ويتجنب المخاطرة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان /أبو البراء