الشباب المسلم في أستراليا
تضارب بين الاستيعاب والحملات الإعلانية للتكامل الوطني
(مترجم)
الخبر:
وصل التمويل الجماعي لحملة حجاب ليوم واحد في أستراليا تضامنًا مع الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب إلى 100 ألف دولار.
أُزيلت لوحة إعلانية للعيد الوطني الأسترالي، كانت تُظهر فتاتين ترتديان الحجاب من مكانها بمدينة ملبورن، بعد تهديدات للشركة التي وضعتها.
وكانت اللوحة الرقمية تُظهر صوراً متعاقبة لأشخاص من خلفيات ثقافية مُتنوّعة. أحدثت إحدى تلك الصور لفتاتين مُسلمتين أمام العلم الأسترالي، مناقشات غاضبة بين مُستخدمي المواقع الإلكترونية. إذ انتقد المئات تلك الصورة لكونها “تعتني باللياقة السياسية أكثر من اللازم” أو أنها ليست انعكاساً حقيقياً للعيد الوطني الأسترالي.
يوم الأربعاء تم تدشين حملة من قبل إدج للإعلانات لجمع تبرعات لتغطية تكلفة لافتة جديدة وحملة إعلانية مطبوعة تحمل صورًا لذات الفتاتين المحجبتين. وفي غضون سبع ساعات، جمعت الحملة ما هدفت إليه بمبلغ 50 ألف دولار ثم ارتفع ليصل إلى 100 ألف دولار لتمويل “لوحات إعلانية في جميع أنحاء أستراليا”.
وقالت السيدة ماديجان بأن الفكرة من إعادة وضع اللوحة هي أن يظهر للمجتمع بأن “الأستراليين ليسوا عنصريين رهيبين”. وقالت لـ إيه بي سي راديو ملبورن بأنها “غاضبة حقا، كانت هذه صورة لفتاتين شابتين تحتفلان بيوم أستراليا الوطني”. “أنا متعاطفة مع المجتمع المسلم، فهم ملعونون إن فعلوا، وملعونون إن لم يفعلوا”.
التعليق:
معركة لوحة الإعلانات التي ترعاها حكومة فكتوريا في يوم أستراليا الوطني والتي كان من ضمنها صورة فتاتين يافعتين مسلمتين ترتديان الحجاب وتلوحان بالعلم الأسترالي، أثارت ردود فعل متوقعة من قبل الجماعات اليمينية القومية المتطرفة كجبهة الوطنيين المتحدة وأتباعها العنصريين. تأججت نيران القومية المتعصبة على وسائل التواصل الإلكتروني ضد الفتاتين الشابتين المسلمتين ونتج عنها إزالة اللوحة التي تحمل صورتيهما، ما جعل الفتيات وعائلاتهن يعيشون حالة من الخوف وسط رد باهت من وزير الثقافة الفكتوري الذي قال “بأنه مُحبِط جداً من رؤية أقلية صغيرة تهاجم الأستراليين بسبب حبّهم لبلدهم”. هذه هي أهمية “الأقلية الصغيرة” التي جعلت الأمر يكبر حتى أصبح مسألة قضية وطنية كفنت العيد الوطني الأسترالي ووصلت إلى حد لفت أنظار وسائل الإعلام الدولية.
ردّات فعل مضادة للعنصرية اليمينية وكراهية الإسلام من قبل أنصار التعددية الثقافية ومؤيدي الاندماج استخدموا ذات الفتاتين لصالح أجنداتهم السياسية ليظهروا للمجتمع بأن “غالبية الأستراليين ليسوا عنصريين رهيبين”. ولذلك، فإن فكرة الحملة المضادة التي حُشدت وجمعت 110 ألف دولار لإعادة وضع صورة هاتين الفتاتين المسلمتين في جميع أنحاء البلاد كانت تهدف بشكل أقل إلى إظهار مشاعر “أن تكون أسترالياً” فيما كان الهدف الأكبر ألا يظهروا كعنصريين متعصبين حمقى. ومع ذلك، فإن الحملات التي تهدف إلى تشجيع الشباب المسلم على الاندماج في المجتمع تسير جنبا إلى جنب مع الحملات العنصرية التي تطالب بإدماج المسلمين.
إن الحقيقة تكمن في أن أستراليا دولة عنصرية، وبأن العنصرية عميقة وقديمة تعود للماضي القديم، سواء أكانت ضد السكان الأصليين والتي بدأت بقدوم أول أسطول للبلاد عام 1788، إلى العنصرية ضد الصينيين خلال أسيل الذهب في فترة الـ 1800، ومن ثم ضد الإيطاليين واليونانيين بعد الحرب العالمية الثانية، واللاجئين الفيتناميين والكمبوديين خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، والآن ضد المسلمين في القرن الواحد والعشرين. لذلك، فإن فكرة “الانحناء للأمام ليشمل الأمر المسلمين” ليست من سمات الموقف العنصري الأنجلو – سلتيك الأسترالي الذي يسيطر على المجتمع.
لذلك، فإن الشباب المسلم الذي يعيش في أستراليا يكافح في سبيل تنمية هويته الإسلامية في مواجهة الضغوط السياسية التي تسعى لاستيعاب أو إدماج الشباب في المجتمع وهذا أمر ليس غريباً على ما تمليه المجتمعات الليبرالية العلمانية في البلاد. إن عقم حقيقة فكرة “ملعونون إذا فعلوا، ملعونون إن لم يفعلوا” تجعل الآية القرآنية المعروفة في القرآن الكريم أكثر وضوحا لنا من أي وقت مضى. لذلك، فلتقفوا بثبات وعضّوا على هويتكم بالنواجذ أيها الشباب المسلم. فالهوية المبنية على أساس العقيدة هي التي تقنع العقل وتملأ القلب طمأنينة وتوحد قلوب المسلمين.
﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ [سورة البقرة: 120]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ثريا أمل يسنى